أعدّ الرئيس الصيني شي جينبينغ استقبالاً غير عادي «لا يُنسى» لنظيره الأميركي دونالد ترامب في «المدينة المحرمة» أمس. وقد يتيح ذلك للجانبين أجواء مرنة لمحادثات تتطرّق إلى ملفات شائكة، أبرزها كوريا الشمالية والفائض التجاري الصيني الضخم مع الولاياتالمتحدة. (راجع ص7) ووصل ترامب إلى بكين أمس، في زيارة تستغرق يومين، آتياً من سيول حيث شنّ هجوماً عنيفاً على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ووصف بلاده ب «جحيم لا يستحقه أحد». واعتبر أن السلاح النووي الذي يطوّره يجعل نظامه «في خطر جسيم»، مستدركاً أنه مستعد ليعرض على كيم «طريقاً نحو مستقبل أفضل بكثير». ودعا ترامب «كل الدول المسؤولة»، بينها الصين وروسيا، إلى «توحيد قواها لعزل النظام الوحشي في كوريا الشمالية»، علماً أن مسؤولاً بارزاً في البيت الأبيض ذكر أن ترامب سيطالب بكين بقطع روابطها المالية مع بيونغيانغ والتزام عقوبات مجلس الأمن. لكن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ذكّر بأن بلاده لم تدعم أبداً فرض حظر كامل على كوريا الشمالية. وأعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن هناك «احتمالاً كبيراً لعقد اجتماع» بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا- المحيط الهادئ» (أبيك) في فيتنام نهاية الأسبوع. أما المستشار الديبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، فذكّر بأن «بوتين وترامب سيكونان في غرفة واحدة»، وزاد: «لذلك فإن لقاءهما منطقي. هناك ملفات للنقاش، بدءاً بسورية وانتهاءً بكوريا الشمالية». ورحّب أطفال لوّحوا بأعلام صينية وأميركية، بترامب وزوجته ميلانيا في المطار، حيث استقبلهما أبرز الديبلوماسيين الصينيين يانغ جيتشي. ونُقل الزوجان مباشرة إلى «المدينة المحرمة»، وهي مقرّ قصور أباطرة الصين القدامى ومدرجة على مواقع التراث العالمي المسجلة لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). وتناول ترامب وميلانيا الشاي مع شي جينبينغ وزوجته بينغ ليوان في «المدينة المحرمة» التي أُخليت من السياح، وحظي الرئيس الأميركي بجولة خاصة في المدينة، شملت حضور عرض أوبرا صينية. وبسط الرئيس الصيني لنظيره الأميركي سجاداً أحمر حتى في «المدينة المحرمة»، علماً أن مرافقته ترامب في جولته تُعتبر خطوة تكريم نادرة، ما يؤكد معاملة «زيارة دولة وأكثر»، التي وعدت بكين ترامب بها. ورجّح شي جينبينغ خلال الجولة أن تسفر الزيارة عن نتائج «إيجابية ومهمة»، فيما قال ترامب وهو يسير مع نظيره الصيني: «نمضي وقتاً رائعاً». وكتب على موقع «تويتر»: «نيابة عن ميلانيا وعنّي، أشكركما على بعد ظهرٍ ومساءٍ لا ينسيان في المدينة المحرمة في بكين، الرئيس شي والسيدة بينغ ليوان». وكان ترامب هنأ الرئيس الصيني على تحقيقه «نصراً سياسياً عظيماً»، بعد تجديد قيادته الحزب الشيوعي الصيني ورئاسته البلاد. كما مهدت «ديبلوماسية كرة الطاولة» لزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون التاريخية بكين عام 1972، ساهمت حفيدة ترامب، أرابيلا كوشنر (5 سنوات)، في مدّ جسور بين الولاياتالمتحدةوالصين، إذ عرض ترامب على شي جينبينغ تسجيلاً مصوراً لأرابيلا وهي تغني بلغة المندرين وتقرأ شعراً صينياً من نصّ للفيلسوف كونفوشيوس، فأثنى الرئيس الصيني على أدائها، معتبراً أن مستواها في اللغة الصينية يستحق علامة ممتاز. وأعرب عن أمله بأن تزور الصين قريباً، مذكّراً بأنها «نجمة» في بلاده، علماً أن تسجيلاً لأرابيلا وهي تقرأ شعراً صينياً انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الصين، بعد فترة وجيزة على انتخاب ترامب العام الماضي. وأبرمت شركات أميركية وصينية في بكين أمس نحو 20 اتفاقاً تجارياً قيمتها 9 بلايين دولار، تمهّد لمراسم «أكثر أهمية» اليوم، علماً أن البيت الأبيض ينتظر توقيع الجانبين هذا الأسبوع عقوداً قيمتها تتجاوز 250 بليون دولار، كما أفادت شبكة «بلومبرغ». وأعلن وزير التجارة الأميركي ويلبور روس أن «معالجة الاختلال في التجارة مع الصين كانت المحور الأساس للمناقشات بين ترامب وشي جينبينغ، إذ يشكّل تحقيق معاملة عادلة ومتبادلة للشركات هدفاً مشتركاً».