الفجيرة (الامارات) - رويترز - مع انطلاق النمو الاقتصادي السريع لآسيا واستهلاكها كميات أكبر من النفط، يبدو المُصدِّرون أكثر من راغبين في تحميل ناقلات آتية من آسيا تعبر مضيق هرمز. لكن مع تنامي حالة عدم الاستقرار في دول خليجية، وتصاعد التوترات مع إيران، تخشى ناقلات النفط عبور الممر المائي الضيق إلى الخليج، ما أتاح فرصة مغرية لقرية صيد هادئة لتتحول واحدة من أكبر مراكز تخزين النفط وإعادة تزويد الناقلات بالوقود. ورأى رئيس وحدة تجارة النفط التابعة لشركة النفط الأذرية «سوكار»، فاليري جولوفوشكين: «الفجيرة هي المكان الذي يجب التواجد فيه»، نظراً الى آفاقها المستقبلية في هذا المجال. وتبني الشركة طاقة تخزين في الميناء تصل إلى 641 ألف متر مكعب في اطار إستراتيجية لمنافسة أكبر شركات تجارة السلع الأولية، مثل «ترافيغورا» و«جنفور». وترسو خارج مضيق هرمز، الذي تعبره 40 في المئة من شحنات النفط العالمية، ناقلات الخام في مرافئ قبالة الفجيرة، حيث كانت تتواجد سفن الصيد بلا عمل على الساحل الشرقي لدول الإمارات العربية المتحدة. وأشار جولوفوشكين الى أن من بين الاسباب التي تجعل الفجيرة مركزاً رئيساً للتجارة في الخليج، «الموقع الإستراتيجي والأخطار المتدنية وكلفة الشحن الأرخص، وازدحام أقل، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية للميناء والتوسع في طاقة التكرير». وتتباين الارقام من هذه الناحية، لكن الفجيرة في وضع متقدم لمنافسة أكبر مركزين للتزود بالوقود، اي سنغافورة وروتردام، بفضل تنامي الطلب من الشرق الاوسط وآسيا أيضاً، وربما تتحدى في النهاية مكانة سنغافورة كأكبر مركز لتخزين الخام وتجارة منتجات النفط، تساندها في هذا التحول إمارة أبوظبي الغنية بالنفط، التي تشكل مع الفجيرة ودبي وأربع إمارات أخرى دولةَ الإمارات العربية المتحدة، ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم. وثمة طلب على تخزين النفط منذ أن أدى التباطؤ الاقتصادي الى تراجع الطلب ودفع التجار للاحتفاظ بالخام لبيعه في وقت لاحق لتحقيق مكاسب. وفي ظل نهم آسيا للنفط وتوقعات بنمو الطلب على منتجاته من دول الخليج، حيث تدعم أسعار الوقود بمبالغ كبيرة، فإن الأمر الأهم هو القرب من المشترين وتوافر الإمدادات. وقال العضو المنتدب في «فيتول دبي» كريس بيك خلال مؤتمر صحافي في الفجيرة: «في ظل القضايا السياسية الحالية والارتفاع الهائل لأسعار المواد الغذائية الاساسية، من المستبعد أن تبدي الحكومات استعداداً لتغيير الدعم الحالي». وأضاف: «استطاعت حكومات عدة في المنطقة جمع احتياطات ضخمة من الثروة... ويترجم كل ذلك في طلب أعلى على منتجات النفط خلال السنوات الخمس المقبلة». وكثيراً ما تستخدم الحكومات العربية الغنية بالنفط عائدات بيع النفط الخام لتعويض الأسعار المدعومة للمنتجات المكررة مثل البنزين والديزل. وتحركت «فيتول»، أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط، بالفعل للاستفادة من هذا الطلب. وتمثل منشآت التخزين في الميناء نحو ثلث الطاقة الإجمالية في الفجيرة وتبلغ ثلاثة ملايين متر مكعب، ويتوقع ان ترتفع لتزيد على سبعة ملايين متر مكعب بحلول عام 2010. ولفت تجار الى إن بلوغ هذا الهدف سيستغرق على الأرجح حتى عام 2014. كما تراهن شركات النفط العالمية مثل «بي بي» و«كونوكو فيليبس»، و«ليتاسكو» ذراع تجارة النفط في «لوك أويل» الروسية، على الطلب المستقبلي وحصلت على مساحات في اطار توسع مستقبلي من المقرر ان ينجز في العام الجاري. كما تجري شركة النفط الصينية «بتروتشاينا»، محادثات مع حكومة الفجيرة للحصول على طاقة تخزين تصل إلى مليون متر مكعب. وتساعد خطة لمد خط أنابيب رئيس يربط حقول النفط في الغرب بالفجيرة في الشرق، في نقل ثلث انتاج الإمارات البالغ 2.3 مليون برميل يومياً، ما يعزز قيمة الفجيرة الإستراتيجية. كما تضيف مصفاة مرتقبة طاقة تخزين قدرها 12 مليون برميل، الى قدرات التخزين الأخرى. لكن يعتبر التسعير أحد الأخطار الرئيسية التي قد تلقي بظلالها على مستقبل الفجيرة. ويؤكد تجار وشركات نفط عالمية تتعامل مع الميناء، ان رسوم الخدمة أضحت قضية حساسة. وأشار مصدر في الصناعة طلب عدم نشر اسمه الى ان «ما تجري مناقشته هو كلفة هذه البنية التحتية... يجب ان يكون (الميناء) أكثر قدرة على المنافسة في أنشطة السلع الاولية». وتابع: «الفجيرة في وضع مثالي لمواصلة النمو، لأنها ميناء عميق ولديها التزام من الحكومة باستثمارات أكبر، لكن الارتقاء بالأنشطة للمستوى التالي يتطلب التحلي بالواقعية والبراغماتية في هذا الصدد». ويذكر ان سلطة الميناء تحدد رسوم الخدمة التي تتباين بحسب ححم السفينة، بينما تدير شركات خاصة أعمال التخزين والتموين. كما أن ثمة منافسة من ميناء صحار إلى الجنوب في عُمان، والذي يحصل رسوماً أقل من سفن أصغر.