مررنا الاسبوع الماضي وبعد صلاة الجمعة بتجربة فريدة، فالكل منا كان يتساءل ماذا سيحدث في ذلك اليوم من امكانية قيام تظاهرات واعتصامات في مدننا، اعتقد ان المتابعين في الخارج كان لديهم اعتقاد اننا جزء من العالم العربي الذي يعيش حمى الثورات الشعبية التي تحدث في مشهدنا العربي بهذه الصورة. هناك زخم من الاهتمام في وسائل الاعلام الغربية لما سيحدث في المملكة وكانت هناك الكثير من البرامج الحوارية في تلك الوسائل وخاصة الناطقة باللغة العربية وكانت تستضيف محاورين معروفين بمواقفهم العدائية للمملكة واعتقد ان تلك الوسائل اخطات في تدوير هؤلاء الاشخاص لانهم معزولون عن دولتنا باضافة الى تدني درجة مصداقيتهم في الداخل السعودي، مثل هذا الزخم الاعلامي الاجنبي مع بعض المواقف الغربية لبعض الدول التي اعلنت مواقفها باحترام حرية المواطنين وهو ما عبرت عنه وزارة الخارجية الاميركية بالاضافة الى مواقف المنظمات الحقوقية الدولية التي اصدرت التقارير اللحظية حول توقع حدوث مظاهرات في المدن السعودية. في الجانب الشرقي من عالمنا العربي تقف ايران بقنواتها العربية وصحافتها المطبوعة تبشر بالثورات العربية وخاصة في الخليج وتدعي وقوفها الى جانب الشعوب العربية في ثوراتها، ولكن مثل هذا السلوك الايراني لا يمكن ان ينطلي على شعوب المنطقة العربية التي تحترم الشعب الايراني ولكنها تعلم ان النظام الايراني الثيوقراطي يقمع القوي الاصلاحية في الداخل الايراني ويضطهد الاقليات على اساس مذهبي، فايران تصدر ازماتها لعالمنا العربي وتحاول ان تستفيد مما نمر به من تغيرات سياسية جذرية خاصة على مستوي طبيعة الانظمة العربية الحاكمة. اعتقد ان ايران مخطئة في حساباتها هذه، فالديمقراطية والحرية التي تلوح في الافق تخيف ايران فالقضية ليست حكام شموليين سيختفون من المشهد السياسي ولكن هناك ثورات تتشكل في عالمنا العربي وستؤسس لانظمة عربية تعبر عن هموم وامال وتطلعات الانسان العربي سواء في البلدان التي حدثت بها ثورات او التي في طريقها الى ذلك. فهذه الشعوب العربية تدرك ان ايران تحتل اراض عربية وتظهر اشد درجات الغضب على من يطلق على الخليج العربي غير هذا المسمي، فكيف نصدق مثل هذه الادعاءات الايرانية. في دولتنا والتجربة التي مررنا بها، أخيراً يمكن القول ان الدولة متعايشة مع مواطنيها وتعمل في تناسق معهم مما اخرج هذه النتيجة. ان الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكأنه يقرأ المستقبل عندما بويع قائداً لهذه البلاد فقد كان مشروع الاصلاح هو برنامجه الاساسي في التعليم والاقتصاد والقضايا ومحاربة الفساد ووقوفه الى جانب ابناء شعبه من المحتاجين فالكل يتذكر زياراتها للاحياء التي يقطن بها بعض الفقراء ووعوده بحل مشاكلهم، بالاضافة الى استشعاره لقضية تملك المواطنين لمساكن حيث اسس مؤسسة تعني بهذا المجال على اساس غير ربحي. مشروع الاصلاح الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين يجب ان يستمر وبوتيرة اسرع وان يكون مشروع اصلاحي مؤسساتي كما في حال مركز الحوار الوطني مع بعض التغييرات التي يمكن ان تدخل على المؤسسات القائمة الآن لاعطائها المزيد من الصلاحيات كما هو الحال في مجلس الشورى وقضايا مشاركة المراة في الشان العام وتفعيل المؤسسات الرسمية والاهلية والمعنية بقضايا حقوق الإنسان، فمثل هذه التوجهات اثبتت تاريخياً انها ضمان للاستقرار بجميع اشكاله في الظروف الصعبة. الملك عبدالله قريب الى نبض المواطنين ويتلمس قضاياهم وسيستمر في مشروعنا جميعاً للاصلاح. نعم يوجد لدينا العديد من القضايا التي يجب ألا نتأخر في معالجتها ومن اهمها قضية البطالة والتي قد تصل نسبتها الى عشرة في المائية وهذا باعتقادي نسبة مرتفعة في بلد يعد من اغناء دول العالم ويعمل به ملايين الافراد من الدول الاخرى فهذا يثير تساؤل عن اين يمكن معرفة الخلل في هذه القضية فهل التعليم ومخرجاته كما يردد دائماً هو السبب او ان التساهل في تطبيق الانظمة في هذا المجال قد عمق المشكلة ويطرح البعض ان سوق التاشيرات اصبحت مصدر دخل لبعض المتنفذين على جميع المستويات. ان ما أمر به خادم الحرمين الشريفين لتقديم اعانة شهرية لطالبي العمل لمدة محددة لهي خطوة انسانية طيبه للوقوف مع هذه الفئة المعطلة في مجتمعنا والذي يفترض ان تقود قطار التنمية، اننا نمر بمرحلة تتطلب الحلول والتضحيات وخاصة في القطاع الخاص لمساعدة الحكومة لمعالجة مثل هذه القضايا. قضايا ايجاد المسكن المناسب لكل مواطن ومواطنة يجب ان تحظى باولوية لدينا جميعاً فمثلاً نجد ان مشروع الرهن العقاري لم برئ النور منذ فترة طويلة فهو في رحلة طويلة بين بعض الاجهزة الحكومية ولم نعرف السبب في اقراره وتطبيقه.لا يمكن الشك بان توجهات القيادة في المملكة هي في خدمة المواطن وفي جميع المناطق بدون اية تفرقة في مشاريع التنمية وهو ما اعطي بلادنا هذه الحصانة ضد ما يحدث حولنا ولكن يجب ان يكون الاصلاح المنظم والمتدرج هو همنا القادم وان يكون اسرع لمواجهة الظروف والتطورات التي يعشها العالم والذي نحن جزءاً مهماً منه. [email protected]