في وقت شهدت جبهات القتال في ليبيا جموداً واضحاً في ظل تمسك الثوار بمواقعهم في مدينة مصراتة المحاصرة شرق طرابلس واضطرارهم إلى البقاء على أبواب أجدابيا بعدما منعتهم قوات العقيد معمر القذافي من التقدم في اتجاه البريقة، تحرّكت الجهود السياسية والإنسانية على خط الأزمة الليبية التي دخلت هذه الأيام شهرها الثاني. وأعلنت الأممالمتحدة أن المبعوث الخاص للأمين العام للمنظمة الدولية إلى ليبيا عبدالإله الخطيب أبلغ الحكومة الليبية في طرابلس ضرورة التقيّد الفوري بوقف إطلاق النار بموجب قراري مجلس الأمن الرقم 1970 و1973، «كخطوة أولى في عملية سياسية تهدف إلى تلبية مطالب الشعب الليبي وتطلعاته المشروعة». وأوضحت الأممالمتحدة في بيان أن الخطيب ومساعدة الأمين العام للمساعدات الإنسانية فاليري آموس زارا طرابلس والتقيا رئيس الوزراء البغدادي المحمودي ووزير الخارجية عبدالعاطي العبيدي. وأشار البيان إلى أن آموس بحثت في تأسيس بعثة إنسانية للأمم المتحدة في طرابلس. ونقل الموفدان إدانة المجتمع الدولي لاستخدام القوة ضد المدنيين وحضا السلطات الليبية على «وقف الهجمات العسكرية فوراً، خصوصاً في مصراتة»، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية «إلى كل من هم بأمسّ الحاجة اليها». والتقى الخطيب أيضاً وزيري العدل والمال الليبيين. وجاء ذلك في وقت أعلنت بريتوريا أن الرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما اتصل هاتفياً في نهاية الأسبوع بالعقيد معمر القذافي، بعد فشل الهدنة التي فاوض في شأنها في ليبيا في إطار وفد من الاتحاد الافريقي. وقال زيزي كودوا، الناطق باسم جاكوب زوما لوكالة «فرانس برس»، إن الزعيمين تحدثا هاتفياً بعد عودة رئيس جنوب افريقيا من الصين حيث شارك في قمة للدول الخمس الكبرى الناشئة لمجموعة «بريكس» التي تضم أيضاً روسيا والهند والصين والبرازيل. وقال الناطق: «لا أستطيع أن أكشف مضمون المحادثة» التي «أجريت في نهاية هذا الأسبوع». وأعلنت مجموعة دول «بريكس» الخمس رفضها استخدام القوة في ليبيا وفي العالم العربي. وقال الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف إن قرار الأممالمتحدة الرقم 1973 يجيز تدخل تحالف دولي في ليبيا ولا يجيز الضربات التي يقوم بها الحلف الأطلسي. وزار زوما طرابلس في 10 نيسان (ابريل) مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الافريقي للتفاوض على هدنة بين القذافي والمتمردين الليبيين. ورفض هؤلاء الهدنة مطالبين بتنحي القذافي قبل أي شيء آخر. وفي بروكسيل، نقلت وكالة «رويترز» عن محللين إن حلف «الناتو» ربما لن يكون أمامه أي خيار غير تصعيد جهود الحرب في ليبيا من خلال استخدام الطائرات المروحية والسفن الحربية ضد قوات العقيد القذافي بهدف إنهاء نزف الدم في مصراتة وكسر جمود المعركة. وسيكون أكثر فاعلية عسكرياً التحوّل من استخدام الطائرات النفاثة السريعة التي تطير على علو مرتفع في الحملة الحالية إلى استخدام الطائرات القادرة على التحليق على علو منخفض، لكن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خطر وقوع إصابات في صفوف قوات «الناتو» ويزيد المخاطرة السياسية للزعماء الغربيين الذي قالوا الأسبوع الماضي إن الحملة العسكرية ستستمر حتى تنحي القذافي. وقال دانيال كيوهين من مؤسسة الأبحاث «معهد الدراسات الأمنية» في الاتحاد الأوروبي: «لقد وضعوا أنفسهم في زاوية بعدما وصفوا النصر بأنه يتمثل في رحيل القذافي»، في إشارة إلى الرسالة المشتركة للرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والتي تضمنت شرط تنحي الزعيم الليبي عن السلطة. وأضاف كيوهين: «لا أعتقد أن هناك أي طريق أخرى يمكنهم أن يسلكونها الآن. هناك ضرورة سياسية لأن يواصلوا» المهمة التي حددوها. ورأى تيم ريبلي الخبير العسكري في مجلة «جينس ديفينس ويكلي» أن المسار الحالي للعمليات التي ينفّذها حلف «الناتو» لا يترك سوى تأثير محدود على قوات القذافي. وقال إن من الواضح أن الحلف الأطلسي لا يستخدم ثقل قوته الجوية كما يجب، إذ أن قرابة 60 غارة يومياً لا تؤدي سوى إلى تدمير ما بين خمسة أهداف و15 هدفاً. أما توماس فلازفيك المحلل الدفاعي في «مركز الإصلاح الأوروبي» فقال إن تصعيد العمليات العسكرية قد يكون ضرورياً، على الأقل في المرحلة القصيرة، بهدف وقف الهجمات ضد المدنيين وممارسة ضغط بهدف الوصول إلى حل سياسي.