يتوالى الكشف في إسرائيل عن صفقات بيع أملاك تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة (على جانبي الخط الأخضر) لجهات يهودية أو شركات مجهولة الهوية بمعظمها، ما يزيد التوتر بين البطريركية التي يقودها بطاركة يونانيون وأبناء الكنيسة الأرثوذكسية العربية الذين تستبعدهم البطريركية عن دائرة القرار. وكشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن ثلاث صفقات جديدة أبرمتها البطريركية لبيع أملاك تابعة لها في القدسالمحتلة بأسعار منخفضة على نحو يثير تساؤلات حول الدوافع، تماماً كما حصل في ثلاث صفقات مماثلة تم الكشف عنها قبل شهر. ويأتي الكشف في أوج حملة دولية يقوم بها البطريرك اليوناني للكنيسة الأرثوذكسية ثيوفيلوس الثالث شملت لقاءات مع بابا الفاتيكان والعاهل الأردني ورئيس الحكومة الفلسطينية أوضح فيها أن البطريركية «تتعرض لضغوط من سياسيين إسرائيليين يهددون البطريركية بمصادرة أراضٍ تابعة لها»، وأن جمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية التي تعمل على تهويد البلدة القديمة في القدس العربية المحتلة لا تكف عن شراء أملاك فلسطينية. وتأتي هذه الجولة رداً على حملة يقوم بها أبناء الكنيسة الأرثوذكسية من الفلسطينيين الذين يتهمون البطريرك بالتفريط بأملاك ليست له وبثمن بخس. ويطالب بعضهم بإقالة البطريرك خوفاً على ما تبقى من أملاك في أنحاء إسرائيل وفي القدسالمحتلة. ويرى آخرون أن «البطريركية تتنازل في شكل مكثف عن مواقع إستراتيجية»، وتتهم بأن للبطريرك «يداً في الصفقات المستهجنة والسياسة التي تنتهجها البطريركية». وكشفت الصحيفة أن البطريركية، التي تملك مساحات واسعة من الأراضي في القدس والساحل والجليل، وافقت على بيع مبنى مكاتب من ثلاث طبقات في أحد أفخم شوارع القدس لشركة مجهولة بمبلغ زهيد (840 ألف دولار)، ومبنى آخر محاذٍ من ست طبقات يشمل مواقف سيارات ومباني سكنية فخمة بمليوني ونصف مليون دولار فقط، وأرضاً بمساحة 2300 متر مربع بمبلغ 350 الأف دولار فقط. واعتبرت الصحيفة المبالغ «سخيفة» لأن الحديث يدور عن أغلى المناطق السكنية في القدس. وكانت الصحيفة كشفت الشهر الماضي عن قيام البطريركية ببيع أملاك لها في القدس ويافا وقيساريا بأسعار منخفضة في شكل مستهجن. وتابعت الصحيفة أن البطريرك اشتكى أمام قداسة البابا من «الوضع الجديد الناشئ في الأرض المقدسة حيث يتمّ المساس بالحقوق التاريخية للمجتمع المسيحي». ويدّعي البطريرك، من خلال شركة علاقات عامة إسرائيلية استأجر خدماتها لشرح ما يحصل، بأن «لا صفقات سرية» وأن الجهات المجهولة التي ابتاعت الأملاك ليست معنية بالكشف عن هويتها، وأن الأسعار التي بيعت بها «نزيهة ومعقولة»، مضيفاً أن المباني التي بيعت تم تأجيرها قبل عشرات السنين وفقدت من ثمنها، كما أنها باتت مباني قديمة وأن ثمة مخاوف من أن تقوم إسرائيل بمصادرتها في ظل مشروع قانون لنائب في الكنيست بأنه في حال باعت البطريركية أملاكاً لها لأفراد، فإنه يحق للحكومة مصادرة هذه الأملاك. في المقابل، رفض المحامي الياس خوري من القدس هذه التبريرات وقال للصحيفة إن البطريركية تبدو كمن توشك على الإفلاس ما يضطرها إلى بيع أملاكها، «لكن الوضع ليس كذلك... الأرض ضرورية للجيل الحالي وتؤمّن مستقبل الجيل القادم، هذه ليست أملاكاً خاصة بالبطريرك إنما تابعة لأبناء الكنيسة في الأرض المقدسة الذين يريدون إبقاءها للأجيال القادمة». وأضاف أن «ما يدعيه البطريرك هو فقط لتقزيم الجريمة التي يرتكبها» وأن الأملاك التي بيعت ببضعة ملايين من الدولارات ثمنها الحقيقي مئات الملايين، ولذلك فإن من يفرّط بها ليس سوى إنسان عديم المسؤولية.