في ظل ما يشهده العالم العربي من ثورات واحتجاجات مطالبة بالحرية، يبرز دور وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة، هذا الدور الذي يتم تطويعه سلباً أو إيجاباً ضد أو لمصلحة هذه الثورات والاحتجاجات. ومنذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة المصرية كان لوسائل الإعلام دورها البارز في أحداثها، ففي حين تعرضت هذه الثورة للتشويه المتعمد من وسائل إعلام حكومية أو قريبة من النظام المصري السابق، وقفت أخرى إلى جانبها منذ البداية مؤيدة ومقدرة لنتائجها. ولعبت الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام دوراً في تسليط الضوء على أحداث الثورة حتى تنحي الرئيس حسني مبارك. وبرزت الدعوة للمطالبة بتحرير وسائل الإعلام المصرية بكل أشكالها من الرقابة والتبعية للنظام. ومن هذا المنطلق أخذ مجموعة من الشبان المتحمسين على عاتقها تجسيد هذه الرغبة والدور الذي يأملونه في وسائل الإعلام عبر مبادرة لإنشاء أول كيان إعلامي مستقل بعد الثورة، وأطلق «راديو التحرير»، وهو محطة إذاعية تبث عبر الإنترنت، وهي محطة تفاعلية، ممولة بالجهود الذاتية وفق ما يقول مؤسسوها، وتهدف إلى التعبير عن القضايا المطروحة على الساحة المصرية بعد الثورة. وفي حفلة أقيمت في ساحة «غاليري تاون هاوس» وسط القاهرة أعلن رسمياً عن بدء البث التجريبي للمحطة. واستطاع الحاضرون الاستماع إلى نماذج من البرامج التي ستبثها عبر موقعها على الإنترنت، والتي تضم نشرات أخبار تقدمها أصوات شابة تمارس التجربة الإذاعية للمرة الأولى، وأغنيات وطنية وعاطفية واجتماعية، وأصوات أخرى لم تكن تعرف طريقها إلى الإذاعات الرسمية المصرية، لأسباب عدة. كان الاستلهام أساساً من فكرة الإذاعة الميدانية التي أنشئت بطريقة تلقائية أثناء فترة الاعتصام في ميدان التحرير، بمعرفة المعتصمين بأدوات بسيطة وتقليدية للغاية، لتكون صوتاً مسموعاً في أرجاء الميدان. ويعتبر مؤسسو «راديو التحرير» أن مشروعهم هو امتداد لتلك الفكرة في الأساس. يقول وائل عمر أحد الشباب المؤسسين للمحطة: «إن فكرة المحطة الإذاعية التفاعلية برزت إلى الوجود بعد تنحي مبارك، ما اعتبرناه بداية حقيقية لعصر جديد، تتشكل ملامحه مع مرور الوقت، وكان علينا المساهمة في صوغ ما يحدث. فالثورة أكبر بكثير من مجرد إزالة طاغية، بل هي شرارة لبعث جديد للدولة المصرية التي تتوق لاسترداد مكانتها الحضارية مرة أخرى. فالجميع يريد لهذه الدولة أن تتغير نحو الأفضل، والجميع لديه مطالب ووجهات نظر وأفكار، لذا فقد تم التفكير في هذه المحطة كمنصة حرة لتقديم هذه المطالب ووجهات النظر المختلفة وإيجاد الحلول للمشكلات والعقبات التي تعترض هذه الأحلام والطموحات، فلم يعد هناك مجال للتراجع مرة أخرى إلى الوراء، فالتغيير أصبح حتمية لا رجوع عنها ولا تهاون فيها». ويضيف: «نحن مجموعة من الموسيقيين والفنانين والأصدقاء، هدفنا منذ البداية توصيل الأصوات غير المسموعة إلى الجمهور المصري وإلى العالم، ومشروعنا لا يهدف إلى الربح ولن تكون له أهداف ربحية في المستقبل. هدفنا أن تظل شعلة الثورة متوهجة حتى تحقق أهدافها المرجوة، واتجهنا إلى الإنترنت كساحة واسعة الانتشار كان لها دور بارز في الثورة المصرية، ويمكن الاستماع إلى صوت الراديو من خلال موقعنا على «الإنترنت» والتواصل معنا أيضاً عبر «فايسبوك» و «تويتر». ويشجع الراديو الأصوات الراغبة في الحديث على توصيل وجهات نظرها، عبر آليات مختلفة تتبلور ملامحها مع الوقت. وينتظر أن تبث المحطة برامج تغطي المواضيع الخاصة بالمواطنة وبالبطالة والدعم الاجتماعي والتمايز الطبقي وغيرها. وسيتمكن المستمعون أيضاً من الاستمتاع بالموسيقى التي أبدعها فنانون، بما في ذلك الأسماء المشهورة مثل «وسط البلد»، و «نغم مصري»، إلى الأصوات غير المعروفة لفنانين واعدين.