أمّنت المحكمة العليا غطاءً قانونياً للانقلاب الأبيض الذي نفذه الجيش، مطيحاً رئيس زيمبابوي روبرت موغابي، إذ اعتبرت أن ما فعله كان شرعياً. لكن خبراء حذروا من أن ذلك يشكّل سابقة خطرة تتيح للجيش التدخل مجدداً في الحياة السياسية. وكان الجيش تدخل قبل نحو أسبوعين، بعدما أقال موغابي نائبه إمرسون منانغاغوا، تمهيداً كما يبدو لتخلفه زوجته غريس التي كانت على عداء مع قياديين ناضلوا مع موغابي ضد الاستعمار البريطاني، ومع المؤسسة العسكرية. ورأى القاضي في المحكمة العليا جورج تشويشي، وهو جنرال متقاعد، أن الإجراءات العسكرية ل «التدخل لوقف الاستيلاء» على مهمات موغابي «من المحيطين به، هي دستورية وقانونية». وأضاف أن هذه التدابير ضمنت «ألا يمارس أفراد غير منتخبين سلطات لا يمكن أن يمارسها إلا مَن تم انتخابه»، في إشارة واضحة إلى غريس موغابي. واعتبر القاضي أن إقالة موغابي منانغاغوا ليست قانونية، علماً أن الأخير أدى الجمعة القسم الدستوري رئيساً لزيمبابوي، وهو الثاني منذ استقلالها عام 1980، إذ حكم موغابي 37 سنة. لكن خبراء قانونيين ومدافعين عن حقوق الإنسان انتقدوا قرارات القاضي، كما ندد بها حلفاء مقربون من موغابي وزوجته. وكتب وزير التعليم العالي جوناثان مويو على موقع «تويتر»: «إذا كانت هذه الأوامر الصادرة عن المحكمة العليا في هراري، تمثّل ما يُقدّم بوصفه مساراً جديداً، أرجو الصلاة من أجل زيمبابوي». ورأى مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» لمنطقة أفريقيا الجنوبية ديوا مافهينغا أن قرار المحكمة «لا يُصدق»، وكتب على «تويتر»: «حكمان مدهشان. قضاء غريب ومخطوف؟». أما المحامي أليكس ماغايسا، فنبّه إلى أن قرارات القاضي «قد تطارد حكومة منانغاغوا»، إذ شكّلت سابقة في «إضفاء طابع قانوني على تدخل عسكري في شؤون الحكومة». وتابع: «أيّدت المحكمة رؤية الجيش بأن تدخله في شؤون السلطة التنفيذية أمر مسموح به وقانوني. هذه سابقة خطرة تعرّض الحكومة إلى خطر نفوذ الجيش». إلى ذلك، مثل وزير المال السابق إغناتيوس تشومبو أمام محكمة لمواجهة اتهامات بالفساد، بعدما اعتقله الجيش لدى انقلابه على موغابي. وهذه المرة الأولى التي يظهر فيها تشومبو، منذ توقيفه قبل أسبوعين. ولم تظهر عليه آثار إصابات واضحة وبدا هادئاً وتحدث مع شرطيين يحرسونه في فترة استراحة المحاكمة. وكان لافمور مادهوكو، محامي تشومبو، قال إن موكله أُدخل مستشفى الجمعة لعلاجه من جروح أُصيب بها نتيجة ضربه أثناء احتجازه. وأضاف مادهوكو أن اتهامات الفساد واستغلال النفوذ الموجهة إلى تشومبو تعود إلى فترة توليه منصب وزير في حكومة محلية، قبل أكثر من 10 سنين. وكان تشومبو عضواً في جناح في الحزب الحاكم يُعرف ب «جي 40»، كان محسوباً على غريس موغابي. ويدعو أنصار لمنانغاغوا إلى التحرّك ضد هذا الجناح.