أعلنت حكومة إقليم كردستان قبولها تفسير المحكمة الاتحادية مادة دستورية تؤكد عدم شرعية الاستفتاء على الانفصال، وسط ترحيب أميركي، فيما لوّحت كتل نيابية كردية بالانسحاب من العملية السياسية إذا استمرت بغداد في رفض الحوار. ويرى مراقبون في موقف الحكومة الكردية قبولاً بشرط رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلغاء نتائج الاستفتاء، قبل الدخول في حوار لحل الخلافات. وجاء في بيان لحكومة كردستان: «تأكيداً لإلزام الإقليم بالبحث عن حل الخلافات بطرق دستورية وقانونية، وانطلاقاً من موقفنا المرحب بكل المبادرات في هذا الاتجاه وفي مقدمها مبادرة آية الله العظمى السيد (علي) السيستاني، وبعض الشخصيات العراقية، والدول الصديقة للشعب العراقي حول العودة الى الدستور لحل الخلافات، ومن هذا المنطلق، نحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا المادة الأولى من الدستور، وفي الوقت ذاته نؤكد إيماننا بأن يكون ذلك أساساً للبدء بحوار وطني شامل لحل الخلافات من طريق تطبيق كل المواد الدستورية بما يضمن حماية الحقوق والسلطات والاختصاصات الواردة في الدستور باعتبارها السبيل الوحيد لضمان وحدة العراق المشار إليها في المادة المذكورة». وكانت المحكمة أجابت، في السادس من الشهر الجاري، عن سؤال الأمين العام لمجلس الوزراء الاتحادي حول تفسير المادة الأولى من الدستور والمتعلقة بشأن قانونية الاستفتاء، وأكدت أن «المادة تخلو من أية إشارة إلى انفصال مكون من العراق، باعتباره دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة، والدستور ضمان لوحدة البلاد». وعلى الفور علق مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي بريت ماكغورك في حسابه على «توتير»، مرحباً بالموقف الكردي قائلاً: «هذا بيان مهم وواضح من حكومة الإقليم لتفسير المادة الأولى من الدستور»، وجاء تعليقه بعد أن كان نشر صورة له مع مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة كردستان فلاح مصطفى، مؤكداً أنه «شيء عظيم، أن ألتقي صديقي القديم، وأن نناقش أهمية وحيوية العلاقة القوية بين اربيل وواشنطن، في إطار الدستور العراقي». وبالتزامن، ردّت المحكمة طعن محافظ كركوك السابق نجم الدين كريم (كردي) بإقالته من منصبه بقرار من البرلمان»، على ما أفاد الناطق باسم المحكمة، إياس الساموك، الذي أوضح أنها «ردت الدعوى لأن قرار الإقالة كان إدارياً وليس تشريعياً ليمكن النظر». ويؤكد مسؤولون أن الاتصالات لم تنقطع بين حكومتي اربيل وبغداد عبر قنوات عدة لتذليل العقبات التي تعرقل المفاوضات لحل الأزمة التي خلفها استفتاء الأكراد على الانفصال أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، في شقيها العسكري والسياسي، إذ يرفضون تسليم المعابر الحدودية إلى القوات الاتحادية ويطالبون بالشراكة في إدارتها، وهذا ما ترفضه الحكومة، كما ترفض خوض مفاوضات مباشرة حول النفط والموازنة، قبل أن يعلن الأكراد «بعبارة صريحة واضحة» إلغاء نتائج الإستفتاء. وتضغط الإدارة الأميركية على الطرفين للجلوس الى طاولة المفاوضات واستغلال الهدوء عند خطوط التماس في المناطق المتنازع عليها لحلحلة الأزمة، إلا أن مسؤولين في بغداد يتهمون الأميركيين بالتراجع عن مواقفهم السابقة و «الانحياز» إلى الأكراد خصوصاً في ملف تسليم المعابر. وأكد رؤساء الكتل الكردية التي تقاطع جلسات البرلمان الاتحادي، عقب اجتماع مع رئاسة برلمان الإقليم أنهم سيكلفون حكومتهم «البدء بالحوار مع بغداد حول الحقوق الدستورية والأحادية للإقليم». وأوضحوا في بيان أن «الانسحاب من العملية السياسية سيبقى خياراً مفتوحاً في حال رفضت بغداد الحوار»، وأعربوا عن «دعمهم النواب الأكراد في بغداد الذين يواجهون دعوى بتهمة الترويج للاستفتاء وأن تؤدي المحاكم دورها بحيادية». وأدرج مجلس النواب في جلسته أمس «تقرير اللجنة التي تتابع هذه المسألة بطلب من النائب كامل الزيدي». وحذر نائب رئيس كتلة «التغيير» (الكردية) أمين بكر الحكومة من «فوضى كبيرة وخطيرة لا تحمد عقباها تعمق الأزمة الآنية، في حال عدم تعديل مسودة قانون الموازنة الاتحادية بالشكل الذي يسمح باحتواء الأزمات وإنصاف الشعب الكردستاني»، في إشارة إلى خفض حصة الإقليم من 17 في المئة إلى أقل من 13 في المئة. ودعا مستشار مجلس أمن الإقليم مسرور بارزاني خلال اجتماعه بسفير الاتحاد الأوروبي في بغداد رامون كاساس المجتمع الدولي إلى «التدخل لإنجاح الحوار بين اربيل وبغداد وإنهاء الأزمة في شكل سلمي، وضمان عدم تكرار اللاعدالة التاريخية، إزاء حقوق شعب كردستان وقطع الطريق أمام زيادة حدة التوتر بين الطرفين». في بغداد، أعلنت الحكومة في بيان أن العبادي «بحث مع رئيس البعثة الدولية إلى العراق يان كوبيتش في إجراءات بسط السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها والمطارات والمنافذ الحدودية وثوابت الحكومة في هذا المجال»، ونقل عن العبادي قوله أن «هذه الإجراءات في مصلحة مواطنينا الأكراد».