لا ريب أن الصغار والناشئين كافة، يقعون في الأخطاء المختلفة والمتكررة، ما يجعل تعليمهم كيفية التعامل معها واجتنابها مراراً وتكراراً، مسؤولية عظمى تقع على عاتق الوالدين والمعنيين بأمور الأطفال والناشئين في المدارس والنوادي ووسائل الإعلام. وفي هذا الصدد يأتي كتاب «كيف تؤدب طفلك؟ في خمس خطوات بسيطة» لمؤلفته الدكتورة جويس ديفيناى الخبيرة في السلوك البشري ومديرة أحد المراكز النفسية في الولاياتالمتحدة، ليساعد القراء في فهم الفارق بين (التأديب) و(التأنيب) ويوفر لهم الأطر العامة والمقترحات الجاهزة التي تساعد الأطفال والناشئين في التعلم من أخطائهم، وذلك بتعليمهم مهارات (ضبط النفس) من خلال التعرف على الطرق الجديدة لكيفية التعامل مع المواقف الصعبة والتي تتمثل في التفكير بالمشاعر والسؤال، وتعميم المهارات، وتكرير العبارات القصيرة، والتركيز على الإيجابيات. كما ان الكتاب يضم أفكاراً ثرية وطرقاً تربوية مبتكرة في مجال تربية الأطفال والمراهقين الذين يواجهون بعض المشكلات السلوكية المبكرة. التفكير الصحيح للأطفال في البداية توضح المؤلفة أن الخطوات الخمس تساعد في فهم سبب معاقبة الأطفال على تصرفاتهم غير المقبولة، واستمرارهم في الوقوع في نفس الأخطاء، كما تساعد في التحول من تطبيق العقوبة غير الفعالة، الى وضعية التأديب الفعال. حيث ناقشت الخطوة الأولى مسألة التفكير الصحيح لدى الأطفال والمراهقين، وكيفية اتخاذ القرار المبني على هذا التفكير، وعلاقته بالمشاعر والعواطف، التي تسيطر على عملية التفكير الصحيح. وتقول: «إن الأطفال، والمراهقين يتصرفون دون أي تفكير أحياناً ويبدو ان مشاعرهم القوية الجارفة قد تتغلب على محاكمتهم المنطقية، والتي يقصد بها عملية التفكير وعندما يرتكب الطفل الخطأ وتتم معاقبته عليه لذا يصبح من الأهمية للكبار أن يعلموا هؤلاء الصغار والمراهقين كيفية التفكير السليم، بالطرق المختلفة المقبولة، والتي بدورها تتحكم في عملية المشاعر، والتي تعد مؤشراً كبيراً، يعطيهم أفضل إمكانات النجاح في المستقبل». تعلم إدراك الذات أما الخطوة التالية فهي توجيه الأسئلة التي بدورها تساعد في التغيير الإيجابي للسلوك، واكتشاف الذات لديهم، وإتاحة الفرصة أمامهم لتعلم تحمل مسؤولية أعمالهم ونتائجها، من خلال وضع مقاييس للسلوك الإيجابي، استخدام الأسئلة التي تلفت النظر إلى هذا السلوك، ومعرفة الجواب كرد فعل من الأسئلة التي وردت له، عندئذ يدرك الطفل ذاته ومن ثم ضبط النفس. اكتشاف المهارات وتأتي الخطوة اللاحقة لتبين كيف نعلم الطفل التحكم في سلوكه، وضبط نفسه ومساعدته على تعلم مهارات التأقلم، التي تستخدم في التعامل مع العواطف والمشاعر ليتمكن من تجنب تكرار الأخطاء التي يرتكبها باستمرار، وتعلمه كيف يمكنه أن يغير من سلوكه السيئ. وتنقسم هذه المهارات إلى مهارات التأقلم العاطفي التي تخص كلاً من الأطفال والمراهقين، وتتمثل في عملية تهدئة النفس عند الغضب، واستخدام أسلوب الكلام بدلاً من الأفعال عند التعبير عن المشاعر، مع مراعاة مشاعر الآخرين، والتركيز دائماً على كل فعل يقام به، والتعامل مع الإحباط، والانزعاج والنجاح الذي يحققونه. أما المهارات الاجتماعية، فتتعلق بفن التعامل مع الآخرين لدى الأطفال كذلك سلوك الاحترام لدى الكبار وطلب المساعدة منهم عند الحاجة. فتلك المهارات تظهر عملية التأديب الفعّال لديهم، وتنقل الطفل من مرحلة المشاعر إلى مرحلة التفكير عند اتخاذ القرار السليم. رسائل إيجابية متكررة وإذا انتقلنا إلى الخطوة الرابعة سنجد انها تتناول إحدى وأهم الخطوات الأساسية معتمدة على تكرار العبارات من الآباء إلى الأطفال لمساعدتهم في تثبيت السلوك الجيد لديهم، وتشجيعهم على فعله. وتقول المؤلفة: «من الضروري جداً أن يسمع الطفل أو المراهق رسائل إيجابية متكررة، تساعده في تطوير السلوك الإيجابي، وهذه الرسائل الإيجابية هي ببساطة رسائل قولية، تخبر الطفل والمراهق ما يجب أن يقوم به بدلاً من إخباره ما يجب عليه أن يتوقف عن فعله أو لا يفعله..». فباختيار أفضل العبارات التي نخاطب بها أولادنا مثل كلمة «تابع عملك، ركز، كن طيباً ولطيفاً واسمع جيداً»، فكل هذه عبارات تعد من ضمن السلوك الإيجابي، ولاسيما أن تكون صادرة من نبرة هادئة لا عنف فيها، ولا تحذير فهي عبارات مصممة لتجلب التركيز على السلوك الإيجابي لديهم، وهى تخاطب العقل ب «اعمل» بدلاً من إعطائهم رسائل سلبية ب «لا تفعل» والتي في الغالب ما يلاقيها أولادنا بالإكراه». ركّز على الإيجابيات ويتبقى لنا الخطوة الأخيرة التي بطبيعتها تتناول عنصراً مهما جداً عند مخاطبة الأولاد، وتوجيههم للفعل الصحيح وهو التركيز على السلوك الإيجابي لديهم، بدلاً من نبذ أعمالهم غير المقبولة، ولذلك نجد أن كثيراً ما يمل الطفل من طرق المخاطبة المألوفة لدينا من دفعه بالإكراه نحو التصرف الصحيح والإقلاع عن كل التصرفات، التي تسبب له المشكلات في حياته بل صار الأمر روتينياً لديه لا يشعر به ويقع في الخطأ مرات.. ومرات! فبمدح الطفل على سلوكه الصحيح الذي يفعله في أموره الحياتية، والثناء عليها هذا يعطيه ثقة كبيرة لتغيير سلوكه الخاطئ. وفي هذه الخطوة تقول المؤلفة: «إن إحدى أهم الطرق لتحقيق التربية الصحيحة لديهم هي إشعار الأطفال والمراهقين بالتقدير والثناء على نجاحاتهم المتكررة واختياراتهم الصائبة قدر المستطاع.. فهذا يشعرهم بالفخر والزهو والثقة بالنفس». واستخدام الكلمات مثل.. «ممتاز، رائع، شكراً لك، إنني فخور بك..»، فهي عبارات تشجيعية لدى الأطفال تكسبه ثقة بالنفس وتقديراً لذاته.