أبطلت المحكمة العليا في إسبانيا الاستفتاء الذي نظمته كاتالونيا على استقلالها، معتبرة أنه استند الى قانون غير دستوري، فيما أعلنت حكومة الإقليم أنها لن تتراجع عن الانفصال. وكانت المحكمة جمّدت قانون الاستفتاء، في موازاة درسها قانونيته، لكن حكومة كاتالونيا نظمت الاستفتاء بصرف النظر عن ذلك. وقال ناطق باسم المحكمة الدستورية إنها أبطلت القانون الذي أقرته حكومة الإقليم في 6 أيلول (سبتمبر) الماضي. وأمهلت الحكومة المركزية رئيس الإقليم كارليس ببيغديمونت حتى غدٍ لتقديم إجابة «واضحة وصريحة» هل أعلن استقلال كاتالونيا، بعد تقديمه رداً ملتبساً إثر انقضاء مهلة أولى الإثنين، ملوّحة بأنها ستفرض سيطرتها على كاتالونيا. لكنّ ناطقاً باسم حكومة الإقليم أكد أن «التنازل ليس ضمن السيناريوات التي وضعتها الحكومة»، وزاد: «لن نقدّم الخميس شيئاً مختلفاً عما قدّمناه الإثنين». وتظاهر آلاف من الكاتالونيين أمس، احتجاجاً على سجن القياديَين الانفصاليَين جوردي سانشيز وجوردي كوشارت، المتهمَين بالعصيان. ويرأس الأول رابطة «الجمعية الوطنية الكاتالونية» والثاني حركة ثقافية مؤيدة للاستقلال. واعتبرت قاضية أنهما قد «يتلفان أدلة»، مشيرة الى أنهما ينتميان الى «مجموعة منظمة» تستهدف البحث «خارج إطار الشرعية» عن استقلال كاتالونيا. وتحوم حول «الثنائي جوردي» شبهة دفع مئات من الأشخاص، في 20 أيلول الماضي في برشلونة، الى غلق بوابة الخروج لمبنى كان حراس مدنيون يجرون فيه عمليات تفتيش مرتبطة بتنظيم الاستفتاء. وقال وزير العدل رافاييل كاتالا: «ليس لدينا سجناء سياسيون، بل سياسات في السجن». واعتبر مدير كاتالونيا انريكه ميلو أن ما حصل في 20 أيلول لم يكن «لا سلمياً ولا مدنياً». وعند الظهر، غادر آلاف من الموظفين مراكز عملهم في برشلونة ومدن أخرى، للاحتشاد بصمت في الشارع لدقائق تكفي للمطالبة ب «الافراج عن السجناء السياسيين». وفعل الأمر ذاته بيغديمونت ورئيسة بلدية برشلونة أدا كولاو التي اعتبرت أن «وجود سجناء سياسيين لا مكان له الآن في الاتحاد الأوروبي». وانتقدت «إضفاء طابع قضائي على الحياة السياسية» في إسبانيا، علماً انها تعارض إعلان الاستقلال أحادياً. وقالت طبيبة التجميل كارمي غويل (62 سنة) التي شاركت في الاحتجاج في جادة وسط برشلونة: «الدولة الإسبانية حرمت أولاً الناس من حقوقهم والآن تحرمهم أيضاً من حريتهم». الى ذلك، أفاد التعداد الأخير لسجلّ التجارة والشركات بأن 691 شركة نقلت مقرها الرئيس في غضون أسبوعين إلى خارج كاتالونيا بسبب الأزمة. وقالت ناطقة باسم السجل: «فاقت الشركات المغادرة في الأيام العشرة الأخيرة عددها في الأشهر التسعة الأولى عام 2017»، بينها أبرز مصرفين في الإقليم، اذ تثير طموحات الاستقلال مخاوف كبرى في أوساط الأعمال. ويخشى الاقتصاديون من سيناريو مشابه لما حصل في كندا في سبعينات القرن العشرين، حين بدأت مقاطعة كيبيك تطمح إلى الاستقلال، فغادر عدد كبير من الشركات مونتريال إلى تورونتو إلى غير عودة. في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية تحطّم مقاتلة من طراز «أف-18» في قاعدة توريخون العسكرية شرق مدريد خلال إقلاعها، ومقتل قائدها.