ما بين مؤمل في فاعليتها، ومشكك في صمودها، تباينت الآراء حول مدى قوة السدود المنشأة في جدة لدرء خطر دهم السيول وتحملها لكمية المياه التي اجتاحتها، خصوصاً مع تواتر الأنباء بين وقت وآخر عن توقعات بهطول كميات أكبر من الأمطار على المحافظة وبالتالي زيادة جريان السيول، ما أثار الرعب في نفوس الكثيرين في ما إذا كانت هذه السدود قادرة على صدها أم لا. وتوجد في جدة أربعة سدود، هي سد السامر المعروف سابقاً ب «سد التوفيق»، وسد حي أم الخير الذي انهار جزئياً في الكارثة الأخيرة، إضافة إلى السد الاحترازي الموجود قرب بحيرة الصرف الصحي (سابقًا) والذي بني لحماية المدينة منها، وأخيراً السد الترابي المنشأ بالقرب من «البحيرة» نفسها. وأكد المهندس الاستشاري وعضو لجنة المهندسين في غرفة التجارة والصناعة في جدة الدكتور نبيل عباس ل «الحياة» أن السدود الترابية معمول بها في جميع أنحاء العالم، وهي إما ترابية فقط، أو ترابية مدعمة بالخرسانة، مشيراً إلى أن السؤال المهم هو ما إذا اُختيرت الطريقة الأمثل في بناء هذه السدود بالنسبة لأماكنها أم لا، أي معرفة ما إذا كان يجب أن يكون السد ترابياً أو ترابياً مدعماً بالخرسانة أو خرسانياً، معتبراً «اختيار السد بأن يكون ترابياً اختياراً قد يكون صحيحاً»، إذ إن الحكم على الخلل يكون في «تصميمه من حيث السماكة أو الارتفاع، إضافة إلى قدرته على استيعاب المياه التي يصدها أو يخزنها خلفه». وذكر عباس عوامل أخرى تؤدي إلى انهيار السدود، منها بناؤها بحسب معايير تستوعب كميات محددة من المياه ذات قوة دفع معينة، إذ تكون كميات المياه وقوة دفعها في الواقع أكبر من إمكانات السد، مستبعداً أن يكون اختيار مكان السد السبب في انهياره، وتابع: «يتم عادةً اختيار مكان السد بأدق المعايير، أي أن اختيار مكان بنائه غالباً ما يكون صحيحاً بنسبة كبيرة». وأشار إلى أنه من الممكن أن تكون جميع العوامل التي بنيت على أساسها تلك السدود صحيحة، إلا أن تنفيذ المقاول قد يكون سيئاً، وأضاف: «يجب دراسة هذه العوامل جميعاً لمعرفة سبب انهيار وتصدع السدود»، مشدداً على ضرورة وجود لجنة علمية تبحث الأسباب من خلال درس خرائط السد والمعايير التي صممت بها، إضافة إلى طريقة التنفيذ. أما الخبير الزراعي والمطلع على وضع السدود المهندس محمد حبيب بخاري فأرجع سبب الانهيار الجزئي في سد أم الخير إلى الفتحة التي وُسعت عقب إنشائه وأدت إلى إحداث تخلخل في السد من الداخل، الأمر الذي أدى إلى حدوث انهيار فيه، مبيناً أن السد المعني عبارة عن تراب مغطى بطبقة أسمنتية، رافضاً تسميته بالسد، لأنه في الأساس «عقم ترابي» تجاوز عمره 40 عاماً -على حد إفاداته-. وزاد بخاري: «عندما تم توسيع الفتحة في السد بغية تسريب مياه أكثر عبرها، أصبحت هذه النقطة ضعيفة أمام أي قوة دفع تأتيها من مياه السيول».