عبّر الناطق باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا باروان عن رغبة حكومته في أن يستمر التحالف الدولي المشارك في العمليات الجوية على ليبيا في تأمين التوجيه السياسي للعمليات، مشيراً إلى أن دور حلف شمال الأطلسي «الناتو» في هذا الإطار هو «دور تقني». وقال باروان عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة: «إننا نعمل لكي يستمر التحالف في تأمين التوجيه السياسي» للعمليات، مكرراً بذلك ما كان أعلنه وزير الخارجية آلان جوبيه أول من أمس. وأضاف: «النقاش مع حلفائنا ما زال مستمراً ولن أكشف المزيد من التفاصيل لأنها لم تبت بعد بأكملها»، مشيراً إلى أن الرئيس نيكولا ساركوزي سيتناول هذا الموضوع خلال القمة الأوروبية التي ستُعقد في بروكسيل غداً الجمعة. واكتفى باروان بالقول إن التحالف «حرصاً منه على الفاعلية» سيبقي على «هيكلية قيادة موحدة لتنظيم العمليات» مع الاستفادة من الإمكانات المتوافرة لدى حلف شمال الأطلسي. ويثير دور حلف «الناتو» على صعيد العمليات الجوية على ليبيا تساؤلات عدة على الصعيد الداخلي الفرنسي، في حين أنه يثير تبايناً في المواقف بين الدول الأوروبية نفسها التي يطالب بعضها بإعطاء الحلف دور القيادة على صعيد هذه العمليات. وكان الوضع في ليبيا شكّل أول من أمس محور اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بساركوزي وبرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون. وقال بيان باسم الإليزيه إن أوباما وساركوزي أشارا بارتياح إلى كون عمليات التحالف أدت إلى حصر عدد الضحايا بين المدنيين في ليبيا، كما قلّصت قدرة الرئيس الليبي معمر القذافي على استخدام القوة ضد شعبه. واتفق الرئيسان على مواصلة بذل الجهد وصولاً إلى التطبيق الكامل للقرارين 1970 و1973، كما اتفقا على كيفية الاستعانة بالأطر القيادية لحلف الأطلسي لدعم التحالف. وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى أن باريس وواشنطن أعلنتا مساء الثلثاء التوصل إلى اتفاق حول دور حلف شمال الأطلسي في التحالف «لكنهما أعلنتا عنه في شكلين مختلفين». فالبيت الأبيض اعتبر أن الحلف سيلعب «دوراً جوهرياً» في قيادة العملية التي ستناط به وهي فرض منطقة الحظر الجوي والمراقبة البحرية على حظر السلاح الذي أقر بحق ليبيا. لكن الرئاسة الفرنسية تحدثت فقط عن مكالمة هاتفية اتفق خلالها الرئيسان ساركوزي وأوباما على «سبل استخدام هيكليات قيادة الأطلسي لدعم التحالف». وأكد جوبيه مجدداً في معرض رده على سؤال طرحه أحد النواب الفرنسيين خلال جلسة الأسئلة التي تُعقد أسبوعياً في إطار البرلمان، أن حلف الأطلسي لن يكون له دور في «التوجيه السياسي» للعمليات في ليبيا وإنما سيلعب دور «أداة تخطيط». وفي محاولة لتهدئة المخاوف التي بدأت تبرز حول إمكان التورط في عمليات طويلة الأمد في ليبيا، أكد جوبيه أن عمليات التحالف ستكون «قصيرة المدى». وأضاف أنه لا يتوقع «استمرار تماسك السلطات الليبية حول القذافي والقريبين منه» وانه من «غير الوارد التورط» عسكرياً على الأرض في ليبيا. ونقلت «فرانس برس» عن جوبيه أنه إلى جانب فرض منطقة حظر جوي فإن «قرار مجلس الأمن الرقم 1973 يشمل (إمكان) تنفيذ ضربات أرضية لشل القدرات العسكرية على الأرض. سنواصل على هذا المستوى». ونقلت الوكالة عن مصادر متطابقة أن واشنطن وباريس ولندن واصلت أمس الأربعاء مناقشة صياغة المهمتين - أي الحظر الجوي واستهداف مدرعات أو بنى عسكرية، إذ ترغب باريس في أن يحتفظ التحالف بالمهمة الثانية التي تعتبرها فرنسا مناسبة وستكون صعبة التطبيق في إطار حلف الأطلسي. غير أن ألمانيا وتركيا العضوين في الحلف اعترضتا على اللجوء إلى القوة ضد القوات على الأرض. كذلك نسبت «رويترز» إلى جوبيه قوله أمام البرلمان: «أخذت المبادرة مع زميلي البريطاني (وليام هيغ) لنجمع في لندن يوم الثلثاء المقبل مجموعة اتصالات تضم كل الدول (في التحالف) إضافة إلى الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والدول الأوروبية المعنية». وأكد مسؤولون فرنسيون أن الاجتماع سيكون على مستوى وزراء الخارجية. ولم يصدر تعليق فوري من وزارة الخارجية البريطانية. الحصار البحري على ليبيا وفي بروكسيل، أعلن حلف شمال الأطلسي بدء «عملية الحماية الموحدة» لفرض حصار بحري ضد ليبيا للحؤول دون تزود نظام العقيد القذافي بالأسلحة. وتشارك في العملية نحو 16 سفينة حربية منها 10 فرقاطات وكاسحات ألغام، و3 غواصات، وسفينتا استطلاع وسفينة قيادة. وتساهم في الأسطول سفن من تركيا وإسبانيا وإيطاليا واليونان والولايات المتحدة. وانفردت ألمانيا بسحب أسطولها من العملية بعد شكوك أبدتها برلين في العملية العسكرية التي شنها «التحالف» ضد ليبيا منذ السبت. وتدير العملية القيادة المركزية لحلف شمال الأطلسي في مدينة «مونس» في بلجيكا بالتنسيق مع القيادة المركزية الإقليمية في قاعدة الحلفاء في نابولي في إيطاليا. وأوضحت مصادر مطلعة في الحلف أن مهمة الأسطول تتمثل في «مراقبة حركة الملاحة البحرية في المياه الدولية المقابلة لمياه ليبيا والتدخل عند الاقتضاء من خلال إيقاف السفن المشتبه فيها وتفتيشها». وقالت الناطقة باسم الحلف يوانا لينغيسكو إن «أسطول الحلف سيحول دون تزود نظام العقيد القذافي بالأسلحة والمرتزقة». وذكرت بأن «تقارير الاستخبارات تشير إلى استمرار نشاطات تهريب الأسلحة والمرتزقة». وأعد حلف شمال الأطلسي خطة فرض منطقة الحظر الجوي لكنه اصطدم بانعدام الاتفاق بين الدول الأعضاء حيث تعتقد فرنسا أن تولي الحلف قيادة العمليات العسكرية ضد ليبيا سيثير الدول العربية. كما تعترض ألمانيا على العملية برمتها ولا تريد تركيا الضلوع في عمليات قصف المنشآت الليبية. وتقترح باريس إنشاء لجنة خاصة تضم وزراء خارجية الدول المشاركة في العملية العسكرية ضد ليبيا لضمان الريادة السياسية للعمليات الجارية. لكن مصدراً مطلعاً أكد ل «الحياة» أن دور الحلف يمثّل «صفقة كاملة تشمل الجانب العسكري أو السياسي ولا يمكن تجزئتهما أو فصل الأول عن الثاني». وأوضح المصدر نفسه أن اجتماع مجلس السفراء يظل متواصلاً «إلى حين التوصل إلى القرار النهائي سواء بالمشاركة في ريادة عمليات فرض منطقة الحظر الجوي أو عدم المشاركة فيها نهائياً». وفي بلغراد (رويترز)، قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس انه قلق في شأن مقتل عدد كبير من المدنيين في ليبيا. وأضاف خلال زيارة لبلغراد: «ما الذي نراه اليوم... ضربات تنفذ في مختلف أنحاء البلاد... كيف يمكنك - بينما تسعى إلى حماية السكان المسالمين - اختيار وسائل تقود إلى زيادة الوفيات بين المدنيين؟». وفي لندن (أ ف ب)، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الأربعاء أن الكويت والأردن سيقدمان «دعماً لوجيستياً» للعمليات الدولية في ليبيا. وقال خلال جلسة الأسئلة الأسبوعية في البرلمان: «يمكنني أن أؤكد أن القطريين نشروا (الثلثاء) طائرات ميراج في إطار مساهمة أولى وكذلك طائرات دعم. وسنتلقى دعماً لوجيستياً من دول مثل الكويت والأردن أيضاً». وأضاف: «آمل في الحصول على دعم أطراف أخرى أيضاً». وقال: «أرغب في أن أقولها صراحة: كان من الضروري أن نسارع إلى التحرك السبت (بعد قمة دولية في باريس حول ليبيا)، لأنه لم يكن ممكناً حمل عدد كاف من البلدان العربية على المشاركة في العملية، ربما كما كنا نتمنى. لكن الدعم واضح». وتابع: «أولاً وقبل كل شيء، اعتبرت الجامعة العربية مرة أخرى (الثلثاء) أن إقامة منطقة حظر جوي أمر جيد وأنهم يدعمون قرار الأممالمتحدة». وقطر هي حتى الآن البلد العربي الوحيد الذي يشارك في العمليات العسكرية في ليبيا. وكانت الإمارات العربية المتحدة وقطر والمغرب والأردن شاركت السبت في قمة باريس حول ليبيا. وكرر كامرون القول إن العقيد القذافي ليس هدفاً للغارات. وقال إن «من الضروري اختيار كل أهدافنا طبقاً لقرار» مجلس الأمن.