خفّضت مؤسسة التصنيف الائتماني الأشهر «ستاندرد أند بورز»، نظرتها المستقبلية للولايات المتحدة من مستقر إلى سالب، وعزت سبب هذه الخطوة التي تعتبر سابقة، وترددت أصداؤها الفورية في أسواق الأسهم والسندات الأميركية، إلى «اتساع الهوة بين واشنطن ونظيراتها من عواصم الدول المتقدمة في إجراءات ضبط العجز المالي ومديونياتها القياسية». ولم تفصح «ستاندرد أند بورز» في بيان أصدرته الاثنين، عن تشاؤمها إزاء مستقبل الجدارة الائتمانية للولايات المتحدة من دون سابق إنذار، إذ بادرت أخيراً وبالاشتراك مع نظيرتها «موديز» إلى تنبيه واشنطن، إلى ضرورة الإسراع في تبني خطة تتمتع بالصدقية، تعيد مديونيتها في المدى المتوسط إلى مستوى «مستدام»، بعدما ارتفعت بنسبة قياسية قدّرها صندوق النقد بنحو 30 في المئة منذ انفجار أزمة المال. وعلى رغم إبقاء «ستاندرد أند بورز» على التصنيف السيادي الممتاز ((AAA لأميركا) لتحصر تعديلها الذي لا سابق له بالسندات السيادية الأميركية الطويلة الأجل، إلا أن ذلك لم يحل دون رد فعل فوري حاد أدى إلى خسارة كل من مؤشرات الأسهم الأميركية الثلاث الرئيسة، «داو جونز» الصناعي و «ستاندرد أند بورز 500» و «ناسداك»، ما يزيد على واحد في المئة من قيمتها السوقية مع إغلاق جلسات تداول الاثنين. ولم تعترض واشنطن على بيان «ستاندرد أند بورز»، بما في ذلك تشاؤمها إزاء إمكان تبني الكونغرس المنقسم على نفسه الخطة المطلوبة لكبح جماح الدين الأميركي، بل وجد الناطق باسم البيت الأبيض جيه كارني في خطوة مؤسسة التصنيف الائتماني، عنصراً إيجابياً». وتعززت احتمالات التوصل إلى الاتفاق المرجو، عندما اقترح الرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي خطة تحقق لأميركا خفضاً تدريجياً يقتطع نحو 4 تريليونات دولار من عجزها المالي في 12 سنة. وتركزت الآمال في أن خطة أوباما وأخرى بديلة طرحها الجمهوريون لا تقل عنها طموحاً، لجهة أنها ترفع مقدار الخفض في العجز المالي إلى زهاء 5 تريليونات في 10 سنوات، يمكن أن تشكلا أرضية لحل وسط. لكن تصطدم هذه الآمال بتحديات تبدو حتى الآن عصية على التخطي مثل التباين الصارخ في أولويات الخطتين على صعيد بنود الإنفاق ومصادر الدخل المطلوب خفضها أو زيادتها لإعادة قدر من التوازن إلى الموازنة الفيديرالية، وكذلك وقوف أنصار أوباما من الديموقراطيين ومنافسيه من الجمهوريين على أعتاب سنة انتخابية. ولفت خبراء صندوق النقد إلى دور سلبي لعبه التنافس الحزبي في «تأخر» الولاياتالمتحدة عن بدء جهود مكافحة العجز المالي والدين السيادي لتكون بالتالي البلد الوحيد، إلى جانب اليابان، من بين الاقتصادات المتقدمة المتوقع أن يشهد عجزها المالي المقوم كنسبة من الناتج المحلي، تدهوراً خلال العام الحالي. وأشاروا إلى خطورة ذلك من واقع أن الناتج الأميركي يشكل 40 في المئة من النواتج المحلية للدول المتقدمة. وتوقعوا أن يساهم الحل الوسط الذي أبرمه أوباما مع الجمهوريين نهاية عام 2010، والقاضي بتمديد الخفوضات الضريبية لعامي 2001 و2003 لمدة سنتين، إلى ارتفاع عجز الموازنة الفيديرالية هذا العام، إلى 10.8 في المئة من الناتج المحلي (ما يزيد على 1.4 تريليون دولار) متدهوراً من 10.6 في المئة عام 2010. وتعتبر هذه النسبة الأعلى بين الدول المتقدمة الثلاثين ولا يقترب منها سوى اليابان (10 في المئة) وبريطانيا (8.6 في المئة).