تشهد الأزمة الليبية خلال الساعات المقبلة أول دخول أفريقي على خط جهود التهدئة، إذ يصل وفد من قادة الاتحاد الافريقي برئاسة رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما إلى طرابلس اليوم للقاء العقيد معمر القذافي والبحث معه في مخرج للأزمة المستمرة منذ قرابة شهرين. وليس واضحاً تماماً شكل الصيغة التي سيحملها إلى القذافي أعضاء لجنة الوساطة التابعة للاتحاد الافريقي - رؤساء جنوب افريقيا والكونغو ومالي وموريتانيا واوغندا - الذين كانوا قد عقدوا اجتماعاً أمس في نواكشوط قبل انتقالهم إلى طرابلس، ولاحقاً إلى بنغازي. لكن يُعتقد بأن الأفارقة سيركّزون على ضرورة الوقف الفوري للنار بين قوات الزعيم الليبي والثوار. ويأتي دخول الاتحاد الافريقي على خط الأزمة الليبية قبل اجتماع ستعقده في الدوحة يوم الأربعاء لجنة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا، حيث يُتوقع أن تعلن تركيا خريطة طريق للسلام في ليبيا تتضمن وقف النار وفتح ممرات «إنسانية» للمدن المحاصرة في غرب ليبيا وبدء عملية انتقال ديموقراطي. وأثارت خريطة الطريق التركية امتعاض الثوار الذين أخذوا عليها عدم تضمنها شرط رحيل القذافي عن الحكم. وأعلنت الجامعة العربية أمس انها ستعقد الخميس المقبل، بعد يوم من اجتماع الدوحة، مؤتمراً حول ليبيا يشارك فيه خصوصاً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون. وفي موقف لافت، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) اندرس فوغ راسموسن في حديث الى مجلة «دير شبيغل»، يُنشر الاثنين، أن «لا حل عسكرياً للنزاع في ليبيا» وانه ينبغي البحث عن حل سياسي. ويؤكد كلامه على ما يبدو وجود اقتناع بدأ يسري في عواصم الدول الغربية بأن لا إمكان في المرحلة الحالية لإطاحة حكم العقيد القذافي، وبأن الثوار ليسوا قادرين على حسم الأمور عسكرياً على رغم المساعدة الواضحة التي يقدمها لهم الغطاء الجوي الذي يوفره حلف «الناتو». ولعل أوضح مثال على ذلك ما حصل أمس على جبهة البريقة في شرق ليبيا. إذ شن الثوار هجوماً واسعاً منطلقين من مناطق قريبة من أجدابيا في اتجاه البريقة التي يفصل بينهما قرابة 80 كلم. لكنهم ما كادوا يُحققون تقدماً على الأرض في اتجاه البريقة حتى فاجأتهم في منتصف الطريق قوات القذافي التي جاءت في عربات عبر الصحراء وأرغمتهم على التقهقر مجدداً في اتجاه أجدابيا. وعلى رغم أن وكالات الأنباء المختلفة تحدثت فقط عن قصف استهدف ضواحي أجدابيا نفسها وعن حركة نزوح منها، إلا أن قناة «الجزيرة» الفضائية قالت إن قوات القذافي «دخلت» المدينة بعدما قصفت مشارفها الغربية «مما يهدد بفتح الطريق للزحف على بنغازي معقل المعارضة». وأوضحت أن قوات الزعيم الليبي «دخلت أجدابيا من الجهة الجنوبية وقصفت مدخلها الغربي»، وتحدثت عن «معارك شوارع» تجري فيها. واضطرت قوات القذافي إلى الإنسحاب من أجدابيا الأسبوع الماضي بعد قصف رهيب تعرضت له على مدى أيام من طائرات حلف «الناتو». وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس وصول سفينة اسناد للمستشفى الرئيسي في مصراتة، شرق طرابلس، تحمل ما يكفي من الأدوية والمواد والتجهيزات الطبية لاسعاف 300 جريح في المكان. وقالت اللجنة إنها تأمل بارسال المزيد من المساعدات خلال الأيام المقبلة. ونقلت وكالة «رويترز» عن الثوار في مصراتة ان ثمانية من مقاتليهم قتلوا في الاشتباكات التي وقعت على الطريق المؤدية الى الميناء الذي يسيطر عليه المعارضون أمس. وقال مقاتل عرّف نفسه بأنه «مصطفى عبدالرحمن» إن حلف شمال الاطلسي كثّف ضرباته الجوية ضد القوات الحكومية التي تحاصر مصراتة. وقال: «ينبغي أن أقول ان قوات حلف شمال الاطلسي تغيرت منذ (أول من) أمس ونحن نشعر بتغيير ايجابي. لقد قصفوا أربعة مواقع على الأقل تسيطر عليها قوات القذافي في مصراتة». وفي طرابلس، عرض التلفزيون الليبي صوراً للعقيد معمر القذافي خلال تفقده مدرسة جيل الوحدة في منطقة زناتة في العاصمة. وهو أول ظهور علني للقذافي منذ خمسة أيام.