أضاف النجم ليونيل ميسي أزمة جديدة إلى أزمات نادي برشلونة الإسباني في موسم مليء بالتخبطات والصراعات، في موقف غريب من النجم الأرجنتيني، عكستها عروضه المتواضعة، ما قاد النقاد إلى حيرة في اعتبار موقف ميسي المتصلب منطقياً، بل بات يفسر على أنه وضع النادي رهينة لطلباته وإلا فإنه قد يهدد بالرحيل. هناك قول مأثور في قواميس أنجح الأندية الكروية في العالم: «لا يوجد لاعب أكبر من النادي»، والسبب معروف ومفهوم، فالنادي باق لا يزول في حين يتداور اللاعبون والنجوم مهما كبر حجمهم أو صغر، لكن الأهم في هذا القول ألا يقع النادي رهينة طلبات وأوامر النجم الكروي. اليوم نرى مثالاً حياً بعكس هذا القول، إن صحت التقارير التي أكدت أن ميسي الذي جدد عقده مع برشلونة بما يقارب 17 مليون يورو للموسم الواحد اشترط جلب مواطنه سيرجيو أغويرو مهاجم مانشستر سيتي الإنكليزي، وأيضاً تجديد عقد صديقه ذي القدرات المحدودة الحارس خوسيه بينتو، فهل كسر برشلونة هذه القاعدة؟ وهل أصبح ميسي أكبر من النادي الكتالوني؟ لا شك في أن برشلونة مر بموسم استثنائي من الأزمات والخيبات والصراعات، لكنها تبقى مفهومة عندما تكون هذه الصراعات مع جهات خارجية، مثل الصراع مع محكمة الضرائب الإسبانية على خلفية صفقة نيمار، أو مع «الفيفا» على خلفية ضم اللاعبين اليافعين، لكنها تؤرق وتدمي عندما تكون مع أبرز نجوم الفريق. الصراع بين ميسي وإدارة برشلونة لم يكن وليد اللحظة، فالنجم الأرجنتيني ينظر إلى ضرورة رعايته وتحديث عقده في كل حين وآخر، خصوصاً إذا جدد منافسوه عقودهم، وهو أمر مفهوم فعله كريستيانو رونالدو نفسه في ريال مدريد عندما أعلن للملأ أنه «حزين»، فأشغل محبيه والعالم الكروي بحثاً عن سبب هذا الحزن، على رغم أنه من الوهلة الأولى لم يخرج هذا الحزن عن إطار المادة والمصلحة الشخصية. ميسي لم يؤرقه صراعه مع كريستيانو بقدر ما أزعجه قدوم نيمار، الذي بدا للحظات أنه قادم لسحب البساط من تحت أقدام الساحر الأرجنتيني، فهنا بدأ الانزعاج وبدأت أيضاً مطالبات ميسي الكثيرة، خصوصاً مع كشف حقائق عن قيمة صفقة النجم البرازيلي وراتبه ومكافآته، وهذا ما جعل ميسي يشعر بنوع من التهميش، والمطالبة باستعادة مرتبته ومقامه في «التدليل». ميسي تعود في كتالونيا أن يكون الرقم واحد، حتى إن برشلونة سخر كل مقوماته ليكون هذا الفتى الذي أنقذه من معاناته الصحية الأبرز في العالم، فمدربه الأسبق بيب غوارديولا تخلى عن نجوم وهدافين، مثل صامويل إيتو وزلاتان إبراهيموفيتش، كي يفسح المجال لميسي ليكون مركز التهديف، في حين سخر تشافي وأنييستا وبوسكيتس وغيرهم من نجوم البارسا كل قدراتهم للترويج لميسي وأحقيته بكل جوائز العالم، ومنها الكرة الذهبية، التي كانت واحدة منها على الأقل يستحقها أنييستا، الذي فاجأ كثيرين بتصريح قبل أسابيع بأنه يتمنى فوز ميسي بكأس العالم المقبلة، على رغم أنه كان من الأحق أن يتمنى فوز منتخب بلاده بهذا اللقب. ماذا يريد ميسي الضبط؟ ربما ماذا يريد والده بالضبط؟ كونه وكيل أعماله ومديره، فإذا كان الهدف مادياً، ومنها الراتب والإعلانات، فإن الشرط الأساسي أن يكون هو الأعلى دخلاً في النادي، وإلا فإن خورخي ميسي يعلم أن هناك أندية أخرى على استعداد لدفع أضعاف ما قد يحصل عليه ابنه في البارسا، وإذا صح هذا الاستنتاج فإنه من المؤسف أن يعبر ابنه عن رغبته وطلباته بعروض كروية باهتة وساكنة وهامدة في وقت الشدة والأزمات لناد صنع منه أسطورة. فهل ما يزال البارسا «أكبر من أي لاعب»، أم أن القاعدة انكسرت؟.