توقع المصرف المركزي المغربي ومصارف تجارية خاصة في تقريرين، استمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية والغذائية في السوق الدولية على مدى العام الحالي، بسبب الأوضاع السياسية التي تمرّ فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتغيرات مناخية غير مساعدة تدفع في اتجاه زيادة الطلب على الغذاء العالمي. وفي الحالتين، سيتضرّر الاقتصاد المغربي من ارتفاع الأسعار الدولية، ورفع مستوى الإنفاق على حماية القدرة الشرائية للمواطنين عبر زيادة نفقات صندوق المقاصة أكثر من 40 بليون درهم (خمسة بلايين دولار)، لدعم الأسعار الأساسية. وأشارت مصادر حكومية، إلى أن الرباط تدرس فكرة التأمين للحماية من تقلبات الأسواق الدولية خصوصاً مواد الطاقة، التي تجاوزت 30 دولاراً للبرميل كتوقعات أولية لأسعار النفط، وكانت حددتها الحكومة ب 75 دولاراً للبرميل قبل أن ترتفع الى أكثر من 110 دولارات الشهر الماضي. ورأى التقرير أن من الصعب التحكم بالأسعار الدولية حالياً، ما يزيد الضبابية في شأن حجم النفقات الحقيقية لصندوق المقاصة الذي يمكن أن تتحمله الموازنة العامة، التي كانت تحدد نفقات دعم الأسعار بين 1.5 و 4.5 في المئة من الناتج خلال الأعوام 2004 - 2010. فيما تتجه حماية الأسعار اليوم إلى تجاوز عتبة ال 5 في المئة من الناتج، ما يمكن أن ينعكس على التوازنات المالية. وفي حال استمرار تجاوز سعر النفط مستوى 100 دولار وهو الاحتمال القائم حالياً، تقترب كلفة التحملات لدعم الأسعار من 50 بليون درهم (6 بلايين دولار)، وهي مبالغ كبيرة مقارنة بالأرقام المعلنة سابقاً وكانت حددت التحملات ب 17 بليوناً، ثم أضافت إليها 15 بليوناً بعد الأحداث التي اندلعت في عدد من الدول العربية. وعلى عكس معظم دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، لا يستفيد المغرب من ارتفاع أسعار الطاقة، بل تنعكس عليه زيادة في أعباء الاستيراد، وارتفاعاً في عجز ميزان التجارة الخارجية الذي يستنزف بدوره الاحتياط الوطني من العملات الصعبة. وكانت فكرة الحماية من تقلبات الأسعار، طُرحت أثناء مناقشة موازنة هذا العام، على اعتبار أن لجوء الدولة إلى سبل لحمايتها من تقلبات الأسعار الدولية، ربما يقلص الأثر المالي السلبي على الموازنة. وطُرح اقتراح إسناد مهمات التأمين الى مصارف بريطانية، منها «باركليز بنك» الذي نظّم العام الماضي تجميع بليون يورو لمصلحة الخزينة العامة. لكن ترى الحكومة أن هذه التكاليف لم تكن مبررة قبل الأزمة، وبات مفيداً اعتماد وسائل مالية للحماية من تقلبات الأسعار الدولية، في مقدمها النفط الذي يجر معه بقية الأسعار، ومعها عجز الموازنة الذي سيرتفع بدوره نصف نقطة إضافية الى 4 في المئة من الناتج المحلي.