للمرأة مكانة عظيمة في الإسلام فقد عامل الإسلام المرأة على أنها شريكة الرجل في الحياة، قال تعالى في سورة النساء: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً ». ولمّا كانت المرأة مخاطبة بالتكاليف الشرعية شأنها شأن الرجال، فهي مسؤولة عن صلاتها وصيامها وقراءة القرآن وغيره من أمور دينها، وقيامها بشرائع دينها يلزمه العلم المنافي للجهل، ومن هنا أكد الدين الإسلامي في مواضع عدة على أهمية العلم والتعلم، قال تعالى في سورة الزمر: « قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ». وللمرأة كذلك حقها في التمكين والمعاملات المالية وتعد أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من أبرز النماذج النسائية في هذا الشأن. كما أن قيادتنا الرشيدة منذ توحيد المملكة سنة 1351ه على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- شجعت على تعليم المرأة حيث كانت تنتشر الكتاتيب النسائية في عدد من المدن في المملكة، وفي عهد الملك سعود بن عبد العزيز تم إقرار إنشاء (معهد الكريمات) للبنات عام 1371ه، وهي أول مدرسة شبه رسمية في نجد للفتيات، التي افتتحت عندما قرر الملك سعود تعليم بناته في قصر المربع، كما انضم إليها العديد من أفراد الأسرة والشعب. وتطويرا لذلك وبعد المرسوم الملكي الذي أصدره الملك سعود بإنشاء مدارس لتعليم البنات في السعودية والذي نشر تاريخ 21 ربيع الثاني عام 1379ه، قرر تنظيم تعليم الفتيات، حيث أصدر أمر ملكي في عام 1380ه بإنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات لتتولى الإشراف المباشر على مدارس البنات، وبتأسيسها كانت انطلاقة التعليم النظامي للفتيات بميزانية بدأت بمليوني ريال، وأمر -رحمه الله- بفتح المدارس في المدن، والهجر، والقرى، في حين وفرت "جامعة الملك سعود" التي أُنشئت عام 1377ه أول فرصة للفتاة السعودية للالتحاق بالتعليم العالي داخل المملكة، حيث سمحت للفتاة عام 1381ه بالانتساب للجامعة من خلال كلية الآداب والعلوم الإدارية، وتوالت بعد ذلك الجامعات في فتح المجال للراغبات من البنات في مواصلة تعليمهن بنظام الانتساب، وفي عام 1390ه قامت "الرئاسة العامة لتعليم البنات" بإنشاء أول كلية خاصة بالبنات، وهي كلية التربية بالرياض لتنطلق بعدها مسيرة تعليم البنات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه حاليا. وصولا إلى دعم قيادة المملكة اليوم وفي عهد الملك سلمان -حفظه الله- لتمكين المرأة السعودية بعد تعليمها، فقد صرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بأن المرأة السعودية باتت اليوم شريكاً للرجل السعودي في تنمية الوطن دون تفرقة وركزت رؤية المملكة 2030 على تمكين المراة كما أكد ولي العهد -حفظه الله- على دعم النساء بقوله: «أنا أدعم السعودية ونصف السعودية من النساء لذا أنا أدعم النساء» وساهمت الرؤية في ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل؛ حيث سجلت المرأة السعودية نسبة مشاركة بلغت 35.4 % في الربع الثاني من العام 2024م، مقارنة بنسبة 19.3 % في الربع الرابع من العام 2016م، وتجاوز هذا الارتفاع مستهدف الرؤية التي كانت تسعى لرفع نسبة مشاركة المرأة إلى 30 %؛ مما يعكس الجهود الكبيرة المبذولة من قِبَل الحكومة لتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن الدور الآن بيد المرأة السعودية فهي في مرحلة ذهبية لم تمر على النساء من قبلها يجب أن تكون على وعي بدورها ومكانتها مع تمكينها، فهي أساس المجتمعات ومربية الأجيال وصانعة الحضارة والأساس في بناءا وازدهار الأوطان، وهي التي تشكل نصف المجتمع الذي يربي ويعلم النصف الآخر، ومن هنا تبرز أهمية تعليم المرأة واكتسابها القيم والمهارات والمعارف لتمكينها على جميع الأصعدة ومن ثم تمكنها من تنشئة المواطن والنهوض بالأوطان، وكما قال أحمد شوقي: "العلم يرفع بيتا لا عماد له .. والجهل يهدم بيت العز والشرف".