اشترط وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتسوية الأزمة الخليجية أن تظهر الدوحة رغبة جدية في تحقيق ذلك، وتتخلى عن «سياسات دعم وتمويل الإرهاب والتطرف والتحريض والتدخل في شؤون الدول الأخرى»، فيما أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأييد موسكو الجهود التي تبذلها الكويت لحل الأزمة الخليجية، مؤكداً أن بلاده تأمل بأن يستعيد الخليج وحدته، ما يسهم في حل المشكلات الإقليمية. وأكد الجبير، في مؤتمر صحافي عقده أمس في جدة مع نظيره الروسي، أن جذور الأزمة الحالية تعود إلى نحو 20 عاماً، واتهم دولة قطر بمخالفة اتفاق الرياض عامي 2013 و2014، قائلاً: «يجب أن تدرك الدوحة أن هذه السياسات مرفوضة». وأكد الجبير أن قطر تعلم ما هو مطلوب منها «نحن نريد وضوحاً في المواقف القطرية، كما نريد إيجاد حلول لهذه الأزمة، بحيث يتم تطبيق جميع المبادئ التي تتفق عليها جميع دول العالم، والتي تتلخص في عدم دعم الإرهاب، وعدم استضافة أشخاص مطلوبين، وعدم نشر الكراهية والتطرف، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى». وأضاف: «وهي ذاتها مطالبنا ال13 التي طالبنا بها منذ بدء الأزمة القطرية، وأرسلت إلى الدوحة عبر دولة الكويت». وأوضح الجبير أن السعودية ستستمر في الموقف ذاته إلى حين استجابة قطر لإرادة المجتمع الدولي حتى تكف يدها عن دعم الإرهاب والتطرف وبث الكراهية. ووصف السياسات القطرية على مدى الأعوام ال20 الماضية ب «العدائية»، قائلاً: «عملت قطر على التدخل في سياسات الدول الداخلية، وفي عام 2013 تم اتخاذ إجراءات ضد قطر، وتمت محادثات نتج منها اتفاق الرياض 2013 و2014 الذي التزمت قطر بموجبه بالكف عن السياسات الداعمة للإرهاب والمحرضة والمتدخلة في شؤون الدول». وأبان الوزير السعودي أن قطر لم تلتزم اتفاق الرياض، لذلك اضطرت السعودية مع شقيقاتها البحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر أن تتخذ إجراءات ضدها لتجعلها تتخلى عن سياستها في دعم الإرهاب والتطرف واستضافة المطلوبين، ونشر خطاب الكراهية والتحريض والتدخل في شؤون دول المنطقة. وقال: «إذا كانت هناك رغبة جادة لدى قطر فعليها أن تستجيب لهذه المطالب كي نفتح صفحة جديدة معها. وفي ما يتعلق بآليات التطبيق والمتابعة، يجب على قطر أن تدرك أن هذه السياسات مرفوضة، ليس من دول المنطقة فحسب، وإنما من العالم أجمع، نحن الآن نأمل بأن تسود الحكمة دولة قطر، وأن تستجيب لمطالب الدول الأربع». وبما يخص الأزمة الفلسطينية، أشار الجبير إلى أن الدول العربية عبّرت عن رغبتها في إيجاد حل للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة تسعي إلى طرح أفكار لدفع عملية السلام، مضيفاً: «نحن في السعودية نعمل مع الإدارة الأميركية والإدارة الروسية بما يخص القضية الفلسطينية، كما نعمل مع دول أخرى لمحاولة إيجاد حلول للأزمة الفلسطينية- الإسرائيلية، ونأمل بأن تثمر تلك الجهود في تحقيق تقدم في حل الأزمة». وأشار الجبير إلى أن الاجتماع مع وزير الخارجية الروسي ناقش عدداً من مواضيع وقضايا منطقة الشرق الأوسط، وقال: «تم بحث ملف الأزمة السورية، ونحن متفقون على حل النزاع السوري، بموجب قرار «جنيف1»، وقرار مجلس الأمن 2254»، لافتاً إلى أن السعودية تؤيد إنشاء مناطق تخفيف التصعيد في سورية، وتتطلع إلى بدء العملية السياسية بهدف إخراج سورية من الأزمة الحالية، منوهاً في الوقت ذاته بأن السعودية وروسيا متفقتان على أن تكون سورية بلداً مستقلاً وموحداً. وفي ما يتعلق بالعراق، أشار الجبير إلى أن السعودية وروسيا متفقتان على دعم حكومة العبادي في مواجهة إرهاب «داعش» ووحدة العراق واستقلاله. وثمن موفق روسيا حيال الأزمة في اليمن، وتواصلها المباشر مع الحكومة الشرعية في اليمن، قائلاً: «نحن نتطلع إلى حل الأزمة اليمنية، وفقاً للمبادرة الخليجية، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ومخرجات الحوار الوطني». أما في ما يخص الأوضاع في ليبيا فأوضح الجبير أن السعودية ترحب بالخطوات الهادفة إلى جمع الأطراف الليبية، وقال: «ندعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا»، مؤكداً في الوقت ذاته أن السعودية وروسيا حريصتان على مواجهة آفة الإرهاب، والتعاون والتنسيق الدائم في هذا المجال، منوهاً بأن السعودية وروسيا متفقتان على أهمية القوانين الدولية واحترام سيادة الدول، واحترام مبادئ عدم التدخل في شؤون الآخرين. لافروف من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي، في ما يخص الأزمة الفلسطينية: «نحن نحاول تحقيق المصالحة بين جميع الأطراف في الأزمة الفلسطينية وتوحيد الفصائل وعودتها تحت مظلة السلطة الشرعية الفلسطينية في رام الله». ولفت إلى أنه، على رغم تعيين مبعوث أممي خاص لحل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي والذي يعد الأقدم في العالم، والذي زار المنطقة أكثر من مرة، مؤكداً في الوقت ذاته أن روسيا على تواصل مستمر مع جميع أطراف النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. وأشار إلى أن اجتماعات «آستانة» مؤثرة في الأرض بين روسيا وتركيا وإيران، وقال: «نتعاون لبلوغ الأهداف التي تم طرحها». ونوه وزير الخارجية الروسي بأهمية أن توجد اتفاقات جديدة في شأن هيكلية المنطقة الرابعة في ريف إدلب والتوجه نحو الهدف المطلوب، الذي تمت صياغته على أساس التوافق مع القرارات الدولية باحترام سيادة سورية، من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقال: «هناك احتمال إطلاق الحوار المباشر في جنيف والمفاوضات الأممية، وإذا نجحنا في إقامة عملية المصالحة ووقف إطلاق النار وإطلاق الحوار الوطني، فستنعكس نتائجها الإيجابية على سورية كلها». وتابع: «أن موسكووالرياض تعتبران إنشاء مناطق آمنة في سورية خطوة إلى الأمام تساعد في تعزيز نظام وقف الأعمال العسكرية وحل القضايا الإنسانية»، مضيفاً أن «هذه الخطوة ستخلق الظروف لتحريك العملية السياسية على أساس القرار رقم 2254 الدولي». وأشار إلى أن موسكو تدعم جهود السعودية لتوحيد المعارضة السورية في وفد موحد، موضحاً أن هذه الجهود تسهم في تقدم المفاوضات في جنيف. وأكد لافروف موقف موسكو القائل إن السوريين وحدهم يقررون مصير دولتهم. وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق على منطقة رابعة لخفض التصعيد في إدلب، أثناء لقاء «آستانة» الجديد المنتظر أن يعقد الخميس والجمعة المقبلين. وقال: «هناك اتفاق على عمل مناطق خفض تصعيد، خلال ستة أشهر، مبيناً أن ثمارها واضحة، فالأطراف ملتزمون بنظام وقف إطلاق النار في شكل عام».