واشنطن - أ ف ب، يو بي آي - أعلن البنك الدولي أن النمو في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط قد يتراجع في العام الحالي بالنسبة الى عام 2010، نتيجة الاضطرابات السياسية في المنطقة. وحذّر رئيس القسم الاقتصادي فيه، جاستن لين، من أن النمو في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يدفع ثمناً باهظاً، نتيجة الثورات والاضطرابات التي تشهدها المنطقة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي عرض فيه نتائج تقرير جديد للبنك الدولي حول النزاعات والنمو: «تشير تقديراتنا الى أن الانعكاسات بالنسبة لدول مثل مصر وتونس قد تكون تراجعاً بنحو ثلاث نقاط في النمو الاقتصادي، أما في سائر دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فإن الانعكاسات قد تقترب من 2,4 نقطة». وكان البنك الدولي أشار في توقعاته الاقتصادية الصادرة في كانون الثاني (يناير) الماضي، إلى نمو الناتج الداخلي الإجمالي في المنطقة من 3,3 في المئة عام 2010، الى 4,3 في المئة في العام الحالي. غير أن المنطقة شهدت بعد صدور هذه التوقعات سقوط رئيسين، التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، نتيجة ثورتين شعبيتين، كما يدور نزاع ضارٍ في ليبيا، وتجري تظاهرات تقابل بالقمع في عدد من الدول العربية الأخرى. وتوقع لين أن «تكون العواقب بالنسبة للنمو العالمي محدودة»، وأضاف: «إذا تأثرت أسعار النفط والإمدادات النفطية بشدة، عندها قد نشهد انعكاسات أكبر... النزاعات والأمن ليست من المواضيع الاعتيادية التي يتناولها البنك الدولي وغيره من المؤسسات الإنمائية الدولية، لكنها على ارتباط وثيق بالتنمية». إلى ذلك، أعلن البنك الدولي في تقرير «التنمية في العالم عام 2011: الصراع والأمن والتنمية»، أن حوالى 1.5 بليون شخص يعيشون في مناطق تعاني من دوامات متكررة من العنف السياسي والإجرامي، ولم يفلح حتى الآن أي من البلدان الهشّة المنخفضة الدخل، أو المتأثرة بالصراعات، في تحقيق أي من الأهداف الإنمائية للألفية. وأشار الى أن حلّ المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعوّق التنمية وتدخل الدول الهشّة في دوامات لا تنتهي من العنف، يتطلب تعزيز المؤسسات الوطنية وتحسين سبل الحكم الرشيد بوسائل تعطي الأولوية لتوفير أمن المواطن والعدالة وفرص العمل. وأظهر أن ما لا يقل عن 1.5 بليون شخص ما زالوا متأثرين إما بأحداث عنف جارية، أو بما خلّفته من آثار. وبيّن كيف يتفاقم ما يتسم به القرن الحادي والعشرين من «عنف منظّم، بفعل طائفة من الضغوط المحلية والدولية، كالبطالة بين الشباب وصدمات الدخل والتوترات بين المجموعات العرقية أو الدينية أو الاجتماعية المختلفة، وشبكات التجارة غير المشروعة». وأظهرت دراسات استقصائية لآراء المواطنين التي أجراها فريق إعداد التقرير، أن «البطالة كانت أهم العوامل على الإطلاق»، وذكرت باعتبارها سبباً للانضمام للعصابات ولحركات التمرّد، وان أخطار العنف تزداد عندما يصاحب شدّةَ الضغوط، ضعفُ القدرات أو الافتقار إلى الشرعية لدى المؤسسات الوطنية الأساسية، كما يحصل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من اضطرابات. وتابع التقرير أن وجود مؤسسات شرعية قادرة أمر بالغ الأهمية، لأنها التي تستطيع التوسّط لتخفيف الضغوط، التي لولاها لأدت إلى موجات متكرّرة من العنف وعدم الاستقرار. ويضيف التقرير أن أكثر من 90 في المئة مما شهده العقد الأول من القرن الجديد من حروب أهلية وقع في دول سبق أن شهدت حرباً أهلية خلال السنوات الثلاثين السابقة، وفي أماكن أخرى، وكثيراً ما يتقوض ما حققته عمليات السلام من مكاسب بفعل ارتفاع مستويات الجريمة المنظّمة، ومع تخلّف الدول التي تضرب فيها جذور العنف كثيراً، عن ركب التنمية، حيث ترتفع معدلات الفقر فيها أكثر من 20 نقطة مئوية، في المتوسط، عن غيرها. ورأى أن وقف دوامات العنف المتكررة يتطلب تعزيز المؤسسات الشرعية القادرة وتحقيق الحكم الرشيد، معتبراً أن لا بد من بذل جهود مدروسة لبناء ائتلافات سياسية «تشمل نطاقاً أوسع من فئات المجتمع لحشد تأييد وطني أوسع للتغيير». وطرح التقرير مجموعة من الأدوات التي ثبتت فعاليتها في دول قامت بعمليات تحوّل ناجحة لبناء الثقة بين المواطنين والدولة. وتشمل هذه الأدوات وضع تدابير لتعزيز الشفافية، وإقرار اعتمادات خاصة بالموازنة من أجل الفئات المحرومة، والقيام بتعيينات جديدة تحظى بالصدقية في المناصب المهمة، وإزالة القوانين التمييزية، إضافة إلى تقديم التزامات ذات صدقية ضمن أطر زمنية واقعية للإصلاح في الأمد الأطول. وحدد التقرير خمسة برامج عملية على المستوى الوطني للربط بين الإسراع في بناء الثقة وبين التحوّل المؤسساتي ذات الأمد الطويل، منها مساندة البرامج المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية التي تستهدف مَنع العنف، وتوفير فرص العمل وتقديم الخدمات وإتاحة القدرة على تحقيق العدالة، المحلية وتسوية النزاعات في المناطق غير الآمنة. وأشار الى ضرورة وضع برامج لإحداث تحوّل في مؤسسات الأمن والعدالة بطرق تركز على الوظائف الأساسية وتدرك الروابط القائمة بين عمل الشرطة والعدالة المدنية وشؤون المالية العامة.