استمعت محكمة جنايات الجيزة أمس إلى مرافعة النيابة في قضية اتهام وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالتربح وغسل الأموال، وطالبت النيابة في مرافعتها بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم، بينما قررت المحكمة برئاسة القاضي محمدي قنصوة استكمال الجلسة اليوم لسماع مرافعة الدفاع. واستهلت النيابة المرافعة بتقديم مذكرة واردة من «وحدة مكافحة غسل الأموال» في البنك المركزي المصري، تضمنت تحريات هيئة الأمن القومي حول الاشتباه في قيام العادلي بغسل الأموال. وذكرت التحريات أنه لا تتوافر معلومات كافية عن أسباب تحويلات مالية تمت في حساب العادلي. وأثناء مرافعة النيابة طلب رئيس المحكمة القاضي محمدي قنصوة من المتهم الوقوف وعدم الجلوس داخل قفص الاتهام. وقال له: «يجب أن تظل واقفاً ولا تجلس. ليس من قبيل التذنيب ولكن لضرورة المشاركة في القضية»، ثم أمر بإعطاء المتهم ورقة وقلماً لتسجيل ملاحظاته على ما تبديه النيابة من وقائع منسوبة إليه. وبحسب اتهامات النيابة، فإن «جمعية النخيل» التابعة لصندوق إسكان ضباط الشرطة خصصت 1500 متر مربع ب «منتجع النخيل» في القاهرةالجديدة الى حبيب العادلي الذي قام ببيع قطعة الأرض المخصصة له خوفاً من تجاوز المهلة المسموح له بالبناء فيها واستخراج الرخصة في تلك الأرض طبقاً لتعليمات إدارة الجمعية. واتهمت النيابة العادلي بتكليف مرؤوسيه من الضباط بسرعة إيجاد مشترٍ للأرض، وبالفعل تم اللجوء إلى محمد زوبعة صاحب شركة مقاولات أسندت إليه وزارة الداخلية مشروعات، مما اعتبرته النيابة تربحاً من الوظيفة العامة وصفقة قام بها العادلي بالتنسيق مع الشاهد الأول صاحب الشركة. وتناولت النيابة تهمة غسيل الأموال من طريق تجزئة المبلغ المتحصل عليه وهو 4.5 مليون جنيه، عبر دفع 250 ألف جنيه كمقدم تعاقد نقدي، ثم إيداع بقية المبلغ بحساب المتهم ببنك مصر فرع الدقي وذلك لإخفاء مصدر تلك الأموال، كما سدد مشتري الأرض محمد فوزي بقية المتأخرات المالية عن مخصصات البيع نيابة عن الوزير والتي تقدر ب 89 ألف جنيه. وقالت النيابة إن العادلي تربح شخصياً، موضحة أن الشاهد عمرو عدس قال في التحقيقات إن الوزير الأسبق طلب منه إيجاد مشتر لأرض تخصه بأعلى سعر، وإن المتهم على يقين بأن المشتري على علم بأن قطعة الأرض تخص وزير الداخلية حبيب العادلي. واستعرضت النيابة أدلة ثبوت جريمة التربح وغسل الأموال المبنية عليها، وذلك من خلال عرض الوقائع التي تحتويها أوراق الدعوى، حيث أكدت النيابة خلال مرافعتها أن هناك ضغوطاً مورست على المشتري الذي قال في التحقيقات: «أنا دفعت كاش لازم طبعاً.. ده وزير الداخلية». واختتمت النيابة مرافعتها بالقول: «نحن في ملحمة من الفساد التي أصابت هذا الوطن المنكوب، لكي الله يا مصر». وطالبت بتوقيع أقصى العقوبة المقررة قانوناً ضد العادلي، وهي السجن المشدد 7 سنوات والغرامة. ثم استمعت المحكمة لمرافعة المدعين بالحق المدني والذين انضموا إلى النيابة العامة في مواد الاتهام وطالبوا برد المبلغ، وضم تهمة الرشوة طبقاً لنص المادة 115 مكرر من قانون العقوبات حتى يكون المتهم عبرة لغيره، وصمموا على الادعاء بطلب تعويض ب 50 مليون جنيه على أن يصرف نصفها لشهداء الثورة ونصفها الآخر لإنشاء وزارة لمكافحة الفساد. من ناحيته، قال رئيس هيئة الدفاع عن العادلي المحامي فريد الديب إن تصرف العادلي لا تشوبه شائبة، وإن ما حدث من وقائع منسوبة إليه ليس لها أي ظل في أوراق الدعوى، مؤكداً أن عملية البيع تمت على سبيل المجاملة وليس التكليف، كما تدعي النيابة العامة، بين العادلي كوزير للداخلية ومرؤوسيه. وأبدى الديب دهشته مما ورد في قرار الإحالة من تهم، مؤكداً أن الصدفة وحدها هي التي جعلت رئيس أكاديمية الشرطة اللواء عماد حسين هو نفسه رئيس «جمعية النخيل» لإسكان ضباط الشرطة. وشدد الديب على أن هذه الجمعية تخضع لقانون الإسكان وليس لوزير الداخلية. كما أكد المحامي عدم توافر عنصر سوء النية لدى موكله عندما طلب من الشاهد وضع المبلغ في حسابه الخاص بالبنك. وعلى الصعيد نفسه، أرجأت محكمة جنايات القاهرة محاكمة وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، والرئيس السابق لمؤسسة «أخبار اليوم» الصحافية محمد عهدي فضلي، ورجل الأعمال ياسين منصور (هارب) ورجل الأعمال وحيد متولي يوسف (إماراتي الجنسية - هارب) في قضية اتهامهم بالإضرار المتعمد بالمال العام والتصرف في أراضي الدولة بالمخالفة للقانون إلى جلسة الغد للاستمرار في سماع أقوال الشهود بالقضية. واستمعت المحكمة خلال جلستها إلى أقوال مجموعة من الشهود من مؤسسة «أخبار اليوم» والجهاز المركزي للمحاسبات ومباحث الأموال العامة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والذين أكدوا جميعاً في شهاداتهم أمام المحكمة وجود تجاوزات شابت بيع قطعة أرض مساحتها 113 فداناً كانت خصصت لمصلحة المؤسسة الصحافية بغية إنشاء مساكن للعاملين لديها. وأشار الشهود إلى أن بيع الأرض كان بثمن بخس وأقل كثيراً من قيمتها السوقية، وبالمخالفة للقانون، حيث إن الأرض لم تكن مملوكة بالكامل لمؤسسة «أخبار اليوم» وإنما خصصت لصالحها فقط. وكان الاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (ممثل وزارة الإسكان) أن تحصل مؤسسة «أخبار اليوم» على الأرض من دون مقابل مادي، نظير نسبة 16 في المئة من الوحدات السكنية التي ستشيد، غير أن المؤسسة الصحافية تصرفت في الأرض كما لو كانت ملكاً لها وقامت ببيعها من دون الرجوع لهيئة المجتمعات العمرانية.