تصاعدت اشارات الخطر بالنسبة لمدى استقرار الوضع المالي الاميركي مع تحذير مؤسسة مالية ثانية كبرى من احتمال خفض تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة عن العلامة الممتازة التي تتمتع بها حاليا، وذلك مع عدم توصل السياسيين الاميركيين لاتفاق حول كيفية خفض عجز الموازنة ومواجهة مشكلة الدين. فقد حذرت ستاندارد اند بورز من أنها قد تخفض العلامة الائتمانية الأفضل (ايه ايه ايه) التي تتمتع بها الولاياتالمتحدة حاليا على خلفية الأزمة بين إدارة الرئيس باراك اوباما وخصومه الجمهوريين حول كيفية التعامل مع العجز المالي. ويأتي ذلك بعد تحذير مؤسسة موديز من احتمال اقدامها على خطوة مماثلة. وقالت مؤسسة التصنيف النافذة "نعتقد ان الجدل السياسي حول الموقف المالي الاميركي ومسألة سقف الدين المسموح للحكومة الاميركية الاستفادة منه قد باتت اكثر تعقيدا، لذلك نرى ان تزايد احتمال عدم التوصل الى حل سياسي لوقت طويل يمكن ان يحول دون رفع سقف الاستدانة". وقالت ستاندرد اند بورز ان ثمة احتمال خمسين بالمائة على الاقل في ان تقدم على خفض درجة تصنيف الولاياتالمتحدة في غضون التسعين يوما المقبلة، ما يؤدي لرفع تكلفة الاستدانة من جانب واشنطن بشكل باهظ. واضافت المؤسسة انها ستخفض تصنيف الولاياتالمتحدة اذا خلصنا الى ان الكونغرس والادارة الاميركية اخفقا في التوصل الى حل موثوق به يعالج مسألة تضخم عبء الدين الحكومي الاميركي والى انه من المرجح ان يتوصلا الى اتفاق كهذا في المستقبل المنظور. وجاء التحذير رسميا من ان التصنيف الذهبي للوضع الائتماني للولايات المتحدة، الذي يؤكد بين أمور أخرى متانة الاقتصاد الأميركي وقدرة الولاياتالمتحدة على الوفاء بمتطلبات الدين بشكل جيد، أصبح مهددا في الوقت الذي لم يتمكن البيت الابيض والجمهوريون من الوصول الى اتفاق على خطة طويلة الامد لخفض العجز الضخم في الموازنة الاميركية. ومع بلوغ واشنطن الحد الاقصى القانوني الذي يمكنها من الاقتراض ومع مواجهتها المزيد من النفقات ومتطلبات خدمة الدين، أصر الجمهوريون على رفضهم السماح برفع سقف الاستدانة ما لم تقترح إدارة اوباما خطة لخفض العجز يقبلون بها. لكن الإدارة الأميركية حذرت من أنه ما لم يتم رفع سقف الدين الحالي وهو 14.3 تريليون دولار بحلول الثاني من اغسطس فانها ستضطر اما للتخلف عن سداد اقساط الدين القائم او خفض الانفاق خفضا ضخما يؤدي لانكماش الاقتصاد أو اتباع اجراءات تجمع بين الخيارين. ووصفت ستاندرد اند بورز احتمالات تخلف الولاياتالمتحدة عن سداد الدين بانها ضئيلة وإن كانت آخذة في التزايد. ومع ذلك حذرت الهيئة الائتمانية من انه اذا تأخرت الولاياتالمتحدة عن سداد خدمة اقساط الدين ولو لفترة وجيزة -وهو الامر المتوقع حال توصل السياسيين لاتفاق حول العجز في اللحظة الاخيرة- فقد تواجه الإدارة الاميركية خفضا جزئيا للعلامة الائتمانية ما يرفع كلفة الاقتراض. واضافت ان ستاندرد اند بورز ما زالت تتوقع أن يوافق أعضاء الكونغرس على رفع سقف الاستدانة بنهاية يوليو تجنبا لتلك العواقب. كما اشارت المؤسسة المالية الى احتمال آخر يكاد لا يقل سوءا وهو أن تضطر السلطات الاميركية لخفض اوجه الانفاق الحكومي حتى تتمكن من مواصلة الوفاء باقساط الدين. وقالت المؤسسة "اذا اضطرت الحكومة للقيام بخفض مالي مفاجئ.. فإننا نعتقد أن ذلك سيترك على الأرجح أثرا طويل الأمد يضر بثقة المستهلكين وباجواء السوق ومن ثم بالنمو الاقتصادي". واضافت ستاندرد اند بورز بالقول ان تبرير الابقاء على التصنيف الائتماني الاعلى سيتطلب من الحزبين السياسيين الوصول الى اتفاق مقنع لخطة طويلة الأمد لخفض العجز الذي تعاني منه الموازنة الاميركية. وقالت "العجز عن التوصل الى سياسة مالية موثوقة ومنضبطة لا يتفق مع استمرار التمتع بالتصنيف الممتاز ايه ايه ايه". وكان تحذير ستاندرد اند بورز قد جاء بعد يوم من تحذير مماثل من جانب مؤسسة موديز المنافسة لها متعللة بالأسباب نفسها. وفي رد فعل سريع في وقت متأخر الخميس اتفقت وزارة الخزانة الأميركية مع خطورة الوضع الذي حذرت منه ستاندرد اند بورز قائلة أن الإجراء الذي اتخذته المؤسسة وقبلها موديز بوضع التصنيف الممتاز للولايات المتحدة محل المراقبة، يؤكد "ما تقوله إدارة الرئيس اوباما منذ فترة وهو أنه لا بد من أن يسارع الكونغرس بالتحرك لتجنب تخلف البلاد عن الوفاء بالتزاماتها ولإقرار خطة موثوقة لخفض العجز يدعمها الحزبان".