صعدت إسرائيل حملتها الديبلوماسية وتهديداتها للسلطة الفلسطينية من أبعاد مواصلة سعيها للوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وذلك في أعقاب قبول فلسطين عضواً في منظمة الشرطة الدولية «إنتربول». في المقابل، حذرت الأممالمتحدة 150 شركة إسرائيلية وأجنبية من مغبة مواصلتها التعامل مع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، التي احتفل قادة الدولة العبرية بمرور نصف قرن على بدء إقامتها في أنحاء الأراضي المحتلة عام 1967. وذكرت القناة «11» للتلفزيون الإسرائيلي أن تل أبيب تبلور خطة مع أعضاء في الكونغرس الأميركي تقضي بأنه في حال واصلت السلطة الفلسطينية نشاطها لبلوغ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فإن واشنطن سترد على ذلك بإغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وأضافت أن الخطة تأتي في أعقاب قبول السلطة الفلسطينية في «إنتربول». وتابعت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو طرح هذه الفكرة خلال لقائه الموفد الأميركي الخاص جيسون غرينبلات والسفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان والسفير الإسرائيلي في واشنطن دان دريمر قبل يومين. ونقلت عنه اعتباره انضمام الفلسطينيين إلى المنظمة الدولية للشرطة «خطوة تنتهك اتفاقات موقعة مع إسرائيل»، مضيفاً أن نشاط القيادة الفلسطينية «يمس مساً خطيراً بفرص السلام»، مشدداً على أن «المعركة الديبلوماسية للفلسطينيين لن تمر من دون رد». وأفادت الإذاعة العامة بأن إسرائيل لم تقتنع برسائل فلسطينية تقول إن الهدف من الانضمام هو ملاحقة فلسطينيين، «مثل محمد دحلان» وليس ضباطاً إسرائيليين مشتبهين بتنفيذ أعمال قتل وقمع بحق فلسطينيين. وانضم الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريبلين إلى منتقدي السلطة الفلسطينية واعتبر أن انضمامها إلى إنتربوول «يجعل من هيئة مهنية أخرى جهةً سياسية في إطار الحملة الفلسطينية لنزع الشرعية عن إسرائيل»، مضيفاً أن القرار سيمس بقدرات المنظمة على محاربة الإرهاب العالمي. وسخر الوزير تساحي هنغبي من «احتفالات الفلسطينيين بإنجازات صغيرة وانشغالهم في معارك صبيانية»، معتبراً أن مثل هذه «الانتصارات تجلب كوارث على المنتصرين... الفلسطينيون مصابون بعمى سياسي. عالقون في المكان ذاته منذ 70 عاماً، تطورت خلالها إسرائيل وأصبحت دولة قوية». وطبقاً للإذاعة العامة، فإن واشنطن قلقة من احتمال انضمام الفلسطينيين إلى منظمة «المُلْكية الروحية» التابعة للأمم المتحدة، وأنه سبق أن أوضحت للفلسطينيين أن قبول الفلسطينيين في المنظمة سيرغم الولاياتالمتحدة على الانسحاب منها بناءً لقرار سابق للكونغرس «ما سيسبب أضراراً اقتصادية وتجارية كبيرة لها». بالتوازي مع الانتقادات، احتفلت إسرائيل مساء أول من أمس، بمرور 50 عاماً على «بدء المشروع الاستيطاني في الضفة الغربيةوالقدس وغور الأردن والجولان»، بحضور رئيس الحكومة وعدد من وزرائه. وتعهد نتانياهو أمام الحضور «عدم إزالة اية مستوطنة أو بلدة، يهودية أو عربية في أرض إسرائيل». كما تعهد أن التكتل الاستيطاني «غوش عتصيون» (جنوبالقدس ناحية بيت لحم) سيبقى جزءاً من دولة إسرائيل». ودعا زعيم «البيت اليهودي» ممثل المستوطنين في الحكومة وزير التعليم نفتالي بينيت خلال كلمته في الاحتفال الحكومة إلى ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، «وهذا هو الوقت لذلك ولا وقت أفضل من هذا الوقت، وسنتغلب على معارضة العالم الذي يدرك هو أيضاً أن أرض إسرائيل لن تُقسَّم ثانية. إذ بات الجميع يدركون أننا هنا بحق وليس منةً من أحد». إلى ذلك، أبرزت وسائل الإعلام العبرية رسائل التحذير التي بعث بها في الأسبوعين الأخيرين المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة الأمير الأردني زيد بن رعد الحسين إلى 150 شركة إسرائيلية وأجنبية من الولاياتالمتحدة وألمانيا وكوريا الجنوبية والنروج وغيرها، من نيته إدخالها إلى القائمة السوداء للشركات التي تتعامل مع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةوالقدس المحتلتين في شكل يتعارض والقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن ديبلوماسيين إسرائيليين وغربيين بأن الرسائل أرسلت أيضاً إلى وزارات خارجية عدد من الدول لإطلاعها، وأن بعض هذه الشركات أبلغ المفوَّض أنها لن تجدد عقودها مع المستوطنات. وتابعت الصحيفة أن القلق الإسرائيلي من هذه الرسائل هو أن تقوم شركات أجنبية مهددة بسحب استثماراتها في المستوطنات وفي إسرائيل أيضاً «لأن الشركات لا تميز بين إسرائيل ومستوطناتها وتفضل الخروج كلياً تفادياً لأي أزمة تنشأ على خلفية سياسية». وتخشى إسرائيل أن تكون خطوة كهذه من الشركات بمثابة كرة ثلج تتدحرج. وأشارت الصحيفة إلى أن لجنة وزارية شرعت في الاتصال بالشركات المهددة في محاولة لإقناعها بأن «القائمة السوداء» ليست ذات أهمية وليست ملزمة، لكن مصادر في وزارة الخارجية توقعت أنه مع كل الضغوط الإسرائيلية فإن «القائمة السوداء» ستنشر نهاية هذا العام.