تعود المغنية والمؤلفة اللبنانية ياسمين حمدان الى بيروت بعد انقطاع لتقديم ألبومها الجديد «الجميلات»، وأغنية مصورة من إخراج الفلسطيني إيليا سليمان، وافتتاح مهرجان «بيروت اند بيوند»، في السابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. تندد الفنانة الملتزمة في عملها الجديد، بالفساد وتجد نفسها في صورة المواطن المحبط الخائب الذي بات ضحية دولة مقصّرة وسياسيين متخاصمين متناحرين في نزاعات متناسلة يستغلونه بلا كلل، فيما كل ما يريده هو غسل يديه منهم، وتواصل ثورتها الناعمة عبر رحلة استكشاف موسيقية فطرية تتجاوز قيود الأعراف السائدة. علماً أن الألبوم يضم قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. تنكبّ ياسمين على التأليف والتلحين والغناء، لتبني مشروعاً موسيقياً يتطور مناوراً خارج أطر الأعراف. وتطعّم ابتكاراتها بعناصر مستوحاة من الموسيقى الالكترونية أو الفولكلورية أو البوب الأحدث. في ألبومها الأول «يا ناس» (2013)، قدّمت ياسمين نسختها الخاصة المعاصرة لموسيقى البوب العربية. وهي تواصل في «الجميلات» استكشافها الموسيقي، فيما تواكب التحوّلات الجارية في العالم العربي. مع أن غناء ياسمين يجد جذوراً في تراث الموسيقى العربية التي تقاربُها من زاوية متجدّدة، تتحقّق رؤيتها بالكامل في هذا الألبوم الصادر بالتعاون مع المنتجَين البريطانيين لوك سميث وليو ابراهامز، والمُسجّل بمساهمة الموسيقيَين النيويوركيين شهزاد إسماعيلي وستيف شيلي من فرقة سونيك يوث. ياسمين تنقّلت بين ستّة بلدان وتشرّبت ثقافاتها الكثيرة. لذلك لا يمكن ألّا يتحوّل إصدار هذا الألبوم أيضاً إلى رحلة اختزنت عبرها الأصوات والأفكار وولّفت بينها، واستقت في طريقها من تفاعلات مستمرة مع بشر مختلفين وعمّقت تفكيرها ووسّعت وعيها الاجتماعي والسياسي الذي يندسّ لا محالة في كلمات أغانيها. جذب إصدار ألبوم «يا ناس» اهتماماً عارماً في أوروبا والولايات المتحدة، وكذلك في شمال افريقيا والشرق الأوسط . أحيت ياسمين عروضاً متميّزة في قارّات أربع (بينها سلسلة حفلات لإطلاق فيلم جيم جارموش «العشاق وحدهم بقوا أحياء»، الذي ظهرت فيه مغنّية في بعض من أبرز مشاهد الفيلم). وتقول عن ألبومها الجديد: «توجّهت إلى نيويورك وفي جعبتي 11 عيّنة - نموذجاً أنهيت العمل عليها بين القطارات والطائرات وغرف الفنادق، أثناء جولتي لألبوم «يا ناس». استغرق التسجيل خمسة أيام في استوديو «سونيك يوث» في هوبوكن، بمنطقة نيويورك، حيث ساعدني صديقي ستيف شيلي (الذي يعزف الطبول في هذا الألبوم) في تنظيم تلك الجلسات. ونظراً إلى أن الموسيقيين بغالبيتهم لم يستمعوا إلى أي من النماذج من قبل، حضروا إلى الاستوديو بآذان صافية وصاغية». وتضيف: «أسعى لإصدار ألبومات تشمل مزاجات كثيرة. وخاضت أغاني هذا الألبوم نضوجاً عضوياً أثناء بلورته، فيما تضافرت أفكار كثيرة في مرحلة التحرير لأن السياق أتاح ذلك. فقد تحتّم على المسيرة أن تشهد ترحالاً نقّالاً، شبيهاً بحياتي بعض الشيء، بما يجيز وقوع المصادفات. هذا السياق المتعدّد الأوجه كان له تأثير طاغٍ في الصوت، عندما أؤلّف، أريد استكشاف مختلف توليفات الأنماط والإيقاعات، أياً كانت مصادرها أو إيحاءاتها، ومهما كانت الأعراف والقوالب المعهودة. فما يثير اهتمامي العثور على نقاط تلاقي الفضاءات بتجاوز الأنواع الموسيقية المحدّدة وعوالمها، وأهوى البحث عن هذا المكان حيث يصبح الدمج بديهياً، والتناغم مع الموسيقى العربية تلقائياً». اشتملت عملية التسجيل على آلات من الشرق الأوسط وآسيا وإيقاعات خليجية وعراقية وقيثارات طوارقية الطابع وأنماط بزق غير معهودة، إلى جانب مقاطع دورية مألوفة الطراز للغيتار والطبول والآلات الالكترونية والنماذج المتواترة، مرفقة بأصوات عضوية بنكهات طبول تراثية. أما الكمان وأُرغن الهارمونيوم فيضفيان ألواناً على بعض الأغاني التي تتلوّح أحياناً بألحان تستحضر صوراً من الهند وسائر آسيا وعبق الصحارى. تبلور الألبوم على خلفية حراك وترحال لانبثاقه على الطريق. ويتلألأ بين ثنايا غالبية الأغاني بُعدٌ اجتماعي وسياسي، على غرار الشخصيات والنفسيات الأنثوية التي تبتكرها الفنانة.