عندما يتوارد اسمه في الأذهان، تذكر معه القيادة والتضحيات، وإذا دخلت في جدلية من هم اللاعبون الأبرز في الكرة السعودية، تجد نفسك ملزماً لتضع اسمه ضمن هؤلاء، إنه لاعب الاتحاد والمنتخب السعودي الأسبق أحمد جميل، أو السد العالي كما يحلو لأنصار ناديه تسميته، لاسيما أنه بمثابة الحصن الحصين لكل الغارات الموجهة إلى مرمى فريقه الجميل الذي سيكرّم الجمعة المقبل في حفلة اعتزال طالما انتظرها محبوه تحدث ل«الحياة» عن مشاعره قبل رحيله عن الملاعب، كاشفاً أسراراً عدة في تاريخه الرياضي المليء بالإنجازات مع فريقه ومنتخب بلاده، إنجازات على الصعيد الشخصي، كما تطرق لدوافع اعتزاله، وانتقال رفيق دربه محمد الخليوي إلى صفوف الأهلي، إلى جانب الكثير من الخفايا خلال الحوار الآتي: ما شعورك وأنت تودّع الملاعب والجماهير الرياضية؟ - منذ أن بدأت حياتي الرياضية، كنت أعلم أنه سيأتي يوم وأتوقف عن ممارسة الكرة وأودّع الملاعب، لكنني عندما دخلت عالم النجومية، كنت أفكر بجدية في اليوم الختامي، ولا شك في أنني أشعر بالحسرة على مفارقة الجماهير منذ 11 عاماً، فالتوقف عن التدريبات والحياة الرياضية، فقدان لشيء اعتدت عليه طوال حياتي، وليس بوسعي إلا أن أشكر جماهير الاتحاد. وما سبب تأخير مهرجانات اللاعبين السعوديين؟ وهل هي عدم تقدير من الأندية؟ - ليس الأمر كذلك، بالعكس هناك تقدير لنجومية اللاعبين، خصوصاً من خدم الكرة السعودية لسنوات طويلة، لكن قد تكون هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى التأخير لا أود الحديث عنها والدخول في تفاصيلها، فنحن نريد أن نعيش فرحة مهرجان الاعتزال وننسى الماضي، فالحديث عن الأسباب لن يفيد. يقال إنك من اخترت فريق طربزون التركي للمشاركة في يوم توديعك للملاعب، ما سبب اختيارك؟ - حقيقة أخترت طربزون التركي لاعتبارات عدة، أولها تتمثل في أولوية جلب الفرق التركية إلى السعودية، فمشاركة طربزون هي الأولى للفرق التركية في اللعب في ملاعبنا، إضافة إلى أنه قدم أداء جيداً في دوري أبطال أوروبا، ولديه أربعة لاعبين من الأجانب المحترفين وثمانية لاعبين يلعبون في صفوف المنتخب التركي، إلى جانب كثافة الجالية التركية في السعودية عموماً وجدة خصوصاً، وما أتطلع إليه الآن ويشغل بالي هو أن تكون حفلة التكريم واليوم الأخير في مشواري الرياضي حافلين بالنجاح وإكمال العطاء الجيد الذي قدمته في الملاعب. من وقف خلف اعتزالك الذي لم يقم منذ 11 عاماً؟ - لا أخفيك أنها ثلاث شخصيات وقفت معي ودعمتني ولها الفضل في إقامة حفلة تكريمي واعتزالي، اسميهم مثلث الخير لأحمد جميل، وهم عضو شرف النادي محمد الباز الذي لولاه لما أقيم اعتزالي في الفترة الحالية، والرئيس السابق الدكتور خالد المرزوقي الذي فكر وتبنى الفكرة، وعضو مجلس الإدارة المهندس فراس التركي ماكينة العطاء والتحرك الذي أنهى كل ترتيبات الحفلة. هل هناك من كان يحارب إقامة حفلة اعتزال أحمد جميل؟ - حقيقة لا أعلم، وإن كنت أعلم فلن أفكر في مثل هذه الأمور، إذ إنني في الأخير حظيت بالتقدير والاحترام من جميع الرياضيين والقيادت، وسرني كثيراً لقائي مع الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل، وكانت كلماته لي البلسم الشافي، إضافة إلى ما لمسته من محبي النادي من تبادل صادق في الود والحب. يتردد بأنك أُجبرت على الاعتزال؟ - صدقني الإصابة الأخيرة التي تعرضت لها في منافسات موسم 2002، كانت حقيقة السبب في ابتعادي عن الملاعب، فنفسيتي بعد الإصابة كانت متعبة جداً فقررت الاعتزال، واستطعت أن أقاوم تلك النفسية من الأحباب المقربين لي، وقبلها كنت أفكر في الرحيل، لإعطاء الفرصة لجيل آخر يخدم النادي، وكانت الإصابة سبباً في القرار، والحمد لله أنني قررت الرحيل وجماهير الاتحاد تحبني، فهي رأسمالي، فأنت تغادر والجماهير تود استمرارك، وتطالبك بعدم الاعتزال، وهذا نعمة. لو استمررت لاعباً في الاتحاد، هل ستسمح لرفيق دربك محمد الخليوي بالانتقال إلى الأهلي؟ - صدقني تركت الاختيار لمحمد الخليوي نفسه، فعندما استشارني بالانتقال للأهلي وأنا حينها معتزل، وتحدث معي أن أموراً كانت تضايقه في النادي منها التشكيك في صدقيته وأخلاقياته وإطلاق الإشاعات بأنه يتهرب من المشاركة في المباريات الكبيرة، وقلت له بالحرف الواحد - القرار قرارك يا محمد - وللأمانة أنا أعرف الخليوي جيداً، وما قيل عنه غير صحيح، فهو كان مخلصاً للاتحاد، وربما تكون نفسيته وعدم ارتياحه السبب في انتقاله لصفوف الأهلي. لكن الكثير يرى أن الخليوي لم ينجح مع الأهلي؟ - صدقني هي أرزاق، فلم يكن مقدراً له أن يستمر مع الأهلي، والخليوي لاعب كبير، ولم يكن دفاع فريق الأهلي في تلك الفترة في المستوى الجيد، ولم يكن بينهم سوى الخليوي الذي اجتهد وحاول، ولم يكتب له التوفيق. كيف تقوّم مستوى الدفاع في السعودية عموماً؟ - بصراحة كرتنا السعودية تتراجع، وتحتاج لوقت للعودة إلى مستواها الحقيقي، بعد أن أخفق المنتخب السعودي في البطولة الآسيوية الأخيرة، فمنها خط الدفاع إلى جانب الخطوط الأخرى، وحقيقة كنت مصدوماً مما قدمه «الأخضر» في تلك البطولة من مستويات، على رغم العناصر الجيدة الموجودة في القائمة، وكانت مباراتنا أمام اليابان نكسة بالخسارة بخمسة أهداف نظيفة، في وقت كنا نكتسح اليابان بمستويات رائعة ونتائج كبيرة. وما رأيك في مستوى دفاع فريق الاتحاد؟ - أعتقد ان عودة المدافع رضا تكر لمستواه وكذلك عودة أسامة المولد من الإصابة أعادتا الهيبة لدفاع الاتحاد، وأتمنى أن يكون بينهما تفاهم كبير وثقة متبادلة، فمتوسطا الدفاع يجب أن يكون بينهما تفاهم وثقة، وأتوقع أن يصل الفريق إلى نهائي كأس آسيا والحصول على لقبه بعد تطور الدفاع في المباريات الأخيرة. من خليفتك في الملاعب؟ - أحب اللاعبين أسامة المولد وأسامة هوساوي ويعجبني أداؤهما كثيراً ولعبهما الرجولي، وهما خليفتي في الملاعب، فهما لاعبان كبار وهما الأفضل على مستوى دفاعات السعودية، وأتمنى لهما مزيداً من التوفيق والإنجازات الشخصية. أين وجهتك المقبلة بعد الاعتزال؟ - لم أحدد بعد وجهتي المقبلة، لكنني أفكر كثيراً في الاتجاه إلى التدريب ولربما هي الأقرب، ولدي العديد من العروض للتحليل الرياضي في القنوات الفضائية. أعلنت اللجنة المنظمة أسماء اللاعبين المشاركين معك في مباراة الاعتزال، غير أن المتابعين تفاجأوا بغياب اسمي صالح النعيمة وماجد عبدالله؟ - الأسماء التي أعلن عنها هي الأسماء التي أكدت حضورها، وأنا اتصلت على ماجد عبدالله، وما زال لدي وقت لأجري اتصالات أخرى بصالح النعيمة ومحيسن الجمعان، فبالعكس هم اخوة لي وعشنا أفضل أيامنا سوياً، وأتمنى حضورهم، كما دعيت الحارس سالم مروان، شفاه الله، وأعتذر بسبب عدم قدرته على الحضور لوضعه الصحي، وسأكون مقدراً لظروف من لم يستطع الحضور، فيكفينا معرفتي بمشاعرهم تجاهي. عملت مديراً للفريق في فترة سابقة، كيف تقوّم عملك الإداري؟ - لم تكن الفترة كافية لتقويم عملي الإداري في الفريق، فالأربعة أشهر التي عملنا فيها اجتهدنا وكانت مميزة، من خلال روح الفريق الواحد، وعزيمة اللاعبين المشتركة، وثمة أسباب أجبرتني على ترك العمل، وأرى أنه من الصعب الحديث عنها والتطرق لها في الفترة الحالية. بودنا أن نعرف ما تحمله ذاكرتك من مشوارك الرياضي حالياً؟ - كثيرة هي المواقف العالقة في الذهن ولا تنسى، لكن سأذكر بعضها، فلا أنسى الهدف في مرمى كوريا الذي أهلنا إلى كأس العالم 1994 للمرة الأولى، وحصولنا على كأس آسيا مرتين وكأس الخليج للمرة الأولى في تاريخنا، ومشاركتي في كأس العالم، والمساهمة في تأهل المنتخب السعودي إلى مونديال فرنسا 1998، وهدفي في مرمى الاتفاق في نهائي كأس الملك 1408ه، وحصولنا على أول بطولة خارجية مع فريقي الاتحاد، وهي بطولة كأس الخليج، وبعدها الحصول على أول بطولة آسيوية.