أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته خلال لقاء القمة التاريخي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، أن «أمن منطقة الخليج والشرق الأوسط واستقرارهما ضرورة قصوى لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي، ما يستوجب التزام إيران الكف عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، وزعزعة الأمن والاستقرار فيها». وشكر خادم الحرمين للرئيس الروسي حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وقال: «إنه من دواعي سرورنا أن نكون في بلدكم الصديق لتأكيد حرصنا على تعزيز العلاقات وترسيخها بين بلدينا وشعبينا في مختلف المجالات»، مشيداً «بما تتسم به من توافق في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، والتنسيق المستمر في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والازدهار في أوطاننا وخدمة الأمن والسلم الدوليين، كما أننا حريصون على استمرار التعاون الإيجابي بين بلدينا لتحقيق استقرار أسواق النفط العالمية خدمة لنمو الاقتصاد العالمي». واضاف الملك سلمان: «إن المجتمع الدولي مطالب اليوم بتكثيف الجهود لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، واستشعاراً من المملكة لما يمثله الإرهاب والتطرف من خطورة عظمى على أمن الدول والشعوب واستقرارها؛ فقد دعت المملكة إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب في الأممالمتحدة وتبرعت بمبلغ 110 ملايين دولار. كما عملت المملكة على تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم 41 دولة إسلامية، وتأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف في الرياض». ودعا خادم الحرمين إلى ضرورة إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واعتبار مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية المرجعيةَ للوصول إلى سلام شامل وعادل ودائم يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وقال إن أمن منطقة الخليج والشرق الأوسط واستقرارهما ضرورة قصوى لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي، ما يستوجب التزام إيران الكف عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، وزعزعة الأمن والاستقرار فيها. ودعا إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، ويحفظ وحدة سورية وسلامة أراضيها، كما أكد أهمية الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه وتوحيد جبهته الداخلية لمحاربة الإرهاب. وألقى الرئيس الروسي بوتين كلمة أبرز فيها أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين لروسيا والمحادثات التي تمت، وقال: «إن هذه المحادثات كانت غنية بالمضمون واتسمت بالثقة»، وأضاف: «إننا سعداء جداً بهذه الزيارة التي تقومون بها، وهي أول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وإنني متأكد من أن هذه الزيارة ستعطي زخماً قوياً جديداً لمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين». وذكّر بوتين بتاريخ العلاقات الثنائية بين موسكووالرياض، وأن الاتحاد السوفياتي كان أول دولة اعترفت بالمملكة العربية السعودية في عام 1926. وأسفرت القمة الروسية– السعودية في الكرملين أمس، عن إطلاق «خريطة طريق» لتعزيز العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حرص بلاده على تنشيط التعاون مع روسيا ودعا إلى تحقيق تسويات سياسية في الشرق الأوسط، تحفظ سلامة أراضي العراق وسورية، وإلى وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني. فيما أشاد الرئيس فلاديمير بوتين بمحادثاته مع الملك سلمان، مشدداً على «الزخم الذي منحته زيارتكم للعلاقات بين بلدينا». وأجرى الزعيمان جولة محادثات مغلقة في قاعة «أندريفسكي» في الكرملين، قبل أن ينضم إليهما وفدا البلدين في جلسة موسعة للنقاش الذي تناول وفق الكرملين كل نواحي العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية والدولية، وخصوصاً الملفات الساخنة في المنطقة. وفي ختام المحادثات، أكد خادم الحرمين تطابق مواقف الرياضوموسكو إزاء العديد من القضايا الدولية، مشيراً إلى أن السعودية سوف تواصل التعاون مع الجانب الروسي في مختلف المجالات، وخصوصاً في مجال الطاقة من أجل تحقيق استقرار أسعار النفط. ووقّع الملك سلمان وبوتين في أعقاب المحادثات عدداً من الاتفاقات الثنائية لتعزيز التعاون في المجالات المختلفة، وخصوصاً في مجال الطاقة والاستخدام السلمي للطاقة الذرية وصناعات الفضاء. كما تم خلال الزيارة توقيع رزمة واسعة من العقود الاستثمارية واتفاقات التعاون بقيمة وصلت إلى نحو 7 بلايين دولار وفق تقديرات منتدى الاستثمار الروسي– السعودي الذي انطلقت أعماله أمس في موسكو بالتوازي مع النقاشات الجارية في الكرملين. وفي تطور يشير إلى توسيع غير مسبوق في مجالات التعاون، تحدثت أوساط روسية عن محادثات لبيع أنظمة صاروخية روسية متطورة من طراز «أس400» إلى المملكة، لتكون البلد الثاني بعد تركيا الذي يحصل على هذه الأنظمة. وقال مسؤولون روس إن الصفقة تبلغ قيمتها بلايين عدة من الدولارات. وعقد وزيرا الخارجية عادل الجبير وسيرغي لافروف مؤتمراً صحافياً في ختام جولات المحادثات أكدا خلاله بلورة «خريطة» طريق لتعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية، وفق الجبير، الذي شدد على انفتاح المملكة لتوسيع التنسيق مع روسيا في الملفات الإقليمية والدولية، وأكد دعم الرياض جهود روسيا في آستانة، والسعي إلى تسوية سياسية في سورية. وأكد وزير الخارجية السعودي أن الدولتين ملتزمتان بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واحترام المصالح المتبادلة. وقال إن بلاده تعمل بشكل مكثف مع روسيا لتحقيق التسوية في سورية وتبذل جهوداً لتوحيد المعارضة السورية. وأكد لافروف أن روسيا والسعودية متفقتان على أن محاربة الإرهاب تمثل أولوية بالنسبة إلى البلدين. ووصف المحادثات بين بوتين والملك سلمان ب «الحوار الودي والمفصل الذي يقوم على الرغبة المشتركة لموسكووالرياض في تعزيز تعاون متبادل المنفعة في جميع المجالات بشكل ممنهج».