أصدرت محكمة جنايات الجيزة بضاحية التجمع الخامس أمس حكمها في قضية اتهام وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي، بالتربح وغسل وتبييض الأموال.. حيث عاقبت المحكمة العادلي بالسجن لمدة 12 عاماً وبغرامات مالية كبيرة بلغت جملتها قرابة 25 مليون جنيه. واستغرقت الجلسة 5 دقائق فقط وغاب عنها الدفاع. وجاءت تفصيلات الحكم بمعاقبة العادلي بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات وعزله من وظيفته كوزير للداخلية، وتغريمه مبلغ 4 ملايين و853 ألف جنيه، مع إلزامه برد مبلغ مساوٍ له وذلك في إطار تهمة التربح.. كما عاقبته المحكمة بالسجن لمدة 5 سنوات أخرى وتغريمه مبلغ 9 ملايين و26 ألف جنيه، على أن يتم مصادرة المبلغ المضبوط موضوع تهمة غسل الأموال والبالغ 4 ملايين و 513 ألف جنيه. ورفضت المحكمة الدعاوى المدنية التي كان أقامها محامون بغية الحصول على تعويضات مالية من العادلي، وألزمتهم بسداد رسومها ومصاريفها. وتم إدخال حبيب العادلي قفص الاتهام قبل دقائق من وصول هيئة المحكمة منعا لأي احتكاكات مع المتواجدين بالقاعة وخشية وقوع مشادات لفظية مع أي من جمهور القاعة، التي اكتظت بالصحافيين ومندوبي وسائل الإعلام وقوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة. واستهل القاضي محمدي قنصوه الحكم بقوله "بعد الاطلاع على المواد المقررة من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات وقانون غسل الأموال وقانون المرافعات والقانون المدني".. لينطق بعدها بالحكم. الحبيب العادلي. «الرياض» واستقبل العادلي الحكم بهدوء شديد ولم يعقب عليه، فيما أسرعت قوات الأمن بإخراجه من قفص الاتهام وترحيله سريعاً في عربات الترحيلات التابعة لقطاع مصلحة السجون بوزارة الداخلية، إلى محبسه في سجن مزرعة طره.. حيث سيرتدي ملابس السجن الزرقاء المخصصة لنزلاء السجن المدانين بعقوبات جنائية، بدلا من ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء التي كان يرتديها طوال فترة محاكمته. وقال مصدر قضائي مطلع إن العادلي لديه فرصة للطعن على الحكم أمام محكمة النقض (أعلى سلطة قضائية مصرية) والتي إما أن تؤيد الحكم ليصبح نهائيا وباتا غير قابل للطعن عليه مجددا بأي صورة من صور التقاضي.. أو أن تقضي بإلغاء حكم الجنايات وإعادة إجراءات محاكمته من جديد أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات الجيزة لتصدر حكما جديدا سواء بالإدانة أو البراءة. وكانت النيابة العامة أحالت العادلي للمحاكمة بعدما أسندت إليه قيامه خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وحتى 7 فبراير (شباط) الماضي، وبصفته موظفا عاما (وزيرا لداخلية مصر)، بالحصول لنفسه على منفعة من أعمال وظيفته، بأن أصدر تكليفاً إلى مرؤوسيه بالوزارة وكذلك المسؤولين عن إدارة جمعية النخيل التعاونية لبناء إسكان ضباط الشرطة، وأيضاً لأكاديمية الشرطة، بسرعة العثور على مشترٍ لقطع أرض مخصصة له بمنتجع النخيل، بأعلى سعر، وقبل انتهاء المهلة المقررة له للبناء فيها. وأشارت النيابة إلى انه تم بالفعل بيع قطعة الأرض لمحمد فوزي محمد يوسف نائب رئيس شركة (زوبعة) للمقاولات والتجارة، والمسند إليها بناء مشروعات لوزارة الداخلية، على نحو حقق لوزير الداخلية السابق منفعة قدرها 4 ملايين و850 ألف جنيه .. حيث ارتكب العادلي تهمة غسل أموال متحصلة من جريمة التربح من خلال إيداعه لذلك المبلغ بحسابه ببنك مصر فرع الدقي، لإخفاء حقيقة هذه الأموال. يشار إلى أن رئيس المحكمة القاضي الشهير محمدي قنصوه، باشر العديد من قضايا الرأي العام، حيث نظر أثناء توليه رئاسة محكمة جنايات القاهرة، قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، وأصدر بحق المتهمين فيها، رجل الأعمال المعروف هشام طلعت مصطفى، وضابط الشرطة السابق محسن السكري، حكما بإعدامهما شنقاً، كما أصدر قنصوه أحكاما مشددة بالسجن في قضية توريد أكياس الدم الملوثة لوزارة الصحة والتي تورط فيها البرلماني البارز عن الحزب الحاكم سابقاً هاني سرور، وقضية توريد مبيدات زراعية مسرطنة إلى وزارة الزراعة الذي دان فيها المتهمين بعقوبات قاسية، وغيرها من قضايا الرأي العام في مصر والتي جاءت الأحكام بالإدانة فيها رادعة ومشددة للغاية. وكانت المحكمة باشرت محاكمة العادلي على مدى 4 جلسات، استغنى فيها دفاع العادلي عن سماع أقوال شهود الإثبات ضد الوزير السابق، وهم مجموعة من الخبراء في مجالات مكافحة غسل الأموال ومحرري المحضر الخاص بالقضية.. فيما طالبت النيابة العامة في مرافعتها بالقضية بتوقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها قانوناً بحق العادلي بعدما استعرضت وقائع الاتهام المسند إليه، واصفة القضية بان كل ورقة فيها "هي حالة من حالات الفساد" . يذكر أن حبيب العادلي يحاكم بجانب 6 من كبار القيادات الأمنية بوزارة الداخلية أيضا أمام محكمة جنايات القاهرة على ذمة قضية إصداره أوامر بقتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير، بما يشكل جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحداث حالة من الإنفلات الأمني بصورة متعمدة، الأمر الذي كان من شأنه إشاعة الفوضى وبث الذعر بين المواطنين، وستنظر المحكمة ثاني جلسات القضية في 21 مايو (أيار) الجاري. كما سيمثل العادلي كمتهم في ذات اليوم 21 مايو بصحبة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير المالية السابق يوسف بطرس غالي (هارب) أمام محكمة الجنايات في قضية تتعلق بإهدار 92 مليون جنيه من أموال الدولة، من خلال إسناد صفقة لبيع اللوحات المعدنية لمركبات السيارات إلى شركة ألمانية بالأمر المباشر ودون إجراء مناقصة الأمر الذي مثل مخالفة جسيمة للقانون وكبد الدولة مبالغ زائدة قدرتها اللجان الفنية المختصة بأكثر من 92 مليون جنيه.