عشية مؤتمر لندن المخصص لبحث الأزمة الليبية، طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون العقيد معمر «القذافي بأن «يرحل فوراً» وحضّا مناصريه على «التخلي عنه قبل فوات الأوان». وجاء في بيان مشترك صدر عن ساركوزي وكاميرون: «ستجتمع غداً (اليوم) في لندن الأسرة الدولية لمواكبة ليبيا في مسيرتها نحو مستقبل جديد. مستقبل سيتخلص فيه الشعب الليبي من العنف والقمع، وسيكون حراً في تقرير مصيره». وتابعا: «لقد شهد العالم خلال الأيام العشرة الأخيرة أحداثاً جساماً. فبعد النداء الذي وجّهته جامعة الدول العربية من أجل حماية الشعب الليبي، أقر مجلس الأمن ... قراراً تاريخياً يهدف إلى حماية المدنيين من العنف الذي أطلقته عليه آلة الحرب التابعة لمعمر القذافي. وبعد ذلك بيومين أكد المشاركون في قمة باريس تصميمهم وعزمهم على العمل الجماعي من أجل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 1973. وفي اليوم نفسه تحرّك تحالف مؤلف من دول عدة لاتخاذ إجراء عسكري لكسر الحصار حول بنغازي وإبعاد قوات القذافي. وبذلك تم إنقاذ مئات آلاف الأشخاص من كارثة إنسانية محتمة». وقال الزعيمان الفرنسي والبريطاني «إن بلدينا مصممان على متابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1973، من أجل حماية الشعب الليبي. وانضمت إلينا في ذلك دول أخرى أوروبية وعربية. وهذه العمليات العسكرية لن تتوقف إلا حين يصبح السكان المدنيون في مأمن، وينتهي أي تهديد بالهجوم عليهم، وتتحقق أهداف القرار 1973». وقالا: «نؤكد أننا لا نتوقع أي احتلال عسكري لليبيا، الأمر الذي يشكل انتهاكاً لشروط هذا القرار. ونحن نعاود تأكيد التزامنا الثابت بسيادة واستقلال وسلامة أراضي ليبيا ووحدتها الوطنية. إن العمل العسكري لا يشكّل هدفاً بذاته. فالحل الدائم لا يمكن إلا أن يكون سياسياً، وهو حل يقرره الشعب الليبي. لهذا السبب فإن العملية السياسية التي ستبدأ غداً (اليوم) في لندن مهمة جداً. حيث أن مؤتمر لندن سيجمع الأسرة الدولية كلها للتعبير عن دعمها لتحول ليبيا من نظام ديكتاتوري عنيف، والمساعدة في تهيئة الظروف التي تتيح للشعب الليبي أن يقرر مستقبله بنفسه». وتابعا: «كما ورد في قرار الجامعة العربية، فإن النظام الحالي قد فقد شرعيته تماماً. وبالتالي على العقيد القذافي الرحيل فوراً. ونحن ندعو كل مناصريه للتخلي عنه قبل فوات الأوان. كما ندعو كل الليبيين الذين يعتبرون أن القذافي يقود ليبيا نحو الكارثة للتحرك الآن والعمل على تنظيم العملية الانتقالية». وقالا: «يمكن أن تتضمن هذه العملية، من وجهة نظرنا، المجلس الوطني الانتقالي - والذي ندرك الدور القيادي الذي يلعبه - وقيادات المجتمع المدني، إلى جانب كافة الذين يرغبون في المشاركة في العملية الانتقالية نحو الديموقراطية. ونحن نحضهم جميعاً على إجراء حوار سياسي من شأنه أن يفضي إلى عملية انتقالية ممثلة للجميع، وإلى إصلاح دستوري، والإعداد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولمساعدة ليبيا في عملية الانتقال هذه، فإننا ندعو اليوم كافة المشاركين في مؤتمر لندن إلى إبداء دعمهم القوي لهذه العملية». وتشارك نحو أربعين دولة اليوم في لندن في الاجتماع الاول لمجموعة الاتصال حول ليبيا، المكلفة «القيادة السياسية» للتدخل العسكري الذي يقوده حلف شمال الاطلسي والتحضير لمستقبل ليبيا السياسي. وقال (أ ف ب) رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إن بلاده مستعدة للقيام بوساطة بين القذافي والثوار المعارضين لنظامه، وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة بريطانية الاثنين. وقال اردوغان لصحيفة «الغارديان» إنه إذا طلب طرفا النزاع من تركيا ان تتولى دور الوساطة، «فإننا سنتخذ خطوات للقيام بذلك» في اطار حلف شمال الأطلسي والجامعة العربية والاتحاد الافريقي. وأضاف «لا يمكننا أن نتجاهل مطلقاً الحقوق الديموقراطية والحريات التي يطالب بها الشعب الليبي، ولا يمكن تأجيل أو تأخير التغيير أو التحول». وتركيا من بين الدول المدعوة للمشاركة في المؤتمر حول ليبيا في لندن اليوم. وقال أردوغان انه تحدث مع رئيس الوزراء الليبي منذ بدء الغارات الجوية الدولية على ليبيا، كما ان وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو على اتصال مع المعارضة في مدينة بنغازي. وأكد اردوغان «القذافي يريد وقفاً لاطلاق النار، وقد ورد ذلك اثناء حديثي مع رئيس الوزراء، ولكن من المهم أن تنضح هذه الظروف. لا يمكن مواصلة اطلاق النار وفي الوقت نفسه المطالبة بوقف اطلاق النار». وقد اعربت تركيا عن قلقها في شأن التدخل العسكري في ليبيا، وقال اردوغان «بالنسبة لتركيا لا يمكن ان نطلق النار على الشعب الليبي أو نلقي عليهم القنابل». وأضاف: «أن دور تركيا سيكون الانحساب من ليبيا بأسرع وقت ممكن... واستعادة وحدة البلاد استناداً الى المطالب الديموقراطية للشعب». وفي موسكو ( رويترز) قالت روسيا أمس الإثنين إن الهجمات التي تشن على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي تصل إلى حد التدخل في حرب أهلية إلى جانب المعارضة المناهضة لحكمه وأن ذلك لم يقره القرار الذي أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وفي أحدث نقد روسي للعملية العسكرية التي يقوم بها تحالف تقوده دول غربية، قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أمس إن القرار الذي أجازه مجلس الأمن في 17 آذار (مارس) الجاري وضع هدفاً واحداً هو حماية المدنيين الليبيين. وقال لافروف في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية قرغيزستان «وعلى رغم ذلك، هناك تقارير - ولا أحد ينفيها - عن ضربات لقوات التحالف لطوابير قوات القذافي وتقارير عن تقديم مساندة لتحركات المعارضة المسلحة. هناك تناقض واضح هنا». واستطرد: «نعتبر هذا تدخلاً من جانب التحالف في ما يُعتبر في الأساس حرباً أهلية داخلية لا يجيزه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». وروسيا من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ولها حق النقض (الفيتو) لكنها اختارت الامتناع عن التصويت على قرار الأممالمتحدة الذي أجاز «كل الاجراءات الضرورية للإذعان» لمناطق حظر الطيران بهدف حماية المدنيين الليبيين. وعبّر زعماء روسيا علناً عن قلقهم من القرار. وقارن فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي بين القرار و «دعوات القرون الوسطى للحرب الصليبية». ولم يذكر لافروف ما إذا كانت روسيا ستبذل أي جهد للحد من عمليات التحالف في ليبيا.