وجوه مبتسمة. أيد متلاحمة. قبلات متطايرة بين وجوه بطّ ودجاج وحمام وعصافير. أجساد راقصة لصغار بثياب العيد. قلوب حمر وقمر وشمس تعد بغدٍ مشرق... لوحات رسمها أطفال من إمارة الشارقة تشكّل جميعها شراع «قارب التسامح» الخشبي الآتي من البندقية الإيطالية ليجوب أكثر من مدينة، حتى يصل الى نيويورك حيث مقرّ الأممالمتحدة للفت الانتباه الى قضية ما زالت تقلق العالم. يتساءل الناس في الشارقة منذ أيام عن طبيعة هذا القارب الغريب الذي يمرّ قبالة الشاطئ، «كأن شراعه الملوّن يشي بنبض حياة فرحة طفولية ملوّنة؟»، تقول سيدة مراقبة عن كثب مسيرة القارب بالانكليزية، وهي تتناول الغداء مع عائلتها على الكورنيش. لكن الجواب يأتيها مباشرة من صاحبة فكرة هذا التجهيز الفني الذي يزور الشارقة للمشاركة في فعاليات «بينالي الشارقة العاشر» وهي الفنانة الأوكرانية إميليا كباكوف التي قرّرت العمل على مشاريع خاصة بالأطفال مع زوجها إيليا بعد وفاة ابنة أختها نتيجة مرض عضال. وشرحت إميليا ل «الحياة» إن «التربية هي أساس تطوير المجتمع، وإن الأطفال هم الخميرة التي يمكن استثمارها لتُنتج خبزاً طازجاً يغذي كل شرائح هذا المجتمع». وينطلق الفنانان كباكوف المعروفان بمشاريعهما الفنية التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية معاصرة ونالا جوائز عالمية، في هذا العمل من الاعتقاد بأن نوعية أي مجتمع تتحدد من خلال التعليم الذي يوفره هذا المجتمع لأطفاله. لذا يريدان من خلال هذا القارب تعريف الأطفال في جميع أنحاء العالم برسالة التسامح، وذلك من طريق تعلّمها ومعايشتها في سن صغيرة من خلال ورشات عمل وحوارات يديرها الفنانان في أكثر من مدينة، «ما يمكّن هؤلاء الصغار من التخلص من مشكلات جسيمة يعاني منها العالم بأسره وهي العنصرية والعنف وعدم تقبل الآخر وعدم احترامه والتي تتزايد يوماً بعد يوم»، كما تقول إميليا. القارب الذي يحطّ في كل بلد مضيف لشهر أو أكثر، أبحر من مدينة سيوة في مصر العام 2006، ثم انتقل الى البندقية في إيطاليا حيث شارك في بينالي المدينة ع ام 2007، ثم الى سانت موريتز في سويسرا في 2010، وها هو في الشارقة التي سينتقل منها إلى مدن عدة قبل أن يصل إلى ميامي وهافانا الكوبية ثم الى نيويورك حيث يعقد اجتماع لحقوق الانسان في مقرّ الأممالمتحدة.