لم يكن متوقعاً قبل أسابيع فقط أن يتحوّل قصران تملكهما عائلة العقيد الليبي معمر القذافي في بلدتي درنة والبيضاء، شرق البلاد، إلى وضعهما الحالي المزري، لولا الثورة التي عمّت غالبية مدن الشرق الليبي وما زالت تتمدد عبر مناطق البلاد الاخرى. من مساعد على الحدود الليبية مع مصر انتقل مراسل «الحياة» إلى أجدابيا مروراً بطبرق ودرنة والبيضاء وبنغازي. المسافة من طبرق حتى درنة تبلغ نحو 80 كيلومتراً، والمسافرون عبر هذه الطريق آمنون إلى درجة كبيرة كونها تخضع في شكل كامل لسيطرة الثوار الذين ينظّمون دوريات أمنية تضم دبابات وآليات عسكرية ثقيلة ويرافقها أشخاص بلباس مدني وعسكري. جالت «الحياة» في درنة التي تعرّضت بوابتها للحرق، كما بدت آثار الرصاص على جدران كثير من منازلها. نفى أهالي البلدة الذين تحدثت إليهم «الحياة» في شدة ما أعلنه القذافي ونجله سيف الإسلام عن أن إسلاميين أعلنوا فيها «إمارة إسلامية». وقال زيدان محمود وهو من أهالي البلدة إن «القذافي يتحدث عن «القاعدة» لدفع الأميركيين والغرب لمساعدته». المقار الأمنية ومقار «اللجان الثورية» في البلدة مدمرة تماماً بعدما استولى المتظاهرون على أسلحتها، وباتوا يسيطرون عليها إلى جانب قوات عسكرية انضمت للثوار. اصطحب محمود «الحياة» إلى فيلا قال إنها تابعة لعائلة القذافي. المكان مدمر. كل شيء فيه نُهب إلا بعض فتات من لوحات ومرايا ومقتنيات أثرية محطمة ومبعثرة على الأرض. حتى جدران الفيلا هدمها المحتجون الغاضبون. والحال في البيضاء التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن درنة لا يختلف كثيراً. فالدمار على أبوابها، وخيم المآتم تملأ شوارعها. أهل المدينة أيضاً ينفون أي وجود ل «القاعدة» عندهم. في البيضاء أيضاً قصر للقذافي لكنه أكبر من قصر درنة. زجاجه محطّم. هنا الحدائق ممتدة لمسافات طويلة. مسبح القصر مغطى، كما أن فيه مخبأ سرياً محصناً بكتل اسمنتية ضخمة. والدمار الذي لحق به لا يوحي بأنه كان يوماً قصراً رئاسياً، بعدما نُهب كل أثاثه وحطّمت المقتنيات الأثرية فيه. وقال ليبيون إن قصر البيضاء ما هو إلا نموذج مصغر لحصن القذافي الحصين في باب العزيزية في طرابلس؛ فهو قلعة مساحتها أكثر من 20 كيلومتراً تضم مدينة محصنة تحت الأرض، بحسب روايات متداولة بين أهل شرق ليبيا.