هذه عائلة عريقة. جذورها من جذور دلمون. عائلة آل خليفة والبحرين وجهان لأرض واحدة. هذه ليست مزايدة على شرفاء البحرينيين، بل هي الحقيقة التي تحفظها كتب التاريخ، وبالتالي ليس من المعقول أن نترك البحرين وحيدة أمام حفنة من المؤتمرين بأمر ملالي قم. تراب البحرين يتنفس الهواء العربي منذ فجر التاريخ وأهلها عرب أقحاح، وبالتالي من واجب كل عربي، خصوصاً عرب الخليج، أن يناصروا البحرين شعباً وحكومة ضد غوغاء صفوية الهوى والهوية. أحمدي نجاد ليس أكثر حباً منا لآل البيت. ملالي إيران الذين يشتمون صحابة رسول الله صباح مساء، لا يحبون علي بن أبي طالب أكثر منا. الحسن والحسين عربيان ونحن أولى بالدفاع عنهما ممن يرفعون الرايات السود لشق صف المسلمين. التشيّع بشكله العام بدأ عربياً ولا يزال كذلك، ملالي إيران يريدون من وراء التشيّع تحقيق مشروع صفوي. قلت إن التشيّع بدأ عربياً وأن الفكرة بدأت عربية أيضاً، وعلى من أراد من الشيعة العرب أن يأتمر بأمر إيران فليرحل إليها. أعلم أن بعض شيعة الخليج من أصول إيرانية نزحوا إلى الجانب العربي من الخليج إبان العوز والاضطهاد، ولما اشتد ساعدهم رموا الدول التي أكرمتهم ومنحتهم جنسيتها بحجر، ولا أقول إلا كل يعمل بأصله، والفرس عرق معروف منذ أن كان أبناؤه يحكّون ظهورهم على الجدران في صباحات الربيع الدافئة. دعا ولي عهد البحرين منذ الأسبوع الأول المتظاهرين في دوار اللؤلؤة إلى الحوار، مع أنه كان يرى البعض منهم من نافذة مكتبه وهو يحمل صور الخميني وخامنئي ونصر الله، فيما البعض الآخر يرفع شعارات طائفية، لكن الأوامر الإيرانية جاءت للمتظاهرين أن يرفضوا الحوار وأن يصعّدوا سقف المطالب. تحدّث العقلاء من الشيعة العرب عن ضرورة الحوار بين الدولة والمتظاهرين، لكن العقلاء كانوا عرباً والآذان في دوار اللؤلؤة لا تسمع إلا ما هو فارسي. لسنا ضد الإصلاح سواء في البحرين أو غيرها، وإن كنت شخصياً أشك بكل ما جرى في تونس ومصر ويجري الآن في ليبيا والبحرين، لكن ما جرى في البحرين كشف الوجه الأقبح للطائفية والتبعية لإيران، وهو وجه خطر إن لم تُخمد ناره وإن بالقوة، وإلا ماذا يعني أن يتظاهر شيعة في العراق لمناصرة شيعة البحرين؟ هكذا وبكل وقاحة تسمح حكومة المالكي أن يرفع متظاهرون عراقيون شعاراً طائفياً، وهي الحكومة ذاتها التي قمعت التظاهرات الوطنية العراقية المطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد المستشري بين المالكي ورفاقه. شيعة البحرين يسيطرون على البرلمان ولديهم وزراء ووكلاء وزارات ومديرون عامون، كما أن لديهم محاكم «جعفرية» خاصة، وهذه حقوقهم ولا جدال في ذلك، الملك حمد بن عيسى استجاب قبل ولي العهد وأجرى تعديلاً وزارياً لتنفيس الاحتقان، لكن الآذان الفارسية في الدوار لم تكن على الموجة ذاتها التي كان يتحدث عبرها ملك البحرين وولي عهده والعقلاء من أهل البحرين. شيعة البحرين رفعوا شعار: «سلمية.. سلمية»، فيما كان الدوار يغص بالسيوف والخناجر والأسلحة الخفيفة. هذا شعار أثبتت الصور أنه شعار كاذب وأن فيه شيئاً من «التقية الصفوية»، كما أن التجييش الإعلامي الذي مارسته بعض القنوات الشيعية، مثل: «العالم» و«المنار» وبعض القنوات التابعة للميليشيات الشيعية في العراق، أثبتت أن هناك تحريضاً إيرانياً للمتظاهرين في البحرين، إذ أخذت تلك القنوات على عاتقها وصلات من الردح واللطم ورفع شعار «المظلومية»، لدرجة أن البعض منها راح يروّج لأن كل شيعي عربي مظلوم بالفطرة، وأن إيران وحدها الحضن الدافئ للشيعة. شخصياً لا ألوم هذه القنوات، فهي تروّج لأيديولوجيتها، لكني أعتب على قنواتنا المشغولة بالأكتاف والأرداف عن فضح ممارسات ملالي إيران ضد العرب والبلوش والأذر. لماذا لا تتحدث قنواتنا عن الاحتلال الإيراني للأهواز والجزر الإماراتية؟ لماذا لا تتكلم قنواتنا عن منع إيران المسلمين السنة لديها من بناء مساجدهم وتدريس المذهب السني في مدارسها؟ وأخيراً لماذا لا يتحدث الإعلام عن حقيقة أن العرق الفارسي لا يشكّل سوى أقل من 40 في المئة من مجموع سكان إيران؟ إن لم نتحدث الآن ستكون أحداث البحرين مجرد شرارة أولى.