طغت التحديات التي تتعرض لها شركات الطيران العربية من الزيادة في الرسوم والضرائب التي تفرضها دول المنطقة، لتعويض تراجع عائدات النفط، على «مؤتمر الطيران في الشرق الأوسط وأفريقيا» الذي انطلق في البحر الميت في الأردن أمس، بحضور أكثر من 200 خبير ومسؤولين من كبرى شركات الطيران الإقليمية، ومن كل القطاعات المتعلقة بقطاع الطيران. وأكد «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» (أياتا) أن هذا التحدي أضيف إلى عدد من الأعباء التي تحملتها الناقلات الإقليمية خلال السنة، بدءاً من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر السفر لبعض الجنسيات في المنطقة، ثم حظر حمل الأجهزة الإلكترونية الشخصية في مقصورة الركاب على متن الطائرات من الشرق الأوسط إلى كلّ من أميركا وبريطانيا، التي جاءت في وقت تعاني الشركات من تراجع أسعار العملات مقابل الدولار، ويضاف إليها التوتر السياسي الذي يسود بعض دول المنطقة، ما قلّص هامش الربح لكل مسافر إلى 1.8 دولار، في حين يصل مستوى هامش ربح كل مسافر على المستوى العالمي إلى 7.7 دولار، ما أثر في تنافسية شركات الطيران الإقليمية، لا سيما في ضوء زيادة الرسوم والضرائب. وأكدت «أياتا» أن نمو الطلب على الشحن الجوي هذه السنة قد يتجاوز النسبة الحالية المتوقعة البالغة 7.5 في المئة، بعدما سجل زيادة تتجاوز 10 في المئة للشهر الرابع على التوالي في آب (أغسطس)، وأضافت في بيان، أن الطلب العالمي على الشحن الجوي زاد بنسبة 12.1 في المئة في آب مدفوعاً بنمو في التجارة العالمية، وأن الطلب ينمو بسرعة استثنائية إذا قورن بمتوسط نمو بلغ 4.4 في المئة في السنوات الخمس الماضية. كما رفعت توقعاتها لأرباح قطاع الطيران العالمي خلال العام الحالي من 29.8 بليون دولار إلى 31.4 بليون دولار، ورجحت أن تتقلص أرباح منطقة الشرق الأوسط خلال السنة إلى 400 مليون دولار، في مقابل 1.1 بليون دولار خلال العام الماضي، ما يشير الى أن الناقلات العربية فقدت نتيجة الحظر الأميركي والبريطاني في ما يتعلق بالأجهزة الالكترونية، إضافة الى تراجع العملات العالمية أمام الدولار وقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وزيادة الرسوم على التذاكر، نحو 700 مليون دولار من أرباحها خلال سنتين، علماً أن أرباح شركات الطيران بلغت العام الماضي نحو 900 مليون دولار، ونحو 1.1 بليون دولار في 2015. وأكد الرئيس الاقليمي ل «أياتا» في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا محمد علي البكري، أن الرسوم الإضافية والضرائب، فاقمت تحديات شركات الطيران العربية، التي ترفد اقتصادات المنطقة بنحو 157 بليون دولار، ويعمل في القطاع أكثر من 2.4 مليون شخص. وأكد مسؤولون من كبرى شركات الطيران العربية شاركوا في المؤتمر وتحدثوا إلى «الحياة»، أن «زيادة الرسوم والضرائب التي تفرضها دول المنطقة تحمّل شركات الطيران الإقليمية أعباء اضافية تصل الى 700 مليون دولار، وقد تنعكس سلباً على تنافسية هذه الشركات، وقد تؤدي إلى تراجع السياحة، التي بدأت تعتمد عليها المنطقة بقوة في تنويع مصادر دخلها بعيداً من النفط». وأشاروا الى أن العائدات التي تدرّها شركات الطيران في الاقتصادات الإقليمية، أكثر بكثير مما تجنيه الدول من الرسوم والضرائب. وقال البكري خلال المؤتمر الذي حضره وزراء سياحة عرب، إن قطاع الطيران يساهم بنحو 3.5 في المئة من الناتج المحلي العالمي، بنحو 2.7 تريليون دولار سنوياً، ويدعم 62.7 مليون وظيفة، بالإضافة إلى أنه ينقل 35 في المئة من التجارة العالمي، التي تصل قيمتها 6.4 تريليون دولار. وأشار الى أن قطاع الطيران مهم جداً لقطاع السياحة في المنطقة التي باتت تعول عليها في تنويع مصادر دخلها، إذ نقل القطاع نحو 1.2 بليون سائح خلال عام 2016. وقال: على رغم أهمية قطاع الطيران لاقتصادات المنطقة، فإن أرباح الناقلات الإقليمية تتضاءل، ويتضاءل معها هامش الربح على المقعد الواحد». وأكد أن شركات الطيران في المنطقة عانت من تراجع أسعار النفط، التي كان من الممكن أن تستفيد منها، ولكنها تأثرت من زيادة الرسوم وفرض ضرائب إضافية على شركات الطيران، في إطار سعي الدول لتنويع مصادر دخلها. كما أن عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده بعض دول المنطقة، أدى إلى تباطؤ في اقتصادات المنطقة التي انعكست بدورها سلباً على قطاع الطيران. ولفتت مصادر من «أياتا» الى أن «الاتحاد يحول دون إدراج حكومات عربية، قطاع الطيران ضمن القطاعات التي تشملها لائحة ضريبة القيمة المضافة التي بدأ بعض الدول العربية تطبيقها، وتعتزم دول خليجية فرضها مطلع العام المقبل». وعزا خبراء من القطاع حضروا اجتماعات «اياتا»، أسباب تراجع أرباح الناقلات العربية، الى وجود طاقة كبيرة بينما نمو الطلب محدود، إضافة إلى تزامن عدد من التحديات التي واجهتها الناقلات العربية خصوصاً الخليجية، بدءاً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى تحديات الهجرة والهجمات الإرهابية في أوروبا، ومن السياسات الجديدة التي تؤثر في السفر جواً إلى الولاياتالمتحدة، فضلاً عن انخفاض أسعار صرف العملات ومشكلات تحويل العائدات من بعض الدول الأفريقية، إضافة إلى التأثيرات المتتالية للتباطؤ الذي تشهده صناعة النفط والغاز على الثقة في قطاع الأعمال والطلب على السفر.