أكد عدد من المراقبين أن دعوة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني إلى عقد اجتماع عائلي ووطني لبحث أزمة قطر وإعادة الأمور إلى نصابها «دعوة أتت في وقتها»، وأضافوا في حديث إلى «الحياة» أن تدخل عبدالله آل ثاني، والتأييد الشعبي الذي لاقاه، «يأتي في مصلحة الشعب القطري وإعادة قطر إلى البيت الخليجي» بعد التوجهات الأخيرة للنظام الحاكم في الدوحة إلى ممارسة العداء لجيرانه الخليجيين والعرب. وقال الصحافي السعودي سليمان العقيلي: «يتضح من البيان أن عناصر الأزمة ليس الدول العربية ونظام الدوحة، ومنهم الوسطاء، وإنما دخلت الأسرة المالكة القطرية على الخط، بعد أن فشل النظام القطري في القيام باستحقاقاته تجاه جيرانه وتجاه الأمن والسلام في المنطقة، كما فشل الوسطاء في وضع أية خطوة نحو الحل، ما جعل الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني والمخلصين من الأسرة المالكة في قطر يتدخلون للقيام بحل هذه الأزمة ذات الطابع الهيكلي في الأمن والسياسة والاقتصاد، والتي بدأت قبل ثلاثة أشهر»، مضيفاً: «على رغم أن بيان الشيخ عبدالله قصر دعوته على أفراد الأسرة المالكة وأعيان قطر للاجتماع وتداول الأزمة، فإن ذلك ربما يعني الخطوة الأولى في تغيير النظام السياسي في الدوحة من الأسرة المالكة والشعب القطري، لأن المتوقع ألّا تستجيب حكومة الدوحة لما سينتج من هذا الاجتماع المتوقع من حلول ومبادرات، وبهذا ستنتقل الأزمة لتكون بين حكومة الدوحة والأسرة المالكة من آل ثاني والشعب القطري، وهذا سيعزز فرص إضعاف سلطة الدوحة الحالية وشرعية المناهضين لسياستهم». خيارات بديلة وأكد العقيلي أن «هذه الخطوة، التي اتخذها عبدالله آل ثاني، بما تنطوي عليه من تداعيات، تمثل ذروة التصعيد في أزمة قطر السياسية وتعيد الكرة إلى الداخل القطري، الذي سيتأثر حتماً بأجواء العزلة والمقاطعة من بيئته الإقليمية، ويجعل الشعب القطري يفكر في الخيارات البديلة، مع أن ذلك يعتمد على موازين القوى الداخلية والخارجية». من جهته، أوضح الخبير الأمني والسياسي بدر الحمادي، أنه من المؤكد أن «الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، عندما أطلق هذا النداء إلى أبنائه وأشقائه من الشعب القطري، يعلم أن الشعب القطري أصبح من غير راعٍ أمين للوطن وللشعب، فالمسؤولية التاريخية تعيد نفسها من أجل المحافظة على الأسرة الخليجية التي هي جزء لا يتجزأ من الشجرة الأم «المملكة العربية السعودية» وجميع شقيقاتها، فما آلت إليه الأمور في حضرة تميم ووالده لا تسر أي غيور من مواطني قطر أو الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، لأن الواقع أليم وضياع للسياسة واختطافها من مجموعة ضالة لا تنتمي إلى النسيج الخليجي العربي، فمنذ تسلم تميم مقاليد الحكم من الحاكم الوالد غيّر كثيراً في المنظومة الديموغرافية لهذا الجزء الذي لا يتجزأ من النسيج الخليجي وسياسته التي نرى تخبطها، والإجراءات التعسفية في حق المواطنين القطريين أباً عن جد، وقبلها الممارسات الإرهابية مع الدول الشقيقة والدول العربية، من تدخل سافر، ورعاية الإرهاب، وممارسة سياسة الفوضى منذ عام 2011، والآن نرى، بعد كل هذه الممارسات غير المشروعة بحق الأشقاء ومواطنين بالداخل، يرتمي في أحضان العصابات الإرهابية والقوى الأجنبية، مثل إيران وتركيا، من أجل حماية ديوان الحكم من الضياع والانقلاب عليه من الداخل». المملكة عمق الخليج ويرى الخبير السياسي البحريني طارق العامر أن مبادرة الشيخ عبدالله بن على آل ثاني أسهمت في فتح أفق وأمل لدى شعوب مجلس التعاون بحلحلة الأزمة، يتمثل ذلك ببروز عنصر العقل والحكمة والطرح الوطني المخلص من لدن الشيخ عبدالله، حرصاً على سلامة أرض قطر وشعبها، وحفاظاً على الأمن الإقليمي واستقرار منظومة دول مجلس التعاون، وهو ما كنّا نراهن عليه منذ البداية، فلا ننسى أن المنطقة تجلس على فوهة بركان قابلة للاشتعال في أية لحظة، ولا يمكن للمملكة العربية السعودية، بصفتها العمق الاستراتيجي للخليج العربي، ويقع على عاتقها صون أمنه وسلامته، أن تسمح لأي كائن كان، صغر أم كبر، قطر أو غيرها، أن يهدد أمن واستقرار هذه المنظومة، وتقف متفرجة، وبالتالي، ومن منطلق المسؤولية، جاء هذا البيان حرصاً على مصلحة الشعب القطري وشعوب المنطقة، فنحن جميعاً مثل ركاب سفينة واحدة، بما فيهم قطر، إن نجت نجونا، وإن هلكت هلكنا». وشدد على أنه من هذا «المنظور، بات لزاماً على دول مجلس التعاون، والدول العربية، ودول العالم، وحرصاً على استقرار المنطقة، أن تعلن دعمها وتأييدها الكامل لهذا المبادرة لحل هذه الأزمة، وتسلم بالأمر الواقع؛ ألّا مستقبل لنظام الحمدين في هذه المنظومة، وأن طريقه بات إلى الزوال، ولا يمكن لدول مجلس التعاون، التي ضحت ودفعت بكثير من دماء أبنائها في حربها ضد الإرهاب، أن تقبل بوجود هذا النظام الداعم والممول للإرهاب، والخائن والعميل، داخل هذه المنظومة، إذ من غير المقبول والممكن أن ندور في حلقة مفرغة؛ نبحث عن حل أو نراهن على عودة نظام الحمدين إلى الرشد والتعقل، لأنه رهان خاسر، وسبق أن امتحن هذا النظام في 2014 وأخذنا عليه المواثيق والعهود، ولكنه لم يلتزم، وهذا يؤكد أن النظام فطم على الدسائس والخديعة والكذب، ووجد ضالته في دعم وتمويل الإرهاب لزعزعة استقرار أشقائه». ولفت إلى أنه من المهم «أن يقف القطريون الشرفاء في الداخل والخارج (المعارضة)، وكذلك أسرة آل ثاني الكرام، خلف الشيخ عبدالله بن علي، لينقذهم من براثن حكم الحمدين، وأن تتوحد كلمتهم لسلامة قطر وشعبها أولاً، ولسلامة واستقرار المنطقة وأمن شعوبها». وجود بديل لنظام قطر بدورها، ذكرت الكاتبة السياسية البحرينية سوسن الشاعر أنها «المرة الأولى التي يشعر فيها النظام القطري بوجود بديل له يحظى باحترام وتقدير كل أبناء مجلس التعاون الخليجي، وهذا البديل سيكون مقبولاً إقليمياً ودولياً، وسيلقى القبول من جميع الأطراف، وهذا يشكل تهديداً للنظام القطري». وأضافت: «إن الشيخ عبدالله آل ثاني، بإعلانه طلب عقد اجتماع لأسرة آل ثاني، يكون جس النبض لمعرفة مدى تقبل الأسرة الحاكمة في الدوحة والشعب القطري للتغير في السلطة». .. والدول الأربع تدرس خيارات جديدة عقد وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين ومصر اجتماعاً تشاورياً في نيويورك، لبحث أزمة قطر وآليات جديدة للتعامل معها، وذلك على هامش اجتماعات الأممالمتحدة. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيان له: «إن اجتماع الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، يهدف إلى أن تكف قطر عن دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وإن الاجتماع بحث ملف تدخل قطر في شؤون الدول الأخرى». وتابع: «نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا من المطالب التي أطلقتها الدول الأربع؛ بأن تكف قطر عن التدخل في شؤونها، وبالمثل فنحن في سياسة ثابتة ولا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأشقاء أو الدول بصفة عامة، وهو مبدأ راسخ لا نحيد عنه». وأضاف الوزير المصري: «الدول الأربع تثمّن جهود أمير الكويت، ونرى دائماً أن تدخله وجهوده محمودة وتسعى إلى العودة إلى الوئام العربي وتنقية الأجواء داخل مجلس التعاون الخليجي». وتأتي تصريحات شكري، بعد يوم من تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي نفى وجود مناقشة أممية لحل الأزمة مع قطر، وأكد أن مقاطعة الدوحة جاءت «بسبب عدم التزامها وقف دعم الإرهاب».