تأخذ المشاريع ومسلسلات تعثرها وبطئها وتأخرها حديثاً خجولاً حتى وإن بدأ جريئاً في البداية من أجل أهداف مثالية وطموحات مأمولة، وتكشف يوماً بعد يوم أجهزة الدولة الرقابية عن خلل متواصل، وتعثر مستمر كان آخره الإعلان المفزع عن تعثر ستة آلاف و47 مشروعاً تنموياً ووجود 42 بليون ريال كمبالغ مستحقة للخزينة العامة للدولة من عام 1400 وحتى عام 1425ه، وكذلك كشف النقاب عن عدد من المشاريع المعتمدة منذ سنوات ماضية من دون أن يتم البدء في تنفيذها. بودي أن أضع سيلاً من علامات الاستفهام، ومثلها من علامات التعجب إلى آخر نقطة في المقال، فسيكون في رص العلامات واحداً تلو الآخر ما يكفي لأن نستوعب ما يحدث لدينا، ويتم مقابلته بالصمت أو التجاهل وأحياناً التمرير السريع الخاطف لموضوع آخر. ما هو شرعي ومنطقي أن نعرفه: أين يكمن السبب بالضبط؟ هل هو أمن في العقوبة؟ أم استهتار بالمال العام؟ هل يتمركز الخلل في ديناصورية بعض المسؤولين وقراراتهم الارتجالية، وعدم تزحزحهم من المكان إلا بالموت أو التقاعد ورفضهم الاستجابة لأي تساؤلات أو الانصياع لأمر أو قرار؟! الحديث عن عجز الأنظمة - لقِدَمَها طبعاً - عن ضبط الواقع وتجاوز المعضلات أمر مفروغ منه، والمشاهدات اليومية تكشف عن أوجاع منذ سنوات طويلة لم تستيقظ فينا بعد جرأة إيقاف نموها وتضاعف أورامها على امتداد الخريطة الوطنية. يستحيل أن تلتقي ولو بمواطن عادي لتسأله عن أين ينام الخلل فلا يمنحك إجابة تستوقفك وتجبرك على أن تضعها في أولويات أسباب إهدار المال العام وقصر النظر - إن لم يكن غيابه - في مشاريع الدولة، ولنعود من الآن إلى ما كشفت عنه أجهزة الرقابة ونتأكد هل نحن نسير في الطريق الصحيح؟ وإن لم نكن نعرف - والأرقام تتحدث - فلا بد أن نحسب كم نبعد عن الطريق الصحيح؟ أو أين نقف بالضبط على الطريق الخطأ؟ حالة واحدة وقريبة من المستحيل تلغي جل ما كتب هنا، وهي أن يكون ما تقدمه أجهزة الرقابة من حقائق ومعلومات غير صحيح، ففي هذه الحال نقول بفطرة وطيبة تلقائية: «لماذا لا تبادر الجهات الحكومية للدفاع عن نفسها وإيضاح الحقائق المستترة والمختفية؟ وإلا فإني أطالب الجهات الرقابية بالكشف عن الجهات بالمسمى ومشاريعها بالتفاصيل حتى نعرف من النائم، ولماذا نام طويلاً من دون أن يوقظه أحد؟! بتنا - وللحق - نفقد الرغبة في التقاط الكلمات المناسبة في بعض الأحيان، أو وضع اليد على الجرح مباشرة لا لعجز في القدرات والإمكانات، وإنما لأن هناك حال من التوهان والضياع وغياب أوراق الحلول المتناثرة، وعَجْزِنا التام في أيهما نختار من هذه الأوراق وبأيهما نبدأ؟! المكشوف قابل للتضخم وسنجبر على معالجته سطراً سطراً، وريالاً ريالاً، وسيكون العلاج مضاعفاً ومستنزفاً للمال والقدرات، وفوق كل هذا متأخراً كثيراً لأن الورم الذي سنقاوم ونقوم بعلاجه واستئصاله أسهمنا يوماً ما في أن يأخذ الشكل والمساحة التي يريدها ونحن صامتون. [email protected]