أصدر وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان مذكرة تفصيلية في شأن قانون حظر النقاب في الأماكن العامة. وهدف مذكرة غيان هو إرشاد رجال الأمن إلى كيفية تطبيق القرار، وإبلاغ كل من ترتدي زياً يخفي ملامح وجهها في الأماكن العامة، بأنها معرضة لمحضر ضبط، وغرامة مقدارها 150 يورو، أو الالتحاق بدورة تدريب على المواطنية، وفقاً لما يقرره القضاة المختصون. تخيَّل موقف المرأة المسلمة التي اختارت النقاب، اذا وجدت ان الحكومة الفرنسية تنظر إليها بهذه الطريقة المتعالية والمهينة. هذا القانون العنصري الذي أقِر في 11 تشرين الأول (أكتوبر)، واجه اعتراضات واسعة، ورأى بعض المسلمين الفرنسيين انه يهدف الى إثارة المسلمين، والتمييز ضدهم، فضلاً عن انه لا يستحق كل هذا الاهتمام، نظراً الى ان عدد المنقبات في فرنسا لا يتجاوز ثلاثة آلاف امرأة، على أقصى تقدير... وهو الأمر الذي فرض جدلاً واسعاً في الأوساط الفرنسية والأوروبية حول جدواه، ناهيك عن انه يتعارض مع مبدأ حرية الفرد، وتقاليد البشر. لذلك اعتقد بعضهم بأن باريس لن تنفذ القانون، بخاصة انها ستواجه مشكلة في فصل الصيف مع نساء منطقة الخليج، ولكن واضح ان فرنسا أصبحت رهينة اليمين المتطرف وباتت تواقة الى إذكاء حال العداء بين المسلمين والغرب. لا شك في ان توقيت الإعلان عن بدء تنفيذ قانون حظر النقاب، سيزيد أزمة باريس مع المسلمين في كل أنحاء العالم، ويحرّض على الكراهية ضدها. فرنسا تتصدر الدول المشاركة في الحرب الجوية على ليبيا، وتشارك بحماسة لا تُحسَد عليها في قتل مدنيين، بدعوى حمايتهم، وهي لا تحتاج أسباباً أخرى لكرهها. وخلال وقت قصير ستحتل فرنسا صورة واشنطن في المنطقة، وربما سعت، لاحقاً، الى تبني حملة لتحسين صورتها، كما فعلت أميركا بعد الحرب على العراق، لكن مهمة الفرنسيين ستكون اصعب، وسيدركون متأخرين ان قانون حظر النقاب فُرِض في الوقت الخطأ. الأكيد ان صورة فرنسا في العالمين العربي والإسلامي بدأت تلتحف بالسواد، فضلاً عن ان ذاك القانون الأحمق سيُصعّب مهمتها في ليبيا. فالدولة التي تتدخل في خصوصيات المسلمين، وتهزأ بتقاليدهم، لا يمكنها ان تدّعي انها تحميهم، ولكن يبدو ان فرنسا قررت نزع النقاب عن صورتها الحقيقية.