«هل غيّرت البطريركية اليونانية الأرثوذكسية في القدس سياستها القائمة على تأجير عقاراتها في المدينة لجهات إسرائيلية لسنوات طويلة وعدم بيعها، لتتبنى سياسة بيع فعلي تسعى إسرائيل الى تحقيقها مع البطريركية؟». هذا هو السؤال المطروح، إسرائيلياً وفلسطينياً، في أعقاب إبرام البطريركية صفقة بيع 1500 متر مربع لجهة يهودية، وهي صفقة تثير قلقاً في الأوساط العربية في البطريركية. وتتساءل هذه الأوساط عما إذا شرعت البطريركية اليونانية الأرثوذكسية في بيع أراض لليهود تحت ضغوط الحكومة الإسرائيلية وجهات يهودية مختلفة تخطط لشراء جميع الأراضي التي تستأجرها من البطريركية لفترة زمنية طويلة. وطبقاً لتقارير صحافية إسرائيلية، فإن الصفقة الجديدة التي أبرمت قبل أيام تقضي ببيع أرض تابعة للبطريركية بمساحة 1500 متر مربع لقاء عشرة ملايين دولار، لشركة إسرائيلية ورجل أعمال يهودي هو بيني نحاميا بعد مفاوضات، عبر جهة دولية، استمرت أربع سنوات و «تمت بفضل العلاقات المتميزة بين نحاميا والبطريرك ثيوفيلوس». ويدور الحديث عن أرض في منطقة مركزية في القدس سبق للشركة ورجل الأعمال أن استأجراها من البطريركية لأكثر من 50 عاماً لإقامة مشروع معماري فخم تحت مسمى «كينغ ديفيد ريزيدنس»، يضم 88 شقة سكنية في منطقة فندق «الملك دواد» القريب من أسوار القدس القديمة. وأكدت التقارير أن بيع البطريركية أرضاً لجهة يهودية يعتبر «استثنائياً ودراماتيكياً، خصوصاً في حال تبين أنها ناجمة عن سياسة جديدة للبطريركية وليس مجرد حدث لمرة واحدة». والمعروف أن البطريركية اليونانية الأرثوذكسية هي أكبر ملاّك أراض في تخوم الدولة العبرية وفي القدسالمحتلة، لكنها باعت في السابق قسماً منها لجهات صهيونية، ثم أجّرت غالبيتها للحكومة الإسرائيلية وجهات يهودية لفترات زمنية طويلة، من دون أن تأخذ رأي أبناء الرعية العربية الأرثوذكسية، أصحاب الحق الطبيعي في هذه الأرض. وتبدي إسرائيل قلقاً من مصير الأراضي الشاسعة التي استأجرتها من البطريركية ومن احتمال أن تتغير سياسة البطريركية اليونانية في المستقبل والقائمة على تأجير الأراضي لا بيعها، وذلك تحت تأثير ضغوط فلسطينية، فترفض عند انتهاء مدة الايجار تمديد العقد وتطالب بإرجاع الأرض. وعليه، تعمل طواقم إسرائيلية خاصة على إقناع البطريركية ببيع الأراضي المستأجرة، خصوصاً المقامة عليها أحياء سكنية يهودية كبرى وأبراج سكنية فخمة ومبنى الكنيست ودارة الرئيس الإسرائيلي ومقر الحاخامية الكبرى، قبل أن يصبح للفلسطينيين نفوذ أكبر على البطريركية فتعدل الأخيرة عن تمديد الايجار أو البيع. واعتادت إسرائيل في الماضي على اشتراط منح موافقتها لتعيين بطريرك يوناني في الأراضي المقدسة بتوقيع الأخير على صفقات عقارية ضخمة، ما أحدث شرخاً بين الرئاسة اليونانية للبطريركية وأبناء الرعية العرب.