بحث وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيان مع المسؤولين العراقيين في بغداد أمس الحرب على تنظيم «داعش»، وأكدا أن الحرب على الإرهابيين لم تنتهِ بعد، فيما دعا المسؤولون العراقيون المجتمع الدولي إلى المساهمة في مرحلة بناء العراق بعد «داعش» عسكرياً واقتصادياً وإعمار المدن المدمرة بسبب الحرب. ووصل وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، وزميلته وزيرة الدفاع، فلورانس بارلي، إلى بغداد أمس في زيارة لم يُعلن عنها مسبقاً، وعقدا لقاءات مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس الحكومة حيدر العبادي ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن فرنسا ستمنح العراق قرضاً بقيمة 430 مليون يورو، بعدما تأثرت موازنة العراق بسبب مكافحة الإرهاب وتراجع أسعار النفط. وأبلغ وزير الخارجية الفرنسي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال اجتماع ظهر في بغداد أمس أنه سيتم صرف المبلغ قبل نهاية العام. كما سلم لودريان العبادي دعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لزيارة فرنسا. والغاية من القرض الفرنسي دعم الموازنة العراقية لتشجيع إصلاحات مالية عميقة في البلاد. ويفرض القرض، على غرار قروض البنك الدولي، تحسين إدارة المالية العامة والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى فاعلية أكبر في مجال الطاقة. وتقدر كلفة إعادة إعمار العراق بنحو 700 بليون دولار. وقال الجعفري في مؤتمر صحافي مع الوزيرين الفرنسيين إن «فرنساوالعراق ضمن ضحايا الإرهاب (...) ونحن مع تضافر كل الجهود للاقتصاص من عناصر داعش الأجانب الذي ارتكبوا جرائم في العراق وهربوا إلى بلدانهم»، مشدداً على «ضرورة منع انتشارهم والتعاون وإنزال أشد العقوبات بهم». وأعرب الجعفري عن شكره لفرنسا وبقية الدول التي دعمت العراق، مؤكداً أن «باريس أوفت بالتزاماتها مع بغداد، ووفرت دعماً وغطاء جوياً لعب دوراً كبيراً في ترجيح كفة العراق، ونحتاج إلى تعاون أكبر لمتابعة المجرمين». ودعا الجعفري فرنسا إلى «التعاون المشترك لإعادة البناء والإعمار في المناطق المحررة من داعش». من جهتها وزيرة الدفاع الفرنسية خلال المؤتمر عن سعادتها بزيارتها الأولى إلى العراق، وهنأت القوات العراقية والشعب والسلطات على «التزامهم هذه الحرب»، قائلة «أحيي الانتصار العظيم في الموصل، إنه انتصار رائع وهزيمة كبيرة لداعش». وأكدت «أهمية عمل باريسوبغداد معاً للانتقال إلى مرحلة السلام»، مشدّدة على أن «فرنسا ملتزمة قوة، في إطار التحالف الدولي، على صعيد التدريب والدعم». كما أشاد وزير الخارجية الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي «بشجاعة القوات العراقية وعزمها»، موضحاً أن «الحرب على داعش لم تنتهِ بعد، وأن باريس مستمرة في دعم العراق، خصوصاً وأن البلاد تدخل في مرحلة البناء، وهناك حاجة إلى دعم فرنسا وهذا ما يفسر وجودنا». وأكد لودريان أن باريس لا تطرح رحيل الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً مسبقاً، إنما ترى أولويتها في الحرب على تنظيم «داعش» في الأراضي السورية. ووصف الوزير الفرنسي الملف السوري بأنه الموضوع الأساسي في الحرب الدائرة على الإرهاب، مشدداً على أن فرنسا كانت وستظل في الخطوط الأمامية لهذه المعركة. وأوضح أن المبادئ التي تستند إليها بلاده في الملف السوري هي التزام جميع أطراف النزاع بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتوسيع مناطق وقف إطلاق النار لتشمل الأراضي السورية بأكملها. وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات لودريان في شأن الملف السوري ليست البادرة الأولى التي تظهر تغير موقف باريس إزاء هذه الأزمة، إذ أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد توليه الحكم في أيار (مايو) أن فرنسا لم تعد ترى في رحيل الأسد شرطاً ضرورياً لحل الأزمة السورية، وذلك بسبب غياب أي بدائل حقيقية له. وكرر الوزير لودريان موقف ماكرون إزاء الصراع السوري بقوله إن فرنسا تريد كسر الجمود في الأزمة السورية، وأن رحيل بشار الأسد ليس شرطاً مسبقاً. وكان لودريان أجرى محادثات الأربعاء الماضي في باريس مع المبعوث الأممي لسورية، ستيفان دي ميستورا. وقالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية إن باريس اقترحت إنشاء مجموعة اتصال لإطلاق جهود دي ميستورا ودعمها، وإن باريس تؤيد جهوده لإشراك أكبر عدد ممكن من اللاعبين السوريين في المفاوضات.