تواصل السجال حول نتائج المفاوضات التي انتهت إليها العمليات العسكرية في جرود القلمون السوري والجرود الشرقية للبقاع اللبناني، أمس، لا سيما لجهة خروج مسلحي «داعش» بالحافلات إلى دير الزور، في وقت تأكد أن التنظيم الإرهابي قتل العسكريين الذين كان خطفهم، فانتقد فريق اتفاق «حزب الله» مع «داعش» لهذه الناحية، فيما دافع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عنه، داعياً إلى التحقيق لمعرفة من تركهم لمصيرهم. وذهب مؤيدو «حزب الله» إلى اتهام حكومة الرئيس تمام سلام على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك «تيار المستقبل» بالحؤول دون قيام الجيش بعمل عسكري لتحرير العسكريين المخطوفين عام 2014. وأدت ردود الفعل على دفاع نصرالله عن التفاوض الذي خاضه الحزب مع «داعش» إلى ردود فعل وتصعيد في حدة التخاطب السياسي بين الفريقين. واعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري أن «الرئيس تمام سلام أعلى من أن تصيبه سهام المتحاملين، كنّا إلى جانبه وسنبقى، «لحد هون وبس». وقال: «لا أذكر أن المتحاملين على تمام بك سلام اليوم، انسحبوا من حكومته يومها احتجاجاً على ما يزعمونه الآن». وأشار رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ، عبر «تويتر»، إلى أن «الفجّار يأكلون الحصرم وأهالي الشهداء يضرسون». وغرد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط ، قائلاً: «كفى لعباً بعواطف الأهالي ومزايدة. في الحرب كلّ جندي معرّض للاستشهاد أو الأسر. أمّا تحميل الرئيس سلام المسؤولية، فمعيب». ولفت رئيس حزب « القوات اللبنانية «سمير جعجع إلى أن النقطة التي لم أفهمها حتى الآن هي ما سر الصفقة التي تمت بين حزب الله وداعش؟ يقولون إنها تمت لمعرفة مصير العسكريين المخطوفين، ولكن ما يدحض هذه النظرية أن داعش كانت مطوقة، ولو تم الإطباق عليها لكان وقع المئات من عناصرها في الأسر ما كان سيؤدي حكماً إلى معرفة مصير العسكريين المخطوفين». وأضاف: «أما إذا قال البعض أن الصفقة تمت لإعادة أسير من حزب الله لدى داعش فهنا الجواب بشقين: أولاً ليس من المنطقي أن يعمل حزب الله على الاستفادة من عملية للجيش اللبناني أدت إلى استشهاد 7 عسكريين وعشرات الجرحى من أجل استعادة أسير له في معارك حصلت داخل سورية. وكان يمكن للحزب أن يقوم بهذه الصفقة بعد أن يطرد الجيش اللبناني داعش كلياً من الأراضي اللبنانية وليس قبل ذلك كما جرى». وتابع: «من كل ما تقدم يتبين أن الأسباب الفعلية للصفقة هي غير الأسباب المعلنة، بمعنى أن النظام السوري عاش طويلاً جداً على رعاية مجموعات إرهابية مختلفة ليس داعش آخرها، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يفسر الصفقة التي تمت. كما يظهر أن قيادة حزب الله انزعجت كثيراً من ظهور جيش لبناني قوي استطاع اجتياح 100 كلم في جرود رأس بعلبك والقاع في فترة 48 ساعة، والتف حوله كل الشعب اللبناني منذ اللحظة الأولى وساندته كل الدول العربية و المجتمع الدولي ، في شكل أنه بان جلياً من هي القوة التي يمكن أن تدافع عن لبنان». وزاد: «للأسف سارع السيد حسن نصرالله إلى محاولة مصادرة المشهد من خلال إطلالات إعلامية مكثفة ومتكررة في وقت أن الجيش هو من يقاتل، ولم يكتف بذلك بل دعا إلى تظاهرة احتفالية الخميس (غداً) بمعركة الجرود التي انتهت في الشكل الذي انتهت فيه، فيما السؤال الذي يطرح نفسه: ألم يكن ما تحقق هو انتصار للشعب حتى تتم مصادرته من قبل حزب واحد وفي محاولة للظهور بمظهر أب الانتصار؟». حرب ودرباس ريفي وحكيم ونوه النائب بطرس حرب، بانتصار الجيش، معتبراً أنه «انتصار مجبول بغصة، وما يزيدها أن هناك مساعي لعدم معاقبة ومطاردة وقتل الإرهابيين الذين قتلوا أبناءنا بمساع وحوار أخرج الداعشيين المسؤولين عن قتل أبنائنا العسكريين من دون عقاب ووجد لهم طريقاً آمنة نحو سورية». وقال: «السيد حسن يعتبره يوم انتصار ل «حزب الله»، ولكن أنا كمواطن وكنائب لبناني، أعتبر أن الأعياد الوطنية تحددها الدولة اللبنانية وهي المرجعية التي تحدد كل شيء». وعن المسؤول عن عدم استكمال المعركة في عام 2014 ضد «داعش»، قال: «لقد كنت وزيراً في الحكومة آنذاك، وقد طرح هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، وكان قائد الجيش موجوداً وقال لنا: «إذا أردت أن أتابع المعركة ضمن عرسال سيسقط أكثر من ألف قتيل وسيسقط شهداء من بين الأهالي، لأن الإرهابيين فروا إلى عرسال وسكنوا ضمن البلدة»، وكان خيار ونصيحة قيادة الجيش آنذاك، ألا نتابع المعركة منعاً لسقوط ضحايا إلا إذا قررت الحكومة أن تتحمل مسؤولية سقوط ألف قتيل وأكثر». ولفت إلى أن «الحكومة تأخذ قراراتها انطلاقاً من المعطيات التي يضعها المسؤول العسكري في الميدان أي قائد الجيش وقيادة الجيش». ولفت النائب عن « الجماعة الإسلامية « عماد الحوت ، إلى أنّ « في اليوم الأول من « فجر الجرود « حصلت مسرحية استسلام مجموعة من «داعش» ل «حزب الله» لا للجيش بهدف حرف الانتباه عن الجيش اللبناني إلى مكان آخر». ولفت إلى أنّ «مسلحي تنظيم «داعش» لم يستسلموا إلى الجيش، لأنّهم يدركون أنّه جيش دولة، يمكن أن يجري مفاوضات، لا صفقات»، متسائلاً: «هكذا، من يقتلون الجنود اللبنانيين، ننقلهم بأسلحتهم وبباصات مكيّفة؟»، مركّزاً على أنّ «هذا الإرهاب هو صنيعة النظام السوري ، وانتهت مهمّته على الحدود، فنُقل لتأدية هذه المهمة في مكان آخر». واعتبر الوزير السابق رشيد درباس أن «من المؤسف بعد انتصار الجيش وشفاء لبنان من المرض الإرهابي الخطير، بدل أن يحتفل لبنان كله بهذا الانتصار ويحزن على الشهداء وإذا نتفاجأ بأوركسترا منسقة تستهدف الحكومة السابقة وكأن الحكومة الحالية مختلفة عنها»، مشيراً إلى أن «التصويب على الرئيس سلام في قضية العسكريين هو تصويب على الرئيس الحريري». ولفت إلى أن «حكومة سلام كانت من كل الأطياف وتضم ممثلين لحزب الله ويومها اعترضا على التفاوض». وسأل الوزير السابق أشرف ريفي عبر «المركزية» عما «إذا كانت الحكومة اللبنانية على علم «بفضيحة» تهريب مقاتلي داعش نتيجة صفقة أبرمها حزب الله مع التنظيم. وإذا عرفت بها، فلماذا لم يتخذ مجلس الوزراء قراراً في هذا الشأن»؟». واعتبر وفق ما نقلت «المركزية» عنه أن «ما حصل معيب، لا سيما لجهة نقل الإرهابيين إلى سورية من دون أي محاكمة». وعن كلام نصرالله سأل: «كيف يصمت المسؤولون الرسميون عن كلام كهذا؟ الصمت الرسمي مخجل ويعد اعترافاً من السلطة بأنها تأتمر بأوامر حزب الله والوصاية الإيرانية». وأوضح الوزير السابق في حكومة سلام، آلان حكيم أن «الكتائب وعدداً من الأفرقاء كانوا يطالبون بتدخل الجيش في عرسال عام 2014 لإنهاء الحالة الشاذة». وفي تعليق على الصفقة الثلاثية التي أنهت عملية «فجر الجرود»، قال: «شهدنا ما يمكن اعتباره «اتفاق العار». ومن الواضح أن حزب الله أبرم تسوية مع النظام السوري وداعش. وإذا كان هذا الاتفاق صب في مصلحة لبنان، لجهة اقتلاع الشوكة الداعشية من خاصرته الحدودية، غير أن هذا لا ينفي أن مصلحتنا لا تقتضي أن يعود جنودنا في نعوش، علماً أننا كنا قادرين على إنهاء داعش».