في مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة الرياض ليس مهماً أن ترى "الصورة" المعلقة على الجدار كاملة، فنصفها فقط يكفي لترى صورة "المطار" نفسه كاملة، صورة أريد أن يقال من خلالها بأنه لا فرق بين حائط صامت، وحائط علقت عليه لوحة. ففي المطار يتشابه كلا الجدارين. و"مصدوم"، وصف دقيق جداً، لوصف حال الذهول التي انتابت الفنان التشكيلي حمزة باجودة حين عرضت عليه "الحياة" صوراً لجداريته في مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة الرياض وقد جُزّت إلى نصفين، نصف يصافح المغادرين بفكرة ناقصة، ونصف يختبئ خلف قاطع زجاجي هو جزء من بناء لإدارة حديثة تخص استقبال العاملات المنزليات القادمات من بلادهن لخدمة البيوت في السعودية، رأت إدارة المطار أن هذا المكان هو الأنسب لها، حتى وإن أدى إقامته إلى تشويه جدارية كلفت مالاً كثيراً دفعت للفنان حمزة قبل 30 عاماً. هذا التصرف الغريب على نحو مزعج - بحسب باجودة - «أدى إلى تشويه الجدارية، وقلل من الغرض الذي عملت من اجله»، متسائلاً في غضب: «إذا كانت تلك اللوحات التشكيلية عملت بغرض تجميل هذه المطارات، وإظهار روعة الفن السعودي، وإبراز تراث المملكة، لمستخدمي المطارات من كافة الفئات، فلما تعامل بهذه الطريقة المتجاوزة؟!»، ويضيف واصفاً ما يضج في روحه: «أنا مصدوم، ومذهول مما حدث، خصوصاً أن الأعمال الفنية هي تراث الأمة، وتحمل قيمها، ولها دلالتها، ولا ينبغي في أي حال من الأحوال التفريط فيها أو المساس بها، فضلاً عن تشويهها، وعدم تقديرها». ويمضي في القول: «ما حصل يدل على عدم الوعي بأهمية الاعمال الفنية، ويكرس في الوقت نفسه انطباعاً سيئاً لدى زوار المطار ومرتاديه، ويبرزنا في مظهر متخلف، وينم عنا بأننا لا نولي الاعمال الإبداعية أدنى ذرة اهتمام»، لافتاً إلى أن موقع الجدارية هو في مدخل صالة المغادرة الدولية»، وهو ما يعني أن معظم مستخدمي هذا المدخل من الأجانب الذين قد يرون في هذا التصرف عملاً مستهجناً لا يليق بمطار بحجم ومكانة مطار الملك خالد الدولي». وبحدة يشي ظاهرها بباطنها المترع بالغضب، يعود باجودة لطرح سؤال جارح: «كيف تنفق إدارة المطار مئات الألوف على عمل رائع مثل هذا ثم يشوه بهذه الطريقة المؤذية للذوق العام؟!»، مذكراً أن الجدارية «تساوي الآن أضعاف أضعاف ما انفق عليها آنذاك»، وبحسرة لا تكف عن زفر تأففها على الوضع الذي آلت إليه لوحته يقول: «العمل الفني يستغرق وقتاً وجهداً من الفنان لإنجازه، وهو ثمرة إبداعه، وبمثابة ابن من أبنائه، هكذا يشعر كل فنان، فإذا لم يقدر بسبب جهل جاهل، وتصرف طائش، فهذا والله مما يحز في النفس». مناشداً إدارة المطار إزالة هذا الحاجز، أو نقل الإدارة المستحدثة إلى مكان آخر، أو نقل الجدارية إلى موقع أفضل «أتوجه إلى كل مسؤول في مطار الملك خالد بالنظر في الموضوع من جميع زواياها الجمالية، والذوقية، والإنسانية، والعمل على تصحيح هذا الخطأ الفادح». ويصرّ باجودة على أن الفنان التشكيلي لا حماية له، ولا لحقوقه الفكرية والأدبية «هذه حقيقة يجب الاعتراف بها، والعمل على تصحيحها، خصوصاً في عصر اتسم بثقافة الصورة، وما تحمله من مضامين ودلالات، وليس من شيء أدل على ضياع حقوق الفنان التشكيلي أوضح من الاعتداء على لوحتي الذي يبدو أنه حدث منذ فترة طويلة من دون أن يحرك احد ساكناً». واللوحة موضع التشويه ليست الوحيدة للفنان حمزة باجودة في مطار الملك خالد أو المطارات الدولية الأخرى، إذ تعلق على احد جدران المطار نفسه جدارية منسوجة في الصالة الملكية، إضافة إلى أعمال مطبوعة أخرى. كما أن له جدارية من السيراميك في مطار الملك عبدالعزيز، وأخرى في مطار الملك فهد. وهو ما يشرحه بقوله: «أنا فنان من الرعيل الثاني في المملكة وشاركت في فعاليات مهمة، من بينها المساهمة ضمن كوكبة من أشهر الفنانين السعوديين في أول مشروع تجميلي في المملكة، المتعلق بتجميل المبنى الرئيسي للحرس الوطني بمنطقة خريص بالرياض».