طالب مستشار مالي ومصرفي مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بإجراء فحص دقيق لجميع المصارف السعودية لضمان تطبيقها المعايير المطلوبة، وللتأكد من أن ما حدث في البنك السعودي الفرنسي ما هو إلا حالة شاذة استوجبت التدخل السريع والتطهير القانوني. وقال فضل البوعينين ل«الحياة»: «على رغم تميز الرقابة المصرفية التي توليها مؤسسة النقد جل عنايتها للقطاع المالي والمصرفي إلا أنه يخشى أن تكون الثقة الزائدة بانضباطية المصارف واتباعها المعايير المصرفية الدقيقة وتفعيلها الرقابة الداخلية والوثوق بالرقابة الخارجية، سبباً في الاتكالية وظهور بعض المخالفات المؤثرة والمتدثرة بعباءة الإنضباطية الوهمية». وأضاف: «ربما كان إعلان البنك السعودي الفرنسي، أن مجلس إدارته كلف فريقاً متخصصاً ومستقلاً للقيام بفحص شامل للتأكد من تجاوزات في العمليات الخاصة بحوافز عدد من موظفي الشركة، تأكيداً للإشاعات التي انتشرت عن تجاوزات مالية ارتبطت ببعض موظفي المصرف، وهي إشاعات تم تداولها خلال اليومين الماضيين بتفصيل دقيق لم تشر إدارة البنك له في بيانها المقتضب الذي ربما أخرجه تسرب الأخبار وانتشار الإشاعة قسراً». وتابع: «هناك أكثر من جانب يمكن مناقشته في القضية التي تضمنها بيان البنك السعودي الفرنسي، الأول مرتبط باستخدام المصطلحات الدقيقة لتبيان القضية، ومعنى التجاوزات المشار إليها، والحوافز المقصودة بالبيان، فهناك فارق كبير بين المبالغة في دفع حوافز التنفيذيين وفق قرارات صادرة عن مجلس الإدارة، وبين تحويلات مالية تمت بمعزل عن الرقابة الداخلية». وزاد البو عينين: «أما الجانب الثاني فيتعلق بالجهة التي اكتشفت تلك التجاوزات وهل تم الكشف عنها من إدارة الرقابة الداخلية في البنك؟ أم من مؤسسة النقد؟ أم من الجهات الأمنية؟ ويغلب الظن أن الكشف عن تلك التجاوزات حدث من خارج دائرة البنك، وإن صح ذلك فبيان البنك السعودي الفرنسي لم يكن دقيقاً في وصف حال المخالفة، كما أن نوعية الرقابة المطبقة في القطاع المصرفي تحتاج إلى فحص وإعادة نظر». ولفت إلى أن الجانب الثالث مرتبط بحجم الحوافز محل الاشتباه، فالشفافية تقتضي معرفة حجم القضية وانعكاساتها المالية على حملة الأسهم والسوق المالية وسمعة القطاع المصرفي، أما الجانب الرابع فمرتبط بالحوكمة التي أغرقتنا بأخبارها هيئة السوق المالية، فالحوكمة في أبسط قواعدها مرتبطة بفصل الصلاحيات وتطبيق المعايير الرقابية، وهي أمور لو كانت موجودة لما حدثت «قضية الحوافز» محل الاتهام. وتساءل البوعينين عن دور هيئة السوق المالية في تعاملها مع إحدى مكونات السوق المالية وإن كانت خاضعة لإشراف «ساما»، إذ إن للهيئة مسؤولية مباشرة مرتبطة بمسؤوليتها عن سوق الأسهم، ومن هنا أطالب هيئة السوق المالية بفحص الصفقات التي تمت على البنك السعودي الفرنسي خلال الأيام الماضية للتحقق منها، وعدم وجود روابط يمكن أن تربط بعضها بأخبار قضية الحوافز. ويعتقد البوعينين أن قضية الحوافز ما هي إلا عينة من نماذج أخرى قد تكون حاضرة في بعض المؤسسات المالية الأخرى، ما يستوجب التوسع في التحقيقات وإجراء فحص دقيق لجميع المصارف السعودية، لضمان تطبيقها المعايير المطلوبة، وللتأكد من أن ما حدث في البنك السعودي الفرنسي ما هو إلا حالة شاذة استوجبت التدخل السريع والتطهير القانوني. وأكد أن السوق في انتظار بيانات تفصيلية يمكن أن تبث الطمأنينة في نفوس المستثمرين وتوقف نزف مؤشر السوق الذي خسر أمس 151 نقطة مسجلاً أدنى إغلاق في 4 أشهر، ليواصل هبوطه لخامس جلسة على التوالي، مسجلاً خلالها خسائر بنحو 400 نقطة وبنسبة تصل إلى 5.4 في المئة، وهو أمر لا يمكن فصله عما حدث، وأحسب أن تسرب الإشاعات أحدث هزة في السوق تستوجب العلاج السريع ونشر النتائج بشفافية مطلقة. وكانت مؤسسة النقد أكدت في وقت سابق أمس، متابعتها للإجراءات والقرارات التي اتخذها مجلس إدارة البنك السعودي الفرنسي لمعالجة أوجه القصور في تطبيق الحوكمة السليمة والسياسات الرقابية وتطبيقاتها، وقالت: «تابعت المؤسسة خلال الفترة الماضية هذا الموضوع بشكل دقيق مع مجلس إدارة البنك وستتولى تطبيق كل الإجراءات النظامية المناسبة على البنك والتحقق من كفاية وعدالة الإجراءات التصحيحية التي اتخذها مجلس الإدارة». ودعت المؤسسة المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافها إلى الالتزام بالأنظمة والتعليمات وعلى وجه الخصوص تطبيق الحوكمة السليمة والفاعلة، مشيرة إلى مواصلة دورها الإشرافي والرقابي على المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافها وتطبيق مبدأ الشفافية. وفي وقت سابق أمس، أعلن البنك السعودي الفرنسي أن مجلس إدارته قام بتكليف فريق متخصص ومستقل للقيام بفحص شامل للتأكد من تجاوزات في العمليات الخاصة بحوافز عدد من موظفي الشركة، وإيضاح أوجه القصور والمتسببين فيها. وأوضح مجلس الإدارة في بيان على «تداول» أن ذلك جاء بناءً على ما ورد إليه من معلومات بوجود تجاوزات للصلاحيات الممنوحة لعدد من العمليات الخاصة بحوافز عدد من موظفي البنك التي تم تنفيذها خلال الأعوام الماضية، نتج منها دفعات مالية مخالفة لسياسة برنامج التحفيز المعتمد، مضيفاً أن المجلس بدأ باتخاذ الإجراءات التصحيحية لمعالجة هذه التجاوزات ومحاسبة من تثبت مخالفته، والعمل على تلافي هذه التجاوزات مستقبلاً. وأشار إلى أنه لا يتوقع وجود أي تغييرات جوهرية في القوائم المالية للبنك، مؤكداً التزامه بكل المتطلبات الرقابية والإشرافية الصادرة من مؤسسة النقد العربي السعودي والجهات الرقابية الأخرى.