بدا أن المصريين سيظلون يترقبون وضوح خارطة المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في صيف العام المقبل، حتى الساعات الأخيرة لغلق باب الترشح، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيظل مسيطراً على المشهد خلال الأشهر المقبلة. فعلى رغم أن الرجل لم يعلن صراحة ترشحة لولاية ثانية، فإن الحملات المؤيدة له انطلقت مبكراً، بالتزامن مع دعوات أخرى يتبناها نواب لإجراء تعديلات على مواد في الدستور تتضمن تمديد مدة ولاية الرئيس من أربع سنوات إلى ست، في حال إقرارها سيستفيد منها السيسي، الذي دشن معارضوه حملة لجمع توقيعات المصريين لرفض إجراء تلك التعديلات. وبعد نحو شهرين من حملات إعلامية مكثفة ركزت على إبراز إنجازات الرئيس المصري تزامنت مع مرور ثلاث سنوات على وصوله إلى سدة الحكم، يدشن نشطاء مؤيدون للرجل الأسبوع المقبل حملات شعبية لدعم ترشحه لولاية ثانية، في مقابل غياب تام للمعارضة والمنافسين المحتملين الذين واصلوا التركيز على انتقاد سياسات الحكم لا سيما في الملف الاقتصادي، من دون طرح بدائل أمام المصريين. ومن المقرر أن تعقد مجموعة من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والشعبية مؤتمراً الأحد المقبل في القاهرة لإطلاق حملة لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية المقرر انطلاق إجراءاتها مطلع العام المقبل، تحمل شعار «معك من أجل مصر». وأوضح المنسق العام للحملة الدكتور أحمد عبدالهادي، أن المؤتمر يستهدف إعلان دعم الرئيس المصري لفترة رئاسية ثانية، ومساندته في مواجهة التحديات التي تحاصر الدولة المصرية وإعلان خطة عمل الحملة، التي لن يقتصر دورها فقط على مساندة السيسي في الحملة الانتخابية الرئاسية، بل سيستمر عملها بعد خوضه الانتخابات لدعم سياساته وتقديم المقترحات في القضايا والمشكلات التي تواجهها البلاد. وأكد أن الانضمام إلى الحملة مفتوح لجميع القوى السياسية والمجتمعية بشتى توجهاتها طالما كانت تتفق مع أهدافها لاستقرار الجبهة الداخلية وحمايتها من التحديات التي تواجهها. في المقابل، استمر الجدل حول اقتراح يتبناه نواب في البرلمان لإجراء تعديلات على مواد في الدستور المصري، الذي تم تمريره عام 2014، تتضمن تعديل مدة ولاية الرئيس من أربع سنوات إلى ست، إذ دشنت مجموعة من السياسيين، أغلبهم من المعارضيين للرئيس المصري حملة لجمع تواقيع المصريين على بيان رافض إجراء تلك التعديلات على الدستور. ومن بين المشاركين في تلك الحملة عضوان في «لجنة الخمسين» التي صاغت الدستور: السياسي البارز عبدالجليل مصطفى ومؤسس حزب «المصري الديموقراطي» محمد أبوالغار، إضافة إلى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، وهدى الصدة، وإبراهيم عوض، والعضو السابق في مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي، وأستاذ القانون محمد نور فرحات، والروائية أهداف سويف، والمرشح الرئاسي السابق رئيس حزب مصر القوية عبدالمنعم أبوالفتوح، ووزير القوى العاملة الأسبق أحمد البرعي. وأوضح البيان الذي وقَّع عليه أكثر من 40 شخصية عامة وسياسية أن الهدف من وراء تلك الحملة «القلق الشديد من الدعوات التي خرجت تطالب بتعديل الدستور»، داعياً إلى «عدم التسرع في إجراء تعديلات على الدستور قبل أن ينقضي وقتٌ كافٍ للحكم على ما إذا كانت بعض نصوصه لا تتفق مع أوضاع متغيرة في البلاد، وتعيق تقدمها أم لا، خصوصاً أنه لم يمض على موافقة الشعب على هذا الدستور أكثر من 3 أعوام ونصف العام، وهي فترة قصيرة ولا تصلح للحكم على ما إذا كانت بعض مبادئه الأساسية واجبة التعديل من عدمه». وأضاف الموقِّعون على البيان أنهم كانوا يتوقعون من الحريصين على دعم الدولة المصرية ونظامها السياسي أن ينصبَّ اهتمامهم على وقف انتهاكات عديدة للدستور يتعلق بعضها بالحريات الأساسية في التنظيم والتعبير والسلامة الشخصية، والفصل بين السلطات، وتطبيق أحكام القضاء، واستكمال الاستحقاقات الدستورية التي لم يتم الوفاء بها بعد على رغم أهميتها، وفي مقدمتها إنشاء مفوضية لمنع التمييز وإصدار قانون ديموقراطي للإدارة المحلية، واعتبروا أن مبررات المطالبين بتعديل الدستور «واهية»، وحذّروا من أن أخطر ما يترتب على اقتراح تعديل الدستور هو «العصف بمبدأ الفصل بين السلطات»، قبل أن ينبّهوا النواب إلى «أن هذه الدعوات لا تقوم على أساس قانوني صحيح، وتهدد استقرار الوطن» ودعوا إلى «توجيه الاهتمام بتفعيل كل مواد الدستور التي وافق عليها الشعب، واستكمال الاستحقاقات الدستورية، وألا يدخلوا التاريخ كأول سلطة تشريعية تتنازل عن بعض اختصاصاتها لمصلحة السلطة التنفيذية». في غضون ذلك، حضر الرئيس المصري أمس الاحتفال الذي نظمه الجهاز المركزي للمحاسبات لمناسبة مرور خمسة وسبعين عاماً على إنشائه، بمشاركة رئيس ديوان المحاسبات في الإمارات ورئيس ديوان المراقبة العامة في المملكة العربية السعودية. واستهل السيسي زيارته مقر الجهاز بكتابة كلمة في سجل كبار الزوار، أكد فيها محورية الدور الذي يقوم به منذ إنشائه في الرقابة على أموال الدولة والجهات التابعة لها. وأشاد بالأثر الكبير لدور الجهاز في ضبط وتحسين أداء الأجهزة التنفيذية بالدولة وضمان حُسن إدارة الإيرادات والمصروفات العامة، داعياً العاملين في المؤسسة إلى مواصلة الجهد والعمل المخلص من أجل رفعة مصر وتقدمها. وألقى المستشار هشام بدوي رئيس الجهاز كلمة عرض فيها دور الجهاز في ترشيد السياسات المالية بالدولة ومكافحة الفساد وكشف المخالفات ومتابعة المشروعات الكبرى، مؤكداً أن الدعم الذي قدمته الدولة وإعادة الاعتبار لقيمة الرقابة والمساءلة أسهما في تفعيل الدور الإيجابي للجهاز وللممارسة الرقابية. كما ألقى حارب العميمي رئيس ديوان المحاسبة في الإمارات كلمة أعرب فيها عن أهمية الدور الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في المحافظة على ممتلكات الشعوب، مشيراً إلى أن العمل الرقابي أصبح يشغل حيزاً كبيراً على المستويين الوطني والدولي، نظراً لما يساهم به في رفع أداء الحكومات وحسن توظيف المخصصات المالية، بما ينعكس على تحسن مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للشعب. وأشاد بالعلاقات المصرية- الإماراتية، وخصوصية العلاقات بين الجهاز المركزي للمحاسبات المصري ونظيره الإماراتي.