أكد حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو أن المهاجر الأوزبكي سيف الله سايبوف الذي نفذ عملية دهس باستخدام شاحنة صغيرة مستأجرة في مسار للدراجات الهوائية قرب مركز التجاري العالمي في منطقة مانهاتن السفلى في نيويورك، وقتل 8 أشخاص على الأقل وجرح 11، ارتبط بتنظيم «داعش» واعتنق التطرف بعد وصوله إلى الولاياتالمتحدة عام 2010. واعتبر عدد القتلى صغير مقارنة بهجمات مشابهة حصلت العام الماضي في فرنسا وألمانيا، علماً أن شابة قُتِلت وجرح 22 في عملية دهس نفذها عسكري سابق «مختل» على رصيف بميدان «تايمز سكوير» في 22 أيار (مايو) الماضي. لكن هذا الهجوم يعتبر الأكثر دموية في نيويورك منذ اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 التي حصدت 2600 قتيل. ويعود الهجوم الإرهابي الأخير في نيويورك إلى 17 أيلول (سبتمبر) 2016، حين زرع شاب أميركي من أصول أفغانية يدعى أحمد رحيمي، عبوتين ناسفتين في حي تشلسي فانفجرت واحدة فقط، ما أسفر عن إصابة 30 شخصاً بجروح طفيفة. ووصف الحاكم كيومو المهاجم سايبوف (29 سنة) الذي أصابته الشرطة برصاصة ونُقِل إلى المستشفى، بأنه «جبان منحرف ونموذج للذئب المنفرد في ظل عدم وجود دليل يشير إلى وجود مؤامرة أوسع نطاقاً أو خطة أكبر»، مشيراً إلى أن سجل المهاجم الذي يعمل سائقاً لدى «أوبر»، يتضمن سوابق ومراقب من الشرطة. كما نقل كيومو عن مصادر قريبة من التحقيق قولها إن «المهاجر ترك رسالة مكتوبة بايع فيها داعش». واعتبر كيومو أن «نيويورك مستهدفة منذ أيلول 2001، لكننا سنعيش حياتنا، ولن نسمح بأن يتغلب الإرهاب علينا». ولدى تفقده الموقع، قال رئيس بلدية نيويورك الديموقراطي بيل دي بلازيو: «إنه يوم عصيب جداً على نيويورك التي نطالب سكانها بتوخي اليقظة أكثر من العادة، والإبلاغ عن أي أمر مريب». وقاد سايبوف الذي يُقيم في باترسون بولاية نيوجيرزي، وهي مركز صناعي يبعد نحو 40 كيلومتراً من مانهاتن ويقيم فيها نحو 150 ألف مهاجر بينهم نحو 30 ألف مسلم، الشاحنة بسرعة مئة كيلومتر في الساعة، ودهس خلال بضع ثوانٍ جميع من كانوا في المسار وبينهم أجانب. ثم اصطدمت الشاحنة بباص مدرسي وتوقفت قبل أن يخرج المهاجم هاتفاً «الله أكبر» ويلوّح بما بدا أنهما بندقيتان، ويواجه شرطياً أطلق النار عليه وأصابه في البطن. وقالت الشرطة لاحقاً إنها صادرت من الموقع بندقية دمية لكرات ملونة، وبندقية دمية لرش مياه. وأوضح قائد شرطة نيويورك، جيمس أونيل، أن 6 أشخاص توفوا في الموقع واثنين بعد نقلهما إلى المستشفى. وأعلنت وزارة الخارجية الأرجنتينية أن خمسة من القتلى من مواطنيها قدموا ضمن مجموعة من الأصدقاء من مدينة روزاريو للاحتفال بمرور 30 سنة على تخرّجهم في المدرسة. ونددت الوزارة «بأشد العبارات بالأعمال الإرهابية والعنف بكل أشكاله»، مشددة على ضرورة «تعزيز مكافحة هذه الآفة». كما أكدت الخارجية البلجيكية وفاة مواطنة من مدينة روزلاري غرب منطقة فلاندرز كانت تزور نيويورك برفقة شقيقتها ووالدتها. ووعدت أوزبكستان بالتعاون «بكل الوسائل التي تملكها» في التحقيق الخاص بالعمل الإرهابي، وقال رئيسها شوكت ميرزيوييف: «تؤكد المأساة مجدداً ضرورة توحيد جهود كل الأسرة الدولية للتصدي لهذا التحدي في عصرنا»، علماً أن آلافاً من أبناء دول آسيا الوسطى يحاربون في صفوف «داعش» في سورية والعراق، كما هاجم مواطنون من أوزبكستان أو أبناء عرق الأوزبك مدنيين في أوروبا هذه السنة، حيث هاجم أحدهم ملهى ليلياً في مدينة إسطنبول التركية ليلة رأس السنة، حين قتل 39 شخصاً. وفي نيسان (أبريل)، نفذ رجل أوزبكي مولود في قرغيزستان تفجيراً داخل محطة للمترو في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، وقتل 15 شخصاً على الأقل. ثم دهس رجل من أوزبكستان في الشهر ذاته حشداً في ستوكهولم، حيث سقط 4 أشخاص. ودان الكرملين هجوم نيويورك «المأسوي والوحشي»، فيما كتبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على «تويتر»: «روعني هذا الهجوم الجبان، وتتجه أفكاري إلى جميع الجرحى، ومعاً سندحر الإرهاب». وأيضاً، كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «تؤكد فرنسا تضامنها مع نيويوركوالولاياتالمتحدة. نضالنا من أجل الحرية يوحّدنا أكثر من أي وقت». وندّد البابا فرنسيس باستغلال منفذي الهجمات الدموية الأخيرة في الصومال وأفغانستان ونيويورك، اسم الله لتبرير عنفهم، ووصف الأزهر، أكبر مؤسسة دينية سنية في العالم، الهجوم بأنه «حلقة جديدة من جرائم الإرهاب الأسود الذي يروع الآمنين وينشر الكراهية والحقد عبر العالم». وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأن الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قدّما التعازي إلى الرئيس الأميركي ترامب بضحايا الهجوم. كذلك، دانت إيران الاعتداء، معتبرة أن «جذور الإرهاب تعود إلى السياسة التي اتبعتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في بعض الفترات في الشرق الأوسط». وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: «قتل مواطنين أبرياء وعُزّل في أماكن عامة يظهر وحشية المجموعات الإرهابية مثل داعش التي لا تقيم اعتباراً لأي مبدأ أخلاقي وإنساني». وكانت إيران أبدت في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي «تعاطفها» مع الشعب الأميركي بعد مجزرة لاس فيغاس التي أوقعت 59 قتيلاً و527 جريحاً.