طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس بوقف أنشطة الشركات العاملة في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة التي «تساهم في واحد أو أكثر من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات الحقوقية» للفلسطينيين، فيما انتقد السفير الأميركي لدى اسرائيل دان شبيرو سياسات تل ابيب الاستيطانية التوسعية وانفلات المستوطنين اليهود في أعمال عنف ضد الفلسطينيين من دون عقاب ملائم. وفي تقرير انتقدت المنظمة، التي تتخذ الولاياتالمتحدة مقراً، السياسة الاسرائيلية في الضفة الغربية التي تكمن في دعم الحكومة للاستيطان و «مصادرة إسرائيل غير المشروعة للأراضي وغيرها من الموارد الفلسطينية». وانتقد التقرير الشركات بما فيها الأجنبية المرتبطة بالمستوطنات خصوصاً في قطاعات الإسمنت والعقارات لأنها تدعم «معاملة إسرائيل التفضيلية للمستوطنين في جميع جوانب الحياة في الضفة الغربية تقريباً»، مضيفاً ان «إسرائيل توفر للمستوطنين، ولشركات الاستيطان في أحيان عديدة، الأرض والمياه والبنى التحتية والموارد والحوافز المالية، لتشجيع نمو المستوطنات». وقال المسؤول في المنظمة ارفيند غانيسان «أن الأنشطة المتصلة بالاستيطان تستفيد استفادة مباشرة من سياسات إسرائيل التمييزية في تخطيط المناطق الحضرية، وتخصيص الأراضي، والموارد الطبيعية، والحوافز المالية، والنفاذ إلى الموارد والبنى التحتية. وتؤدي هذه السياسات إلى التهجير القسري للفلسطينيين، ووضعهم موضع الاستضعاف في مواجهة المستوطنين». وأضاف: «لا تدعو هيومن رايتس ووتش إلى مقاطعة المستهلكين لشركات المستوطنات، وإنما إلى أن تلتزم الشركات بما عليها من مسؤوليات بمجال حقوق الإنسان، وأن تكفّ عن الأنشطة المتعلقة بالمستوطنات». ورفضت وحدة وزارة الدفاع المكلفة القضايا المدنية في الضفة الغربية التعليق على هذا التقرير، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية في بيان ان التقرير لم يدرس بعد ووصفه بأنه «منحاز». وأضاف المتحدث «في وقت تتخذ فيه اسرائيل والأسرة الدولية تدابير ملموسة لتحفيز الاقتصاد الفلسطيني وزيادة عدد الوظائف، فإن اسرائيل قلقة من آثار تقرير منحاز ومسيس يهدد لقمة عيش آلاف الفلسطينيين من خلال تقويض الأمثلة النادرة من التعايش والتنسيق والتعاون بين الاسرائيليين والفلسطينيين». وتحتل اسرائيل الضفة الغربية منذ 1967 ويعيش اكثر من نصف مليون اسرائيلي في هذه المنطقة وفي القدسالشرقيةالمحتلة. واتفاقات الحكم الذاتي الفلسطيني المبرمة في اوسلو في 1993 افضت الى انشاء ثلاث مناطق في الضفة الغربية. وبقيت المنطقة «ج» التي تمتد على 60 في المئة من الاراضي تحت سيطرة اسرائيل الكاملة في حين ان للسلطة الفلسطينية سلطات محدودة على المنطقتين «أ» و «ب». وكان يفترض ان تفضي هذه الاتفاقات الى حل دائم خلال خمس سنوات. لكن العملية تعطلت وتشهد الضفة الغربيةوالقدس واسرائيل موجة جديدة من اعمال العنف. وتعتبر المستوطنات اليهودية التي أقيمت على اراضٍ فلسطينية غير مشروعة من جانب الأسرة الدولية وعقبة اساسية لإرساء السلام. وترى «هيومن رايتس ووتش» ان الشركات الاجنبية الناشطة في المنطقة «ج» تساعد المستوطنات في حين تمنع اسرائيل الفلسطينيين من البناء فيها او استثمار مواردها الطبيعية. وذكرت المنظمة على سبيل المثال شركات اجنبية كمجموعة «هايدلبرغ للاسمنت» الألمانية وشركة «ريماكس» العقارية الاميركية، لافتة الى انها وجهت اليهما رسالتين في هذا الشأن. ووفق المنظمة فإن هايدلبرغ ردت ان ما تقوم به في «مقلع نحل رابا لا ينتهك حقوق الانسان وسبل عيش الشعب الفلسطيني» وهي تؤمن وظائف للفلسطينيين برواتب محترمة. اما ريماكس فلم تجب على سؤال «فرانس برس» ولم ترد على رسالة هيومن رايتس ووتش». وكانت هذه الشركة اكدت سابقاً ان فروعها المحلية تعمل بصورة مستقلة على شكل امتياز. الى ذلك، أعربت إسرائيل عن انزعاجها من الانتقادات التي وجهها السفير الأميركي في تل أبيب على سياستها الاستيطانية التوسعية وانفلات المستوطنين اليهود في أعمال عنف ضد الفلسطينيين من دون عقاب ملائم. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة إن أقوال شبيرو ليست مقبولة ولا صحيحة، وإن «إسرائيل تفرض القانون على (المستوطنين) الإسرائيليين مثلما تفرضه على الفلسطينيين»، متهماً السلطة الفلسطينية بالجمود السياسي وبالتحريض ورفض المفاوضات. وقال شبيرو في محاضرته أمام «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب إنه «لا يوجد ما يبرر العنف، وأن سياسة الاستيطان تطرح علامات سؤال كثيرة حول نيات إسرائيل»، مضيفاً أن واشنطن قلقة من استراتيجية إسرائيل في شأن البناء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن التوسع الاستيطاني يجعل من حل الدولتين إشكالياً. وتابع أن ثمة حوادث عنف كثيرة ارتكبها المستوطنون ضد فلسطينيين «لكن لم تتم معالجتها كما ينبغي، ولم نرَ تحقيقات عميقة من السلطات الإسرائيلية، وأحياناً يبدو أن لإسرائيل معيارين لفرض القانون في الضفة الغربية، واحد لليهود وآخر للفلسطينيين». واعتبر مراقبون هذه الانتقادات غير مسبوقة بحدتها، ولم يستبعد احدهم أن تكون تمهيداً لخطوات أميركية مماثلة للأوروبية ضد منتجات المستوطنات. وكتب المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت» أن تصريحات شبيرو هي رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية بوجوب التحرك لتطبيق حل الدولتين ودعوة لإطلاق مبادرات جديدة لوقف الصراع الدامي.