انهمكت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) غداة سيطرتها على مدينة الرقة بتنفيذ عمليات تمشيط أمس بحثاً عن عناصر متوارية من تنظيم «داعش» ولتفكيك الألغام التي زرعها الإرهابيون بكثافة وسط أبرز معاقلهم السابقة في سورية. وبات التنظيم بعد خسارته الرقة التي جعلها رمزاً للترهيب ومركزاً خطّط منه لهجمات دموية حول العالم، «مثيراً للشفقة وقضية خاسرة بعد أن كان يزعم أنه شرس» وفق واشنطن، إثر الهزائم التي مني بها في الأشهر الأخيرة في سورية والعراق المجاور. وأعلن ناطق باسم «قسد» أمس أن حملة القوات المدعومة من الولاياتالمتحدة على تنظيم «داعش» في شرق سورية ستتسارع الآن بعد هزيمة التنظيم الإرهابي في معقله السابق في الرقة. وقال الناطق طلال سيلو ل «رويترز» في اتصال هاتفي إن «قسد» التي أعلنت هزيمة «داعش» في الرقة أول من أمس ستعيد نشر عناصرها لينتقلوا من المدينة إلى جبهات القتال مع التنظيم في محافظة دير الزور في شرق البلاد. وأكد مدير المكتب الإعلامي ل «قسد» مصطفى بالي لوكالة «فرانس برس» أمس أنه بعدما «انتهت المواجهات العسكرية المباشرة، تستمر الأربعاء (أمس) عمليات التمشيط والبحث عن احتمال وجود ملاجئ أو مخابئ يمكن أن يكون قد دخلها عناصر التنظيم الإرهابي الذين لم يسلموا أنفسهم». وتمكّنت هذه القوات المؤلّفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن أول من أمس من «تحرير» مدينة الرقة من «داعش»، بعد سيطرتها على المستشفى الوطني والملعب البلدي، آخر النقاط التي كان مقاتلو التنظيم قد انكفأوا إليها في وسط المدينة. وقال بالي إن هذه المناطق «في حاجة إلى بحث وتأكد من أنه لم يعد فيها خلايا نائمة»، موضحاً أن «عمليات فك الألغام وفتح الشوارع الرئيسية مستمرة». وفي الملعب البلدي حيث رفعت «قسد» راية ضخمة أمس، شاهدت مراسلة «فرانس برس» جرافتين، واحدة داخله وأخرى خارجه تعملان على رفع الركام، تزامناً مع استمرار عمليات التمشيط داخل المستشفى الذي منع الصحافيون من دخوله. ونقلت مشاهدتها للعديد من الطرق المغلقة تماماً، فيما يتم العمل على فتح أخرى. وفي دوار النعيم الذي شهد عمليات إعدام وحشيّة نفذها التنظيم ما دفع سكان المدينة إلى تسميته دوار «الجحيم»، تجمّع عشرات المقاتلين الأكراد الأربعاء وعملوا على رفع علم ضخم ل «وحدات حماية الشعب» الكردية. وبادر بعضهم إلى إطلاق الرصاص في الهواء وتوزيع الفواكه ابتهاجاً كما عقدوا حلقات الدبكة والرقص على إيقاع الموسيقى. وبانتظار عمليات التمشيط، تقتصر إمكانية دخول المدينة في الوقت الحالي على المقاتلين والآليات العسكرية فيما يمنع المدنيون من ذلك. وقالت مراسلة «فرانس برس» إن عناصر من «قسد» لم يسمحوا لمجموعة رجال توافدوا صباحاً إلى مدخل مدينة الرقة الغربي بالدخول للاطمئنان على منازلهم التي قالوا إنها قريبة. وبرّروا عدم السماح لهم ب «استمرار الإجراءات الأمنية». وتزامناً مع السيطرة على الرقة الثلثاء، دعت القيادة العامة لقوات الأمن الداخلي الكردي (الأسايش) في شمال سورية في بيان سكان الرقة إلى «عدم دخول المدينة إلى حين تطهيرها من مخلّفات الإرهاب كالعبوات الناسفة والألغام المتفجرة... وذلك حرصاً على سلامة الأهالي». وقالت إن المنع سارٍ حتى خلو المدينة «من كل ما يشكّل خطراً على السلم الأهلي». ودفعت المعارك عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من الرقة مع تقدم المعارك. ووفق بالي، سبق للتنظيم في مدن أخرى خسرها في سورية أن استخدم أسلوب الخلايا النائمة ما أوقع قتلى مدنيين، مضيفاً «لذلك فإن عودة المدنيين في الفترة الحالية صعبة جداً». وقال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل ريان ديلون إلى «فرانس برس»، «نعتقد بأن هناك جيوباً صغيرة لاتزال موجودة في المدينة، مع مواصلة قوات سورية الديموقراطية عمليات التمشيط». وفي تغريدات على موقع تويتر، قال المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك الذي زار سورية في اليومين الأخيرين إن التنظيم الذي «كان يزعم أنه شرس، بات الآن مثيراً للشفقة وقضية خاسرة». وعلى رغم إعلان «قسد» سيطرتها بالكامل على الرقة، يبقى مصير عشرات المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم الذين كانوا موجودين في وسط المدينة مجهولاً. ولم تنشر منذ الثلثاء أي صور تظهر اعتقالهم أو حتى جثثهم في الشوارع. ووفق المتحدث الرسمي باسم «قسد» طلال سلو، فإن هؤلاء «إما تمّ استسلام البعض منهم وإما قتل من تبقى»، من دون الإدلاء بأي تفاصيل أخرى.