تصدرت لوحة «بائع البطيخ» للعراقي جواد سليم (1921 – 1961)، مزاد «فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» الذي نظمته دار كريستيز للمزادات، محققة رقماً قياسياً عالمياً (876 الف دولار) في ما يخص فنون المنطقة. وشهد المزاد تنافساً بين مزايدين مسجّلين من 23 بلداً حول العالم، في مؤشر لاهتمام متنام بين المقتنين بالفنون الشرق أوسطية. وجمع الحدث نحو ستة ملايين دولار. ولد جواد سليم في بغداد وتابع تحصيله العلمي فيها، ثم درس النّحت في معهد الفنون الجميلة في باريس. تأثّر بالفن القديم في بلاده وآثاره، ومن أبرز أعماله «تمثال الحريّة» الذي يتصدّر ساحة التّحرير في بغداد. وكانت أعمال الفنانين المصريين محور اهتمام المقتنين خلال المزاد، فقد بيعت لوحة محمود سعيد (1897 – 1964) «هانم» مقابل 420 الف دولار، فيما بيعت النسخة الثانية من لوحته «ذات العينين الخضراوين (نسخة مطابقة)» ب229 ألف دولار، ولوحته «عارية مع ستارة رمادية» ب122 الفاً. ومن أبرز اللوحات التي شهدت تنافسا بين المقتنين لوحة «حزن» للفنان العراقي محمود صبري (1927– 2012) التي سجّلت رقماً قياسياً عالمياً لصاحبها وبيعت ب875 ألفاً، بأكثر من عشرة أضعاف قيمتها التقديرية الأولية. وسجّلت لوحة «الغرفة الرأسية 1، الغرفة الرأسية 2، الغرفة الرأسية 3» للتشكيلي اللبناني شفيق عبود (1926– 2004) رقماً قياسياً لصاحبها حين بيعت ب483 ألفاً. كذلك اجتذبت أعمال فنانين شرق أوسطيين آخرين المقتنين، منهم المصري رمسيس يونان والإيرانيان برويز تانافولي ومنير شهرودي فارمنفرمايان. وفي حديث إلى «الحياة»، اعتبر المدير التنفيذي ونائب الرئيس لدى كريستيز الشرق الأوسط مايكل جحا، أن الأرقام التي شهدها المزاد أكثر من ممتازة، وتظهر مدى رغبة الجمهور العالمي في التعرف عن كثب إلى الفنون الشرق أوسطية، موضحاً أن «المزاد نجح في تحقيق الهدف الأساس وهو نقل فنانين عرب إلى سوق أكثر اتساعاً وكسب جمهور جديد ومقتنين جدد للفنون الشرق أوسطية». وأضاف: «تمثل إقامة «مزاد فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة» الأول في لندن خطوتنا التالية المهمة نحو تسليط الأضواء العالمية على فنانين شرق أوسطيين بعد النجاح المستمر للمزاد الذي يقام في دبي على مدار 11 سنة ماضية، حيث اضطلعت كريستيز بالدور الأبرز في إرساء سوق الفنون بالمنطقة. وكان لافتاً خلال الأمسية ازدياد أعداد المزايدين المشاركين إلى جانب المشاركة الواسعة عبر الانترنت من خلال خدمة «كريستيز لايڤ». كما شهد المزاد المزيد من الأرقام القياسية العالمية لفنانين شرق أوسطيين من أمثال شفيق عبود ومحمود صبري وجواد سليم». ويراهن ديرك بول، رئيس كريستيز في أوروبا والشرق الاوسط وروسيا والهند، على الخطوة الثانية لكريستيز مع الفنون الشرق أوسطية الحديثة والمعاصرة، بعدما نجح المهرجان في اجتذاب مقنين جدد على حد قوله. ويرى أن المزاد الذي نظم في دبي ل11 سنة، ساهم في تنشيط الحركة الفنية، ونشر الفنون الحديثة والمعاصرة. لكنه يشير إلى أن الوقت حان لأن تتخطى هذه الفنون تتخطى حدودها الجغرافية، وتقدَّم لجمهور جديد ومختلف، للمساهمة في نشرها والتعريف بها لفئات فنية جديدة. ويعمل ديرك بروفسوراً في إدارة الفنون بجامعة هامبورغ. وله منشورات منتظمة في عدد من الصحف اليومية والمجلات الدولية. ويجمع كتابه «عمل فني للبيع – نظرة صريحة لسوق الفنون» ما بين خلفيته القانونية ومجال عمله الحالي، فيحلل الأساس القانوني والاقتصادي لسوق الفنون. وعام 2015، أصدر منشوراً عن «تطور المزادات الفنية: مزادات تصنع تاريخ الفن». أُسَّست كريستيز عام 1766 على يدِ جيمس كريستي، ومنذ ذلك الوقت، أخذت بزمام المبادرة في تنظيم أهمّ المزادات العلنية في العالم، متضمنة أشهر الأعمال الفنية. ولا يتوقف الأمر لدى كريستيز عند المزادات، إذ أطلقت منتصف الشهر الجاري، دروساً عبر الانترنت لكل محبي الفنون باللغة العربية، بعدما كان البرنامج باللغتين الانكليزية والمندرينية (لغة صينية). ولاقت الدروس العربية التي انطلقت في 16 الجاري، إقبالاً لافتاً وتسجل بها نحو 30 طالباً. ويقول المسؤول عن المشروع غلين هاردويك، إنه وفريقه يعملان على نشر ثقافة الفن، وكيفية قراءة اللوحة بشكل صحيح، وحتى التفكير كيف تكون قيّماً فنياً ناجحاً، مشيراً الى أنهم في انتظار النتائج وردود الفعل التي ستظهر من المشاركين العرب في الدروس. ويوضح أن البرنامج مدته خمسة أسابيع، وسيتناول مواضيع فنية مختلفة، كما سيطلب من المشاركين بعض الفروض الفنية ككتابة مراجعات نقدية عن معارض أو ورش عمل. واللافت أن المشاركين سيتمكنون من التواصل بعضهم مع بعض، ومع أساتذتهم، وسيستمر هذا التواصل لفترة بعد انتهاء البرنامج. ويشير مدير البرنامج إلى أنه لن يتوقف عند هذه المرحلة، إذ وفق ردود الفعل والنتائج سيتطور البرنامج تلقائياً، وسترتفع نسبة الدروس أو تُكثّف وفق الحاجة. وسيقام مزاد فنون الشرق الأوسط المقبل في دبي خلال «أسبوع الفن 2018». وتنظيمه في مدينتين يعزز جاذبيته في أوساط المقتنين الدوليين المهتمين باقتناء أعمال شرق أوسطية. يذكر أن الفنان الإماراتي عبدالقادر الريّس تبرّع بلوحتي «الحلم» و «غير معنونة» (160 الف دولار) وذهب ريعهما لمصلحة الهلال الأحمر الإماراتي.