انسحب من تبقى من مسلحي تنظيم «داعش» امس، من جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة اللبنانية للانضمام الى القوافل المغادرة الى العمق السوري مع مسلحين من امثالهم في الجرود السورية، وذلك تنفيذاً لاتفاق وقف النار والمبادلة الذي توصل اليه «حزب الله» مع «داعش». وتقضي مرحلة الاتفاق الاخيرة باطلاق «داعش» أسيراً للحزب وتسليم جثتي مقاتلَين منه قضيا في البادية السورية بعد وصول قافلة المنسحبين الى منطقة دير الزور. وكان نحو مئة امرأة وطفل خرجوا من مخيمات عرسال للنازحين السوريين للانضمام الى المنسحبين من الجرود اللبنانية. ونقل اعلاميون لبنانيون ادخلهم «حزب الله» الى الجرود السورية ان عدد المسلحين المنسحبين لا يتجاوز 200 مسلح. وكان 50 مسلحاً في اليوم الاول لمعركة «فجر الجرود» انسحبوا من الجرود السورية الى الداخل السوري بمواكبة من «حزب الله» والجيش السوري وبمرافقة عائلاتهم وقال أحدهم في حينه للكاميرات عن سبب انسحابه: «اننا خلصنا». وفيما انحصرت التغطية الاعلامية لحدث التبادل بالجانب السوري من الجرود وتحديداً حيث يتواجد مسلحو «حزب الله» وعسكريو الجيش السوري، نظم الجيش اللبناني جولة اعلامية لمحطات التلفزة المحلية والاجنبية الى الجرود اللبنانية التي أخلاها المسلحون. مصدر عسكري وجدد مصدر عسكري لبناني التأكيد ل «الحياة» ان «لبنان لم يفاوض ولم ينسق مع الجانب السوري، نحن مارسنا القصف العنيف ما سرع عملية استسلامهم». واعتبر المصدر نفسه ان «من المؤكد ان مفاوضات مسبقة كانت جارية بين حزب الله وداعش وانتهت الى وضع ترتيبات الانسحاب ولا يمكن أن يحصل الامر خلال ساعتين او ثلاثة اي بين الثانية والنصف بعد منتصف ليل السبت- الاحد وبين السابعة صباح الاحد موعد اعلان وقف النار». وقال المصدر ان «المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كلفته الحكومة اللبنانية متابعة ما تم الاتفاق عليه بين حزب الله والداوعش». وعن السجال الحاصل في شأن «لو نفذ الجيش اللبناني عمليته في العام 2014»، قال المصدر العسكري: «لو كان هناك قرار سياسي كنا جربنا، لكنهم لم يتركوا لنا مجالاً كي نجرب»، ولفت الى «ان الجانب السوري لم يقدم على هذه العملية من جهته علماً ان الدواعش جاؤوا من الجانب السوري وتمددوا الى الجرود اللبنانية». وعن العسكريين المخطوفين، لفت المصدر الى ان الجيش اللبناني ومن خلال مخابراته كانت لديه معطيات ان العسكريين جرت تصفيتهم منذ زمان وكانت لدينا معلومات عن انهم مدفونون في البقعة التي تم العثور عليهم فيها لكن لم يكن بالامكان الوصول اليها». ولفت الى ان «حزب الله» كان دخل هذه البقعة في اليوم الاول من معركة جرود عرسال، الى وادي الدب ومنه الى وادي الزمراني، اي ان العسكريين كانوا في بقعة يتواجد فيها الحزب منذ اليوم الاول للمعركة وبالتالي لم تكن هناك حاجة للتفاوض مع احد. وعن مصير الجرود في ضوء الانسحاب الداعشي منها، قال المصدر ان هناك كميات كبيرة من الالغام في الممرات وفي المراكز التي اخلاها المسلحون ونعمل على تمهيد الارض للدخول في مرحلة الانتشار. وذكر الإعلام الحربي المركزي للحزب، أنّ «مسلحي داعش يحرقون نقاطهم وآليّاتهم في أماكن تواجدهم في جرود القلمون الغربي». وتحدث عن ادخال «11 سيارة إسعاف للهلال الأحمر السوري من معبر الشيخ علي - الروميات إلى المربع الّذي يتواجد فيه مسلحو داعش في جرود القلمون الغربي لاجلاء الجرحى منهم». وغادر من عرسال عشرات النساء والاطفال من عائلات مسلحي «داعش» في فانات صغيرة جرى تأمينها الى البلدة اللبنانية لاجلاء هذه العائلات وغادرت في العاشرة والنصف صباحاً للانضمام الى قافلة المسلحين حيث تتجمع القافلة برمتها في بلدة قارة السورية ومنها تنطلق الى العمق السوري. اللواء إبراهيم وكان اللواء ابراهيم رد على الاصوات التي ارتفعت عن عدم توقيف قتلة العسكريين بل انه تم انسحابهم في باصات مكيفة، وقال للاذاعة اللبنانية الرسمية: «نحن دولة لا تمارس القتل والانتقام ولبنان يلتزم مقتضيات القانون الدولي»، موضحاً ان «الجيش عندما انطلق في مهمته كان لهدفين: تحرير الجرود وكل التراب اللبناني وكشف مصير العسكريين المفقودين التسعة، ولم تكن مهمته القتل». وأشار الى انه «على مدى 3 سنوات كانت الامور صعبة ومعقدة جداً، وفي الاشهر الثلاثة الاولى بعد خطف العسكريين كان هناك مجال للتفاوض، وأرسلت داعش وسيطاً للتفاوض لكنه اختفى فجأة، وما لبث ان تبعه 13 وسيطاً لكنهم جميعا لم يتمتعوا بالصدقية». وقال: «من يقع بين يدي داعش لا بد أنه سيسقط شهيداً، لأن مدرستهم هي مدرسة الاجرام والقتل، وهذا ما حصل منذ شباط 2015 مع عسكريينا الابطال الشهداء. ايقنت في تلك اللحظة وحصلت على معلومة مؤكدة وموثقة بأن هؤلاء قد استشهدوا وكنا ننتظر اللحظة المناسبة لاعادتهم الى احضان الوطن بكرامة وعزة». وقال انه «لمح لأهالي العسكريين عن استشهاد ابنائهم منذ نحو سنة وابلغتهم في ذاك الوقت، انه مهما كانت نتيجة هذا الملف يجب اقفاله، ولاحظت ان نظراتهم تلاقت وأنهم ضمناً رفضوا هذا التلميح وتصديقه، حتى أنهم رفضوه عندما أبلغتهم به يوم أمس. انا لا الومهم، وانا اتقبل لومهم لي بكل محبة اذا كانوا يلومونني». ولفت الى أن «المصدر الذي أرشدنا بدقة الى مكان العسكريين الثمانية، أكد لنا هروب العسكري التاسع مع داعش، وبالنسبة الينا هذه المعلومة بحاجة الى التأكيد». وقال: «ليل السبت- الاحد لم أنم ولا دقيقة ولم ادع احداً ينام، من رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش جوزيف عون، ومدير المخابرات وضباط الامن العام، واستمررت بالعمل». وعن مصير المصور الصحافي سمير كساب والمطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، أكد ابراهيم أنهم «كانوا من ضمن بنود التفاوض الاخير، ولكن داعش أكد أنهم ليسوا لديه وأنه لا يملك المعلومات حول مصيرهم وليس هو من خطفهم، الآن نحن في اطار مراجعة هذا الملف من بداياته لتحديد الجهة الخاطفة. أنا أصدق داعش لأنه كان في حال انهيار وتحت ضغط الاستسلام، وبالتالي لا يمكنه إخفاء شيء». وطمأن الجميع الى «أننا نملك الكثير من الاوراق للتفاوض في اي ملف وستثبت الايام ذلك. حققنا هدفين: تحرير الارض وتحرير جثامين شهدائنا». رواية من «الجيش الحر» أحد مسلحي «سرايا اهل الشام» (الجيش الحر) تابع عملية استسلام «دواعش» الى حزب الله من اليوم الاول لمعركة «فجر الجرود» وصعودهم امس الحافلات للمغادَرة. وقال ل «الحياة»: «اننا مصدومون، كيف يمكن اطلاق سراح قتلة العسكريين ونحن في الجرود خلال السنوات الماضية تردنا روايات التعذيب والقتل الذي مارسوه يحق العسكريين المخطوفين وصولاً الى قتلهم». وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه خشية التعرض له إن «احمد وحيد العبد الملقب ب «ابو براء»، هو حاكم شرعي تصدر عنه فتاوى القتل وهو من امر بقتل العسكريين. ورأينا صوره في اليوم الاول لاستسلام الدواعش يظهر بلحيته وشعره الطويل ويلف رأسه بغطاء رأس، وهو كان سلم جرد المال وجرد الزمراني الى حزب الله من اليوم الاول». وكشف المصدر الذي يقول «ان رواياته كان يتناقلها كل من كان يقيم في الجرود حيث لا شيء يمكن التكتم عليه»، ان «الدواعش قتلوا بداية 3 عسكريين: الاول تم طعنه برقبته وتصويره، والثاني قتل خلال محاولته الهرب بواسطة بيك آب بواسطة الرصاص وواحد قتل ذبحاً». وأشار الى ان طفلاً عمره 14 سنة، وكان حاول الهرب من الدواعش للانضمام الى جبهة النصرة، كان جزاؤه القتل من الدواعش الذين اتهموه بالخيانة وقتل بطريقة بشعة جداً وجرى دفنه الى جانب العسكريين الثلاثة في حينه». وقال المصدر نفسه من «الجيش الحر»: «وبقي 5 عسكريين جرى استغلالهم في تأمين الحطب للوقود من قبل المدعو حسام طراد الملقب ب «ابوبكر قارة»، واتخذ قرار قتلهم بأمر من احمد وحيد العبد ونفذه «ابو بلقيس» وهو كان جاء الى الجرود من الرقة بأمر من البغدادي مع ابو وليد الشرعي وابوعبدالله العراقي وذلك بعد معركة عرسال بنحو خمسة اشهر. وجرت تصفيتهم لان ابو بلقيس يريد العودة الى الرقة ولا يريد ممن خلفه الدخول في مفاوضات لاطلاقهم، خوفاً من كشف معلومات كثيرة». واشار المصدر نفسه الى ان باسل عبد القادر الملقب ب «أبو انس السحلي» واحد من الدواعش الذين اسروا العسكريين عند حاجز وادي الحصن، وهو في قبضة مخابرات الجيش منذ عشرة ايام، اذ انه كان موجودا في مخيمات عرسال». يذكر ان «الجيش الحر» و «سرايا اهل الشام» كانا تعرضا لهجوم من «داعش» في القلمون لطردهم من عدد من المناطق خلال السنتين الماضيتين.