أكدت سيول أن بيونغيانغ نجحت في تصنيع رأس نووي يمكن تحميله على صاروخ عابر للقارات، وأرفقت كوريا الجنوبية إعلانها هذا برصد مؤشرات إلى إعداد الشطر الشمالي تجربة جديدة لإطلاق صاروخ باليستي في اتجاه المحيط الهادئ، تنفيذاً لتهديدها باستهداف جزيرة غوام الأميركية. وقدّر مسؤولون في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية قوة «القنبلة» الكورية الشمالية بخمسين كيلوطناً، أي أقوى بثلاث مرات من قنبلة هيروشيما (1945). وفي وقت أعلنت واشنطن اتفاق مجلس الأمن على درس مشروع قرار الإثنين المقبل لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية، صرح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، بأن اختبار الأخيرة قنبلة هيدروجينية الأحد، «نقل تهديدها من مستوى إقليمي إلى عالمي، وأعطاه بعداً جديداً على صعيد الإمكانات والقدرات» (للمزيد). وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إثر التجربة نزعة سيول إلى «التهدئة» مع بيونغيانغ، والتي وصفها بأنها «لا جدوى منها، لأن الكوريين الشماليين لا يفهمون إلا شيئاً واحداً»، فيما أجرت كوريا الجنوبية مناورات صاروخية بالذخيرة الحيّة لمحاكاة هجوم على موقع بيونغ يي- ري للتجارب النووية في الشمال، والذي يرجّح بأنه دُمر في تجربة الأحد. كما أعلنت سيول عزمها على نشر منصتي إطلاق إضافيتين لنظام «ثاد» الدفاعي الصاروخي الأميركي في موقع سيونغجو الذي يضم حالياً منصتين أخريين. وانتقد خبراء تجاهل ترامب الاتصال بنظيره الكوري الجنوبي مون جاي- إن في أعقاب التجربة النووية السادسة لبيونغيانغ، وحذروا من أن ضعف العلاقات بين سيولوواشنطن أو شكوكاً كورية جنوبية في هذه العلاقة قد تدفع الجنوب إلى التفكير في امتلاك سلاح ذري. وكتب الخبير في جامعة «جورجتاون» كولن كال، أن «تقويض التضامن داخل التحالف في هذه المرحلة سيكون أمراً غبياً وخطراً». في المقابل، أجرى الرئيس الأميركي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي قال لاحقاً إن بلاده «ستبذل قصارى جهدها بالتعاون مع واشنطن للدفاع عن نفسها ضد الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية، وزيادة قدراتها الدفاعية الصاروخية». وفيما بدا أن التجربة أحرجت الصين، قدمت وزارة خارجيتها احتجاجاً رسمياً لمندوب كوريا الشمالية في بكين، وقال الناطق باسم الوزارة غينغ شوانغ: «نعارض التجربة، ونحن ملتزمون نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية». لكنه اعتبر أن استكمال نشر صواريخ «ثاد» في كوريا الجنوبية يهدد بزيادة تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، علماً أن بكين تعترض في الأصل على استخدام النظام راداراً فائق القوة. ولم تستبعد روسيا تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التطورات في شبه الجزيرة الكورية، في حين شدد سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، على هامش قمة دول مجموعة «بريكس» في مدينة شيامين الصينية، على أن «أي خطوات حمقاء تتعلق بكوريا الشمالية قد تتسبب في انفجار سياسي أو عسكري وتزيد الوضع سوءاً». ودعا إلى تقديم اقتراحات واقعية لكوريا الشمالية من أجل الحوار، لكنه استدرك أن «هذا الأمر يتوقف على الأميركيين الذين يُسارعون غالباً للأسف إلى التكلم بلغة العقوبات». وقالت المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي أمس، إن بلادها تعتزم توزيع مشروع قرار جديد في شأن كوريا الشمالية هذا الأسبوع والتصويت عليه في مجلس الأمن الأسبوع المقبل. وحضت على فرض أشد إجراءات ممكنة لمنع بيونغيانغ من اتخاذ أي خطوات أخرى في برنامجها النووي. واعتبرت السفيرة الأميركية أن بيونغيانغ «صفعت الجميع على وجوههم» بالتجربة النووية الأخيرة. وفي نيويورك، بدأت الولاياتالمتحدة وشركاؤها الغربيون في مجلس الأمن إعداد مشروع قرار لفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية بالتوازي مع إجراءات أحادية لوحت بها الولاياتالمتحدة ضد «كل الدول التي تتعامل» مع بيونغ يانغ، في إشارة الى الصين. وفي مقابل التصلب الأميركي الغربي، واصلت الصينوروسيا التمسك بمقاربة «التجميد مقابل التجميد» التي تقضي بوقف الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية المناورات العسكرية بالتوازي مع وقف كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية والنووية تمهيداً لفتح الطريق أمام العودة الى المفاوضات. وأكدت السفيرة الأميركية في كلمة أمام مجلس الأمن أمس أنها ستوزع مشروع قرار جديداً بهدف التصويت عليه الإثنين المقبل، وهي فترة زمنية لطالما استغرق بحث مشاريع القرارات المتعلقة بكوريا الشمالية أكثر من ضعفها. واستغرقت المفاوضات بين الولاياتالمتحدةوالصين على مشروع القرار الأخير الذي صدر الشهر الماضي أكثر من 4 أسابيع. وأكدت هايلي رفض بلادها مقاربة «التجميد مقابل التجميد» معتبرة أنها تضعف قدرة الولاياتالمتحدة على مواجهة التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية. وقالت إن ثمة مشكلات اعترضت تنفيذ قرارات مجلس الأمن السابقة في شأن كوريا الشمالية «كان فيها المجلس ضعيفاً وبطيئاًَ، لكننا اليوم بحاجة الى موقف موحد» لفرض المزيد من العقوبات على كوريا الشمالية. وأضافت أن قدرات كوريا الشمالية الصاروخية والنووية تطورت خلال العقدين الماضيين على رغم العقوبات الدولية وقرارات مجلس الأمن، معتبرة أن «وقت أنصاف الحلول انتهى وحات وقت استخدام كل الأدوات الديبلوماسية قبل فوات الأوان». وقالت إن كوريا الشمالية تسعى الى نيل الاعتراف بها قوة نووية «لكنها لا تتمتع بالمسؤولية التي تترتب عن امتلاك هذا السلاح، وهو ما يدل على أنها تسعى الى حرب، لا نريدها ولكن صبر الولاياتالمتحدة ليس من غير حدود». وأضافت أن الوقت حان «لاتخاذ القرار، والولاياتالمتحدة ستعتبر كل من يتعامل مع كوريا الشمالية من الدول أنها تساعدها في مسعاها الشرير». ودعمت كوريا الجنوبية واليابان وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا التوجه الأميركي بضرورة تعزيز العقوبات على كوريا الشمالية والتشدد في تطبيق العقوبات القائمة. وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر إن التهديد الكوري الشمالي شهد تحولاً في حجمه وطبيعته «وانتقل من كونه تهديداً إقليمياً ليصبح خطراً عالمياً». وأكد ديلاتر دعم باريس فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية في مجلس الأمن، الى جانب تشديد العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي عليها، والتشدد في تطبيق العقوبات الدولية القائمة. وفيما رفض التعليق على الخيار العسكري، قال ديلاتر إن الإجراءات الجديدة «يجب أن تمكننا من تغيير حسابات النظام الكوري الشمالي وإعادته الى طاولة المفاوضات». وأشار السفير البريطاني ماثيو ريكروفت الى أن العقوبات الجديدة على كوريا الشمالية يجب أن تمنعها من «استغلال اليد العاملة» في إشارة الى استخدام بيونغ يانغ العمال في تنفيذ مشاريع خارج البلاد تدر على الحكومة عملة صعبة. وقال ريكروفت إن العودة الى الحوار «دون مؤشر جدي من كوريا الشمالية ستكون مقدمة للفشل، وعليها أولاً أن تغير مسارها لتسمح بالعودة الى المفاوضات، وهو ما يتطلب جبهة موحدة» في مجلس الأمن. وأكد على ضرورة التحرك سريعاً في مجلس الأمن لتبني قرار جديد. في المقابل، قال السفير الصيني لوي جيي إن بلاده لن تسمح «بنشر الفوضى» في شبه الجزيرة الكورية. وفيما أكد إدانة بلاده التجربة النووية لكوريا الشمالية، جدد الدعوة الى اعتماد خيار «التجميد مقابل التجميد» الذي أعدت له الصينوروسيا خريطة طريق مشتركة. وقال إن هذا الخيار «قابل للتطبيق ويضمن خفض التوتر والعودة الى الحل السياسي». وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن خيار «التجميد مقابل التجميد» هو الوحيد القابل للتطبيق وضمان التوصل الى حل سياسي. وأكد موقف بلاده بأن «السعي لفرض عقوبات فقط لن يشكل حلاً» كما أن «الحل الوحيد هو الحل السياسي وما من حل عسكري» للأزمة.