أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» نقلاً عن عدد من المصادر الموثوقة، بأن 11 شخصاً على الأقل قتلوا بقصف من الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي على مناطق في مدينة الرقة خلال الساعات ال24 الفائتة الماضية. وتواصلت الاشتباكات داخل أحياء الرقة بين «قوات سورية الديموقراطية» وعناصر «تنظيم داعش» على محاور في محيط مركز مدينة الرقة، وسط هجمات معاكسة نفذها عناصر من التنظيم في محيط حي المنصور شرق مركز المدينة. وترافقت الاشتباكات مع استهدافات متبادلة بين طرفي القتال، ومعلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف الجانبين. وأفاد «المرصد السوري» بأن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت على حارة البوسرايا في المدينة القديمة وتحاول تحقيق مزيد من التقدم والوصول إلى مركز مدينة الرقة، لتوسيع نطاق سيطرتها وتضييق الخناق على «داعش». وبعد طردهم من المدينة القديمة في الرقة، لا ينفك عناصر «داعش» عن محاولة التسلل اليها، لكن «قوات سورية الديموقراطية» وقناصتها المتمركزين في الطوابق العلوية يحبطون تحركاتهم بدعم من التحالف الدولي بقيادة اميركية. وفي أحد شوارع المدينة القديمة، تجول عناصر من «قوات سورية الديموقراطية» مدججين بالسلاح بين أبنية مدمرة واخرى تصدعت طوابقها العلوية، فيما تملأ المكان رائحة منبعثة من جثث ملقاة على الطريق تعود لعناصر من «داعش» قتلوا خلال المعارك. وداخل عربة عسكرية من طراز «هامر»، يقول القائد الميداني أردلان حسكة باللغة الكردية وهو يرافق فريق وكالة «فرانس برس» في جولة داخل احياء الرقة القديمة الاحد: «كل قوتهم كانت هنا، حاولوا مراراً وتكراراً الهجوم علينا بأعداد كبيرة لاستعادتها لكن رفاقنا تصدوا لهم بقوة وكسروا هجماتهم». ويضيف: «كانت (المدينة القديمة) تعد مركزهم الاستراتيجي ويتمركز فيها عناصرهم من جنسيات اجنبية». وأعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، الجمعة سيطرتها على المدينة القديمة في الرقة، بعدما دافع عنها عناصر التنظيم بشراسة طوال شهرين. وتخوض هذه القوات منذ حزيران (يونيو) بدعم من التحالف الدولي، معارك عنيفة داخل مدينة الرقة لدحر «داعش» من معقلهم الابرز في سورية. وباتت تسيطر على اكثر من ستين في المئة من مساحة المدينة. وداخل أحد الابنية، يفترش قياديون من «قوات سورية الديموقراطية» الارض، ويمسك أحدهم لوحاً الكترونياً يحددون عليه بعض نقاط تمركز عناصر التنظيم في شارع مقابل لسور الرقة القديم من جهة الجنوب. ويقومون بعدها بإرسال مجموعات من العناصر الى خطوط الجبهة الامامية. وفي العديد من أبنية المدينة القديمة، يتمركز عناصر «قوات سورية الديموقراطية» في الطوابق العلوية المطلة على بقية احياء الرقة. على احدى النوافذ، يثبّت أحد المقاتلين رشاش قنص معدل يطلق عليه اسم «زاغروس»، ثم يستعد لاطلاق الرصاص بعد رصده تحركات عناصر من التنظيم المتطرف قرب أحد ابراج خطوط الاتصالات الخلوية على اطراف المدينة القديمة. وبعد دقائق من ضربة جوية نفذها التحالف الدولي تسببت بتصاعد سحابة من دخان كثيف، يشرح القيادي الكردي في «قوات سورية الديموقراطية» أركيش سيامند ل «فرانس برس» وهو يراقب المكان المستهدف من نافذة مرتفعة: «نقوم بتمشيط الشوارع المحيطة بالرقة القديمة وهاجم داعش بعض نقاطنا لكننا تصدينا لهم وطيران التحالف قصفهم». ويتوقع هذا القيادي أن يحاول التنظيم «تكرار الهجوم مجدداً في محاولة لاستعادة المدينة القديمة التي تحظى بأهمية استراتيجية». ومع سيطرتها على المدينة القديمة في الرقة، باتت «قوات سورية الديموقراطية» تشرف على المربع الامني الذي يتحصن فيه مقاتلو التنظيم في وسط المدينة حيث الاحياء السكنية الأكثر كثافة. وكانت هذه القوات دخلت المدينة القديمة بعدما أحدثت طائرات التحالف قبل شهرين ثغرتين في السور العباسي الذي يحيط بها ويعرف بسور الرافقة. وعاين مراسل وكالة «فرانس برس» اضراراً لحقت ببعض اجزاء السور القديم نتيجة الاشتباكات وقصف الطيران، وشاهد بالقرب منه سيارات متضررة مركونة على مداخل الشوارع الفرعية المكسوة بطلقات رصاص فارغة شاهدة على ضراوة المعارك التي دارت في المكان. وفي احياء اخرى من المدينة القديمة، تمكن مشاهدة ستائر زهرية واخرى بنية اللون معلقة في الشوارع الرئيسية لصد قناصي التنظيم وتوفير هامش اوسع لتحركات «سورية الديموقراطية». وتعد صوامع الحبوب الواقعة على بعد نحو كيلومتر من المدينة القديمة الهدف المقبل لقوات «سورية الديموقراطية». ويقول المقاتل أحمد العيسى (25 سنة) وهو يشير بيده اليها: «سنتجه بإذن الله الى الصوامع لتحريرها من داعش الارهابي». وفي مبنى قريب، تتركز قناصات من قوات حماية المرأة الكردية ويراقبن تحركات عناصر التنظيم قرب الصوامع. وتقول المقاتلة العشرينية بيريتان جودي وهي تضغط اصبعها على زناد سلاحها الملقى على وسادة مزخرفة من احدى النوافذ: «نراقب عناصر داعش ونقنصهم اذا حاولوا التقدم». وتضيف بفخر: «نتمركز في هذا المكان الاستراتيجي وننتظر الفريسة من الدواعش لنحطم رؤوسهم».