طرابلس، أجدابيا - رويترز، أ ف ب - فر آلاف المدنيين والثوار بعد ظهر أمس من مدينة أجدابيا باتجاه الشمال نحو بنغازي معقل الثوار بعد إشاعات عن تقدم قوات العقيد معمر القذافي. وتكدست أسر بكاملها في سيارات وشاحنات في أجدابيا وانضمت إلى شاحنات الثوار للهرب باتجاه مدينة بنغازي على بعد أكثر من 160 كلم إلى الشمال. وقال مقاتل من المعارضة إن قوات القذافي قصفت مدخل أجدابيا، مشيراً إلى أن «الناس انسحبوا لأن قوات القذافي قصفت البوابة». وكانت القوات الموالية للقذافي استعادت المدينة من الثوار منتصف آذار (مارس) الماضي، لكن الثوار سيطروا عليها مجدداً في 25 من الشهر الماضي بفضل سلسلة غارات جوية للتحالف الدولي بدأت في 19 منه. وفي مصراتة، دارت أمس مواجهات بين الثوار والقوات الموالية للقذافي في ضواحي المدينة التي لا تزال تحت سيطرة الثوار. وقال ناطق باسم المعارضة إن «الوضع هادئ في وسط المدينة التي لا نزال نسيطر عليها. لكن مواجهات تجرى حول المدينة. ويمنع الثوار قوات القذافي من التقدم في المدينة». وأضاف أن «مرفأ المدينة كان هدفاً لصواريخ قوات القذافي التي تريد منع وصول المساعدات إلى المدينة». وأوضح أن قوات التحالف شنت غارات على قوات القذافي خارج المدينة. وأعلنت المعارضة أن قوات القذافي قتلت خمسة أشخاص وجرحت 25 أول من أمس حين قصفت مناطق تسيطر عليها المعارضة في المدينة. وباتت مدينة مصراتة التي يقصفها الجيش النظامي منذ شهر ونصف الشهر، محط أنظار المجموعة الدولية. ودعت الأممالمتحدة إلى وقف للمعارك حول المدينة، للتمكن من إيصال المساعدات الى السكان المدنيين وإفساح المجال أمامهم للرحيل هرباً من المعارك. ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «دعوة عاجلة إلى وقف فوري للاستخدام العشوائي للقوة العسكرية ضد السكان المدنيين». وعبر بان عن قلقه الشديد إزاء تدهور الوضع الإنساني للمدنيين في المدن التي تتعرض لهجمات عسكرية بما في ذلك مصراتة والبريقة والزنتان. وقال إن «الظروف في مصراتة خطيرة مع تقارير تشير إلى استخدم الأسلحة الثقيلة لمهاجمة المدينة حيث السكان عالقون ولا يمكنهم بسبب القصف العنيف المستمر منذ أسابيع، تلقي الإمدادات الأساسية مثل المياه النظيفة والمواد الغذائية والأدوية». ودعا القذافي إلى الالتزام بدعوات مجلس الأمن لوقف النار ووقف العمليات ضد المدنيين. إلى ذلك، أكد مسعفون أن غارة جوية شنتها طائرات حلف شمال الأطلسي قتلت خمسة على الأقل من أفراد المعارضة قرب ميناء البريقة أمس. وقال معارضون مصابون نقلوا إلى المستشفى في أجدابيا إن موقعهم تعرض لقصف جوي خارج الميناء الذي تدور حوله المعارك. وأوضح مقاتل مصاب يدعى يونس جمعة: «كان هجوماً جوياً من حلف شمال الأطلسي علينا. كنا قرب عرباتنا بالقرب من البريقة». وجلس بعض المقاتلين يبكون في ردهات المستشفى. وقال أحدهم ويدعى سالم مسلات: «كنا نقف إلى جوار دباباتنا حين أطلق حلف الأطلسي صاروخين نحونا. إنهم كاذبون... هم في صف القذافي». وأشار الطبيب عثمان الفيتوري إلى أن سيارات الإسعاف قرب موقع المقاتلين تعرضت لهجوم صاروخي من القوات الحكومية عقب الضربة الجوية. وأعلن حلف شمال الأطلسي أنه يحقق في تفاصيل الهجوم الجوي على طابور دبابات قرب البريقة. وقال في بيان إن قتالاً ضارياً دار على مدى أيام في المنطقة قرب البريقة. وأضاف أن «الموقف غير واضح ويتسم بالتغير السريع حيث تتحرك الأسلحة الميكانيكية في كل الاتجاهات»، مشيراً إلى أنه يبحث في التفاصيل المحددة للحادث. وتابع: «الأمر الذي سيظل واضحاً هو أن حلف شمال الأطلسي سيواصل تنفيذ تفويض الأممالمتحدة وضرب القوات التي يمكن أن تسبب أذى للسكان المدنيين في ليبيا». وفي بيان منفصل، نفى الحلف قصف المنشآت النفطية في حقل السرير المهم في جنوب شرقي ليبيا. وأكد أن اتهام القذافي له بالمسؤولية عن حرائق في حقول السرير النفطية «غير صحيح». واتهم الجنرال شارل بوشار قائد العملية التي أطلق عليها اسم «الحامي الموحد» قوات القذافي بذلك. وقال: «نعلم أن قوات القذافي هاجمت تلك المنطقة خلال الأيام الماضية ما أسفر عن حريق على الأقل في منشأة نفطية شمال السرير». وأضاف أن «محاولة إلقاء المسؤولية على الحلف الأطلسي تدل بوضوح على مدى يأس النظام»، مؤكداً أن الحلف «لم يشن أبداً غارات جوية على تلك المنطقة لأن قوات (القذافي) لا تهدد المناطق الآهلة بالمدنيين انطلاقاً من تلك المنطقة... المسؤول الوحيد عن الحريق هو نظام القذافي لأننا نعلم أنه يريد منع وصول النفط الى (ميناء) طبرق» الذي يسيطر عليه الثوار. وكان مساعد وزير الخارجية خالد الكعيم اتهم مساء أول من أمس القوات البريطانية بشن «غارة على حقل السرير النفطي وقتل ثلاثة من حراس الموقع وجرح شخص آخر يعمل فيه»، كما أكد أن الغارة خلفت خسائر مادية لا سيما في الأنبوب الذي ينقل النفط الى ميناء طبرق من حقل السرير الذي يعتبر الأهم في البلاد ويحتوي على أكبر احتياطي من النفط. لكن مسؤولاً نفطياً في المنطقة التي يسيطر عليها المعارضون قال إن قوات القذافي هي التي هاجمت حقل السرير. وقال المدير الإعلامي في «شركة الخليج العربي للنفط» الليبية عبدالجليل معيوف رداً على سؤال عما ذكرته طرابلس من تعرض الحقل لهجوم جوي بريطاني: «لا... هذا ليس صحيحاً. لم تحدث ضربة جوية. قوات القذافي هاجمت هذه المنطقة». واعتبر الناطق باسم المعارضة مصطفى الغرياني أن «من الحماقة أن نعتقد أن البريطانيين فعلوا ذلك. بصمة السيد القذافي واضحة». وفي طرابلس، قال أحد السكان إنه رأى أمس طائرة تحلق في أجواء المدينة ثم سمع دوي انفجارين. وأضاف الساكن الذي كان يتابع الأمر من سطح منزله: «كانت هناك طائرة تحلق في الأجواء ثم وقع انفجاران... كان الثاني قوياً». وأشار إلى أن الانفجارين وقعا في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً (التاسعة والنصف بتوقيت غرينتش). في غضون ذلك، فر وزير الصناعة الليبي السابق عمر فتحي بن شتوان من مدينة مصراتة المحاصرة إلى مالطا على متن قارب صيد، لينضم إلى المنشقين عن النظام. وقال بن شتوان الذي كان أمين اللجنة الشعبية العامة للصناعة والكهرباء والمعادن من 2004 إلى 2006 إن «القذافي لا مستقبل له الآن». واتهم الزعيم الليبي وعائلته بتلقي رشاوى كبيرة من صناعة النفط، مؤكداً أن بلايين الدولارات ما زالت «مخبأة» على رغم العقوبات الدولية. وتابع بن شتوان الذي كان أحد أقطاب اللجان الثورية أن أعضاء آخرين في النظام يريدون الانشقاق عن القذافي، لكنهم «يشعرون بخوف كبير». وقال: «لا يوجد أحد من الوزراء مع النظام. إنهم يريدون القيام بما قام به موسى كوسة لكنهم لا يستطيعون ذلك خوفاً على أسرهم».