أعلن محامٍ مهتم بمتابعة ملفات قضائية أمنية ل «الحياة»، أن وزارة الدفاع الجزائرية تستمر في منع إرهابيين «تائبين» عن العودة إلى العمل المسلح، وتعقد «مصالحات» تبعاً لنداءات توجهها لمسلحين تطالبهم بالاستسلام. ويقارب عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم إلى الجيش، 80 مسلحاً خلال سنتين، أغلبهم في محافظة جيجل شرق العاصمة وفي المنطقة الصحراوية. وتعلن وزارة الدفاع باستمرار عن تسليم مسلحين أنفسهم، وأفادت في منتصف الأسبوع الجاري، بأن «أبو أسامة» القيادي في تنظيمات مسلحة منذ عام 2005 سلم نفسه إلى الجيش. ويُعرَف أن عائلات مسلحين انخرطت في شكل لافت في «الدعاية» لإجراءات العفو التي تمنحها السلطات لمَن تسميهم «الفلول» فتخيّرهم بين «الاستسلام أو سيف الحجاج». ووجهت وزارة الدفاع أكثر من نداءٍ رسمي لمسلحين تحضهم على تسليم أنفسهم «للاستفادة من التدابير السارية المفعول قبل فوات الأوان»، بينما درجت على إعلان استسلام قادة بارزين أو عائلاتهم من دون توضيح طبيعة الإجراءات القانونية التي يستفيدون منها. وذكر المحامي مروان عزي، الذي ترأس سابقاً خلية لمتابعة ميثاق المصالحة، أن السلطات تتعامل بمرونة قانونية مع هؤلاء تجسيداً لنداءات الجيش. وتابع ل «الحياة» أن «رئيس الحكومة أحمد أويحيى جدّد نداء المصالحة في عرض مخططه، كما فعلت وزارة الدفاع»، معتبراً أنه من البديهي أن «يستفيد هؤلاء من المواد 2 و3 و4 و5 من ميثاق المصالحة إلا في حال ثبتت عليهم تهم مستثناة، فيحالون على قانون الإجراءات الجزائية». ودعت وزارة الدفاع في شهر رمضان الماضي في بيان «مَن تبقى من إرهابيين إلى اغتنام هذه الفرصة للعودة إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان، والاستفادة من التدابير القانونية السارية المفعول، على غرار كثيرين ممَن سلموا أنفسهم للسلطات الأمنية، لا سيما خلال هذا الشهر الكريم». وتعطي أنباء تسليم إرهابيين أنفسهم دفعاً ل «دعاية» السلطات في مجال محاربة الإرهاب، التي تقول باعتماد سياستين: «سيف الحجاج لمَن يرفع السلاح واليد الممدودة لمَن يجنح نحو السلم». ودعا الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في أيلول (سبتمبر) 2015، في رسالة بمناسبة الذكرى العاشرة لاستفتاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الإرهابيين في الجبال إلى إلقاء السلاح. وغالباً ما تراعي السلطات القضائية عوامل «التخفيف» في التعامل مع حالات التسليم، من دون أن يتضح ما إذا كان بإمكانهم الاستفادة من إجراءات العفو الواردة في ميثاق المصالحة الوطنية والذي كان يقر عفواً فورياً لكل مَن يسلم نفسه في الفترة ما بين آذار (مارس) وآب (أغسطس) 2006. وجاء في آخر رسالة لبوتفليقة حول موضوع المصالحة: «أجدد نداء الوطن الرؤوف إلى أبنائه المغرر بهم لكي يعودوا إلى رشدهم، ويتركوا سبيل الإجرام ويستفيدوا من أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية». وسلّم إرهابي معروف باسم «أبو أسامة» نفسه إلى الجيش في منتصف الأسبوع الجاري، بعد أيام على تسليم رفيقيه الإرهابيين «أبو دجانة» و «المثنى» أنفسهم. وكان هؤلاء الثلاثة في غابات محافظة جيجل (300 كيلومتر شرق العاصمة). وزودت وزارة الدفاع، وسائل إعلام بتسجيلات لعائلات هؤلاء المسلحين تدعوهم إلى العودة إليهم.