أعلنت مساء أمس نتائج الانتخابات العامة في العراق، مؤكدة تقدم «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على منافسيه، فيما بدا المشهد السياسي بعد إعلانها أكثر غموضاً من أي وقت سابق، لذا يتوقع أن تكون مفاوضات تشكيل الحكومة صعبة وقد تستمر شهوراً. وتفيد الأرقام التي أعلنتها مفوضية الانتخابات أمس حصول ائتلاف المالكي على 92 مقعداً برلمانياً من أصل 328 مقعداً، فيما حصلت كتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري على 29 مقعداً، وكتلة «المواطن» بزعامة عمار الحكيم على 31 مقعداً، وحصلت كتلة «متحدون» بزعامة اسامة النجيفي على 23 مقعداً، في مقابل حصول القائمة «الوطنية» بزعامة أياد علاوي على 21 مقعداً وكتلة «العربية» بزعامة صالح المطلك على 9 مقاعد. على الصعيد الكردي، حصل «الحزب الديموقراطي» بزعامة مسعود بارزاني على 19 مقعداً، ثم «الاتحاد الوطني الكردستاني» على 21 مقعداً، فحركة «التغيير» على 9 مقاعد. وتشير هذه النتائج إلى أن ائتلاف المالكي، حتى لو أمن 110 مقاعد بانضمام كتل صديقة إليه، سيجد صعوبة في أن يكون التحالف الأكبر الذي يخوله تشكيل الحكومة، وفق فتوى المحكمة الاتحادية لعام 2010، ما يعني أنه سيضطر للّجوء إلى «التحالف الوطني- الشيعي» لضمان أن يكون منصب رئيس الحكومة لهذه الكتلة. وتنص فتوى المحكمة الاتحادية على أن الكتلة التي تشكل الحكومة هي التي تلتئم بعد إعلان نتائج الانتخابات، وليست الكتلة الفائزة. وتبدو سيناريوات تشكيل قوى وكتل من مكونات مختلفة، مثل التيار الصدري و «المواطن» والقوى الكردية والسنية من جهة، أو «دولة القانون» وأطراف سنية من جهة أخرى، تحالفات عابرة للطوائف لإعلان «الكتلة الأكبر» مستبعدة جداً، لأنها ستعني بالضرورة إلغاء «التحالف الوطني» الشيعي، وهو أمر يلاقي معارضة شديدة من مرجعية النجف، ومن طهران، وداخل القوى السياسية الشيعية نفسها، على حد سواء. وتعزز نتائج الانتخابات توقعات بطول مرحلة المفاوضات. وستسعى كتل «التحالف الوطني» التي جمعت أكثر من 166 مقعداً إلى الاتفاق أولاً على البرنامج الداخلي للتحالف، وأسلوب اتخاذ القرار فيه، قبل أن تصل إلى مناقشة مسألة الولاية الثالثة للمالكي، وهو الموضوع الذي سيثير خلافات شديدة، ومن ثم الانتقال بعد الاتفاق على مرشح محدد، إلى عرضه على القوى السنية والكردية لضمان موافقتها، وهو السيناريو الذي تم عام 2010. فرص المالكي في إقناع نظرائه الشيعة بقبول الولاية الثالثة، تبدو في ظل المشهد الحالي أكثر صعوبة من إقناع القوى السنية والكردية، ما يفتح الباب على احتمالات مفتوحة للطريقة التي ستدار من خلالها المفاوضات، وكيفية ترشيح بدلاء للمالكي نفسه، وما إذا كان هؤلاء من داخل ائتلافه أو من خارجه، وأيضاً توقيت طرح البدلاء، سواء في مرحلة التفاوض الأولية أو في المراحل النهائية. وعلى رغم أن النتائج لا تُظهر وزن كل حزب وتيار داخل «ائتلاف دولة القانون» بدقة، فإن هذه الأحزاب تسعى بشكل أو بآخر إلى أن تلتقط المنصب في حال خروجه من يد المالكي، ما يشعل صراعاً مؤجلاً بين أقطاب الكتلة نفسها، وربما داخل «حزب الدعوة» الذي يشكل مركزها. إلى ذلك، فإن حصول حزب طالباني على 21 مقعداً يؤهله لإعادة المطالبة بمنصب رئيس الجمهورية، لكنه لن يخرج من نطاق «التحالف الكردستاني» الذي يعمل بارزاني على تدعيمه وتوحيده ليكون موقفه موحداً خلال مفاوضات تشكيل الحكومة.